معلومات استخبارية: ألمانيا شاركت في الحرب على العراق بدون إعلان رسمي

TT

برلين ـ ا.ف.ب: رفضت المانيا في عهد المستشار غيرهارد شرودر في موقف مدو المشاركة في الحرب على العراق، لكن بعد ثلاث سنوات، كشفت معلومات للاستخبارات ان هذا الرفض كان «اقل حدة» من الموقف الفرنسي المعادي للاميركيين في هذه القضية.

وكان احد اسباب فوز المستشار الاشتراكي الديمقراطي في انتخابات سبتمبر (ايلول) 2002 معركته ضد جورج بوش في موقف أثار مخاوف اوساط جانبي الاطلسي من قطيعة طويلة بين برلين وواشنطن، للمرة الاولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. لكن الرأي العام الالماني يكتشف اليوم ان التعاون بين اجهزة الاستخبارات بقي اقوى خلال الغزو عام 2003 مما كان يفترض ان يكون.

ففي الولايات المتحدة وبعض دول اوروبا، كان يخشى ان تكون المانيا قد تخلت عن دورها التقليدي كحليف اكيد للولايات المتحدة لتبنيها فكرا مؤيدا للحد من القوة الاميركية والدعوة الى التعددية. وبات معروفا اليوم ان التعاون بين برلين وواشنطن ظل كثيفا، وان كانت المانيا بقيت على مواقفها المعارضة للحرب ورفضت ارسال قوات الى العراق.

واعترفت حكومة المستشارة انجيلا ميركل في يناير (كانون الثاني) بان جاسوسين ألمانيين في بغداد قدما معلومات الى العسكريين الاميركيين بدون ان يساعدوا في اختيار اهداف القصف. وكان هناك عميل سري الماني متمركز في القيادة الاميركية الوسطى بقيادة الجنرال تومي فرانكس في الدوحة وسلمه تقارير في الاشهر الاولى من النزاع.

مع ان برلين اكدت ان المعلومات التي نقلت كانت تستخدم لتجنب قصف مدنيين. وكانت هذه المعطيات تشمل امورا استراتيجية مثل مواقع الحرس الجمهوري في عهد الرئيس صدام حسين.

والى جانب هذه المساعدة السرية، قدم شرودر مساعدة محدودة الى القوات الاميركية من اجل تجنب قطيعة كاملة مع ادارة الرئيس بوش. وتولى الجيش الالماني حماية القواعد الاميركية في المانيا، مما حرر قوات اميركية، ونشر في الكويت جنودا قادرين على الرد على هجوم عراقي باسلحة كيماوية ودعم خطط حلف شمال الاطلسي ارسال طائرات مراقبة «اواكس» وصواريخ «باتريوت» الى تركيا. وبدأ شرودر برنامجا لتأهيل قوات الامن العراقية ما زال مستمرا.

وقال هينينغ ريكي، المحلل في الشركة الالمانية للعلاقات الاجنبية، ان «شرودر و(وزير الخارجية يوشكا) فيشر لم يرغبا في قطيعة ابدا. كانا دائما مستعدين للتعاون مع الجانب الاميركي حتى عندما كان الخلاف عميقا جدا».

ولم ير الخبير اي تناقض بين هذه المساعدة ومعارضة الحرب على العراق، اول تمرد علني منذ 1945 على الحليف الاميركي. واضاف ان «التعاون على المستوى الرسمي كان جيدا حتى في اوج التوتر السياسي. الالمان كانوا يعرفون انهم يحتاجون الى الاميركيين». وقالت اولريكه غيرو من مؤسسة صندوق مارشال الالماني ان الجدل حول اتخاذ موقف منفصل عن الولايات المتحدة تم تبسيطه، موضحة ان «المانيا ما بعد الحرب كانت وستبقى دائما بلدا اطلسيا.

واستخدام العلاقات الاوروبية القوية ضد العلاقات مع اميركا كان مفجعا للجميع». واضافت غيرو ان ميركل تسعى لاصلاح الاضرار «والهدف هو البحث عن حل اطلسي لتمهيد الطريق للسلام في العراق».