مؤتمر الأئمة والحاخامات: خلاف بين مفتي مرسيليا ومدير الإيسيسكو

موضوع الرسوم الكاريكاتورية يطغى على المناقشات

TT

في بروكسل كما في إشبيلية، طغت السياسة من جديد على المؤتمر العالمي الثاني للأئمة والحاخامات من أجل السلام، وتحوّل موضوع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام إلى موضوع نقاش عنيف وخلاف حاد دفع الشيخ صحيب بن شيخ، مفتي مرسيليا، إلى الوقوف ومغادرة قاعة الاجتماعات على أثر لوم وجهه له بعض الحاضرين من الديانة الكاثوليكية على اللهجة التي استعملها في مداخلاته.

في العام الماضي وأثناء المؤتمر العالمي الأول للأئمة والحاخامات من أجل السلام الذي عقد في العاصمة البلجيكية، كان موضوع أزمة الشرق الأوسط الموضوع الرئيسي الذي خيّم على جو المداخلات التي لم تخل من بعض النقاشات الحادة. وهذه المرة تحوّل موضوع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام إلى موضوع الخلاف. ولكن الخلاف لم يكن بين الزعامات الروحية الإسلامية من جهة والزعامات الروحية اليهودية من جهة أخرى، كما خشي البعض، وإنما بين الشيخ صحيب بن شيخ، مفتي مرسيليا، وعبد العزيز عثمان التويجري المدير العام لمنظمة إيسيسكو. وسبب الخلاف هو الاقتراح الذي عرضه الأخير على المؤتمر، أثناء مداخلته الافتتاحية، بتقديم طلب إلى منظمة الأمم المتحدة لتحضير «وثيقة ضد نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي صلّى الله عليه وسلّم»، ورفض مفتي مرسيليا هذا الاقتراح معتبرا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم هو للجميع وأن مجرد رسوم كاريكاتورية لا يمكن أن تعرّض شخصيته للخطر. مما دفع علي السمّان، رئيس لجنة الحوار في المجلس الإسلامي المصري، إلى التدخّل قائلا «هذا ليس حوارا، يبدو وكأننا لا نصغي إلى بعضنا البعض، وهكذا لا يمكننا التوصل إلى أي نتيجة». وهنا تدخّل الناطق باسم منظمي المؤتمر في محاولة لتهدئة الأعصاب معتبرا المؤتمر «فرصة فريدة للتعمّق في المواضيع التي تقلقنا جميعا مسلمين ويهودا، وربما لا تسنح الفرصة لنا للقاء من جديد».

ودعا علي السمّان إلى عزل الإرهابيين من منطلق ان «الإرهاب هو فقط إرهاب» ولا يرتبط بأي عقيدة دينية، «يجب أن يكون للإرهاب مفهوم واحد منعزل، ولا يمكننا أبدا أن نلجأ إلى عبارات كالإرهاب الإسلامي»، ودعا إلى عزل الإرهابيين قدر الإمكان. وتابع السمّان محذرا من أنه «لا يمكن احتكار الدين، ولا يمكن احتكار الإيمان، كما لا يمكن احتكار كلمة الله ولا يمكن احتكار أماكن العبادة». وأكد السمّان في مداخلته، التي حظيت بتصفيق حار من قبل الحضور، أن بإمكاننا الاتفاق على عدم ربط الدين بالإرهاب». ثم دعا الجميع إلى الكف عن استعمال الخطاب المزدوج «لأن بعض السياسيين هم الذين يستعملون هذا الخطاب»، وإلى الجهر بالحقيقة »لأن الحقيقة هي الحقيقة ويجب الجهر بها، حتى ولو أزعجت إخواننا في بعض الأحيان». ثم طلب من الجميع، في إشارة منه إلى بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية، الكف عن استعمال عبارة «الإرهاب الإسلامي» كخطوة أولى نحو التفاهم وضد العنف. أما إسرائيل سينجر، الناطق باسم المؤتمر اليهودي العالمي، فقد اتفق مع رئيس لجنة الحوار في المجلس الإسلامي المصري، أن الوقت قد حان للعمل و«لإيجاد وسيلة للثقة فيما بيننا». وطالب بتأسيس مجلس عالمي يمثل جميع الديانات. ومن جهة أخرى، أرسل كوفي أنان، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، رسالة إلى المؤتمر متمنيا له بالنجاح «لاعتباره مساهمة في إنجاح مبادرة تحالف الحضارات»، ومحذرا بالخطر الكامن في أن يتحوّل الحوار بين المسلمين واليهود والمسيحيين إلى تبادل البغض بين المتطرفين.