الأمير تشارلز يدعو إلى احترام التنوع ويحذر من تزايد العنف والإرهاب باسم الدين

بعد منحه الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر

TT

دعا ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز إلى احترام الفوارق والتنوع بين الأديان التي قال إنها تعود في النهاية إلى أصل واحد وجذور مشتركة. وحذر تشارلز في كلمة ألقاها بعد تقلده الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر من تزايد العنف والإرهاب باسم الدين، وقال إن قلبه كان يمتلئ حزناً وهو يشاهد الموت والدمار الذي لا نهاية له، مؤكداً أنه لمس بنفسه فداحة الخطب عندما فقد خال والده اللورد مونتباتن الذي اغتيل عام 1979.

وأشاد الأمير تشارلز بدور الأزهر في تعليم الاعتدال والوسطية ونشر العلم الديني النافع، وقال إن الاختلاف في العقائد لا يبرر العنصرية والتعصب لاتباع أي دين ضد الدين الآخر وإن سوء التفاهم بين الإسلام والغرب ما زال قائماً وفي تزايد لغياب الحوار البناء الذي يفضي في النهاية إلى التعارف والتآلف ويحقق التعايش والسلام بين الناس لأن الأديان السماوية جميعاً تدعو إلى السلام ونبذ العنف والإرهاب.

وأضاف الأمير تشارلز قائلا: علينا واجباً مشتركاً بالنسبة للتعبير عن المبادئ التي تقوم عليها معتقداتنا الدينية بأن نحافظ على سلامة كل دين من الأديان السماوية الثلاث مع الاعتراف بتنوعنا الغني ونحترمه فهو الضمان الوحيد ضد سيطرة ثقافة عالمية موحدة أحادية سواء دينية كانت أو علمانية.

وقال إنه يجب عندما تواجهنا مشكلات التفاهم بين الأديان والثقافات أن نتحلى بالتسامح والاعتدال والإنصاف وأن نعادل تصرفاتنا العدوانية السطحية بسلوك لطيف تأملي والتحول عن العقل إلى القلب مستودع الطيبة والإنسانية التي تمثل قاسماً مشتركاً بيننا.

وأشاد بالدور الذي لعبه العلماء المسلمون في ترقية العلوم الحديثة عندما كان هناك إلهام وتفاهم وحوار حقيقي بين أوروبا والعالم الإسلامي إبان عهد العباسيين بين القرنين التاسع والثالث عشر عندما كانت حاضرتهم بغداد مركزاً عالمياً للمعرفة والعلوم أو إبان ازدهار عهد الحضارة الإسلامية في الأندلس في عصرها الإسلامي بين القرنين العاشر والرابع عشر حين شهدت مدنها أمثال قرطبة وطليطلة كيف تآزر العلماء المسيحيون والمسلمون واليهود فقادت نشاطاتهم إلى ازدهار عصر النهضة في أوروبا.

وقال الأمير تشارلز إن الغرب يدين بالكثير لعلماء المسلمين الذين يرجع الفضل إليهم في أنهم حافظوا في العصور المظلمة في أوروبا على كنوز العلوم والمعارف الرومانية واليونانية القديمة.

وأعرب عن قلقه من افتقاد الحوار والتفاهم بين الإسلام والغرب ودعا لإزالة سوء الفهم الذي أدى إلى التعصب وانعدام الثقة المتبادلة بين الطرفين وما سيتمخض عن ذلك من نتائج رهيبة، مشيراً إلى المشكلات التي يمر بها المسلمون في أوروبا والذين يعانون من مظاهر متعددة مستمرة من هوس العداء ضد الإسلام والمسلمين من قبل مواطنيهم الأوروبيين، كذلك ما يعانيه بعض المسيحيين الذين يعيشون في بعض الدول الإسلامية والذين يجدون أنفسهم مكبلين بقيود صارمة، وكذلك أعمال العنف والإرهاب التي ترتكب باسم الدين، مؤكداً على مواجهة مثل هذه الأمور بالرجوع إلى تعاليم الأديان والحوار واحترام الخصوصيات. وقال إن للتركة التي خلفتها صراعات الأديان وسوء التفاهم فيما بينها دور رئيسي في التاريخ الفظيع للحرب والعنف.

ورحب شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بالأمير تشارلز، مؤكداً على أهمية الدور الذي يلعبه في التقريب بين الحضارات بمواقفه المنصفة للإسلام وحضارته.

وقال شيخ الأزهر إن العالم الآن بحاجة لتعاليم الأديان السماوية في تحقيق الاخوة الإنسانية والتعايش والسلام بين الناس واحترام التعددية الدينية ورفض التعصب والعنصرية المقيتة، وأضاف أن الإنسان السوي لا يمكنه أن يعيش بدون عقيدة وأن الاختلاف في العقائد لا يمنع من التعاون في المجالات التي أحلها الله عز وجل وأن الإكراه على العقائد لا يأتي بمؤمنين صادقين.

وقال إن الأمير تشارلز معروف باحترامه وتقديره ومحبته للأديان الإبراهيمية الثلاثة التي ينتمي إليها، كما عبر عن ذلك في رفضه للرسوم المسيئة لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في الصحافة الدنماركية.

وجدد شيخ الأزهر مطالبته للأمم المتحدة بالاستجابة لإصدار قانون يجرم الإساءة إلى الأديان وإلزام جميع الدول الأعضاء بها بتنفيذ هذا القانون. وقال إن الحوار أفضل وسيلة لحل المشكلات وأن الحوار بين الحضارات والأديان ضرورة لتحقيق التفاهم والتعايش والتواصل، مؤكداً أن حضارة الإسلام ليس فيها ما يدعو للصراع أو الصدام، ولكنها حضارة تقوم على فكر صحيح يدعو إلى تقارب الحضارات وتعاونها وإلى البناء لا الهدم والتخريب، وأضاف يجب أن يؤخذ الإسلام عن العلماء والدعاة الحقيقيين الذين تعلموا الإسلام الصحيح ودرسوه دراسة وافية وليس من أفكار المتطرفين الذين لا يفهمون الإسلام فهماًَ صحيحاً.