الكتل البرلمانية العراقية تستأنف مفاوضاتها بعد غد

الأولوية في المباحثات لهيئة الأمن الوطني.. وانعقاد البرلمان مؤجل حتى الاتفاق على الرئاسات

TT

أفاد اثنان من اعضاء الكتل البرلمانية العراقية، امس، بأن الاجتماعات المكرسة للتمهيد لتشكيل حكومة جديدة في بغداد ستستأنف بعد غد إثر توقف لنحو اسبوع، مشيرين الى ان جلسة البرلمان الجديد ستحدد بعد الاتفاق على هيئته الرئاسية.

وقال عبد الخالق زنكنة، من قائمة التحالف الكردستاني لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «تم الاتفاق بين الكتل السياسية على ان تستأنف المفاوضات السبت المقبل حول هيئة الأمن الوطني التي تم الاتفاق على عدد اعضائها (19 عضوا)». وأضاف ان «المفاوضات ستكون بشأن رئاسة الهيئة، نظرا لوجود تباين حول من سيرأسها؛ رئيس الجمهورية أم رئيس البرلمان، وكذلك بخصوص صلاحيات هذه الهيئة»، وما اذا ستكون «استشارية أم تنفيذية».

من جهته، أكد ظافر العاني المتحدث باسم قائمة «جبهة التوافق العراقية» أن «المفاوضات ستستأنف السبت المقبل»، وقال انها ستشهد «مناقشة آلية التصويت فيما يتعلق بقرارات مجلس الوزراء» و«بحث مشروع هيئة الأمن الوطني وصلاحياتها وإلزامية قراراتها، أي هل ستكون استشارية أو ستتخذ القرارات». وأوضح العاني ان «جلسة البرلمان ستعقد بعد الاتفاق على تسمية هيئة رئاسته التي تضم رئيسا ونائبين له، وقد يستغرق هذا الامر حوالي عشرة ايام».

من ناحيته، اكد الدكتور مهدي الحافظ، عضو مجلس النواب ومفاوض القائمة العراقية، أن الكتل البرلمانية الرئيسية انجزت الاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة القادمة بعد مداولات ايجابية ودية اثمرت عن اجراء بعض التعديلات فيه، ومن ثم إقراره.

وشخص الحافظ في تصريح لـ«الشرق الاوسط» ابرز المبادئ في البرنامج السياسي: والتي تمثلت في العمل وفق الدستور والتزام المادة 142 منه عند اجراء اي تعديلات عليه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس الاستحقاق الانتخابي ومقتضيات المصلحة الوطنية، ونبذ العنف والإرهاب بكل اشكاله وتطبيق قوانين مكافحته من خلال المؤسسات القضائية والحكومية ذات العلاقة، مع ضمان احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان، ومنع التفرد والدكتاتورية والقمع والطائفية والعنصرية بكل اشكالها، وتجسيد ذلك في سياسات الدولة ومؤسساتها.

وبالرغم من موافقته على ان حكومة الوحدة الوطنية «تتطلبها الظروف الاستثنائية الراهنة» فان الحافظ ينتقد المبدأ الذي تقوم عليه هكذا حكومة باعتبارها، حسب قوله، تقيد الممارسة الديمقراطية، وأي نقد في ظلها يعد خروجا على اتفاق تشكيلها. ورأى ان مثل هذه الحكومة «ليست الطريقة السليمة دائما الواجب الأخذ بها، طالما ان هنالك تباينا كبيرا في وجهات النظر حول كيفية بناء الدولة وإدارة شؤونها، مما يتطلب وجود معارضة حقيقية تمارس النقد والرقابة وفق الدستور والضوابط المؤسساتية. وبذلك فان هذه الثنائية للحكم والمعارضة قد تكون ضرورية لضبط المسيرة وتجنب المتاعب، ولإشاعة جو حقيقي من حرية التعبير واقتراح الخيارات والعمل من أجلها».

ووصف الحافظ المحادثات بين الكتل السياسية بأنها ودية وتجري في جو إيجابي وبناء بين جميع الاطراف، موضحا انه جرى التأكيد منذ البداية على عدم التمييز ازاء اي قائمة، او ممارسة الفيتو ونظرية الخطوط الحمراء ازاء اي منها، وهذه نقطة ايجابية تساعد كثيرا على العمل بصورة مشتركة بهدف التوصل الى اتفاقات مثمرة ازاء العديد من القضايا.

وكشف مفاوض القائمة العراقية عن تقديم قائمته مقترحا لتعديل مشروع «الهيئة السياسية العليا للأمن الوطني» التي تم الاتفاق على تسميتها بهذا الاسم أخيرا، وقال «في ضوء التداعيات والمباحثات بين الكتل البرلمانية، فان الهيئة تشكل لدورة انتخابية واحدة بسبب الظروف الاستثنائية، وتتألف من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورؤساء الاقاليم وممثلي الكتل البرلمانية المشاركة في الحكومة(10 نواب او أكثر)، على ألا يتجاوز عدد اعضاء الهيئة 15 عضوا، ويترأسها رئيس الجمهورية، وتعقد اجتماعاتها دوريا مرتين كل شهر، ويحق لأحد الاعضاء دعوتها للاجتماع، وتختص صلاحياتها في بحث كافة الامور الاستراتيجية والمستجدات المهمة والتشاور حولها والإشراف على شؤون البلاد العامة، وضمان التنسيق بين هيئات الدولة واتخاذ القرارات بأغلبية أصوات ثلثي الاعضاء، وإذا كانت القرارات ذات طابع تشريعي توجه الى مجلس النواب كمشاريع قوانين للنظر فيها وفق الصلاحيات الدستورية وآلية المجلس، وتكون القرارات ملزمة لأعضاء الهيئة بصفتهم الرسمية والسياسية، وتعتبر نافذة لمؤسسات الدولة، ولا يحق للهيئة التدخل في شؤون القضاء». وأكد الحافظ أن الاقتراح «استأثر باهتمام كبير من جميع الاطراف المشاركة في المفاوضات»، وأوضح أن «الاختلاف يتصل بإيجاد الآلية المناسبة، لأنه ليس هنالك من يرغب ويسعى الى تجاوز الدستور ومجلس النواب وصلاحياته التشريعية، وعلى هذا الاساس فان الاقتراح كان ولا يزال يدور في اطار السلطة التنفيذية، وكيف يمكن تأمين مشاركة حقيقية لجميع الاطراف في صنع القرار. ويرى الداعون لهذه الصيغة ان ظروف البلاد تتطلب آلية استثنائية ومؤقتة تكفل رأيا قياديا موحدا للنهوض بالمهمات، وهي محكومة بفترة زمنية محددة وليست صيغة او آلية دائمة، إذ ان الاصل يبقى في الاحتكام للمؤسسات الدستورية والتنفيذية في جميع الأحوال». وأفاد الحافظ بأن مطالبة القائمة العراقية بهذه الهيئة نابعة من الطابع الاستثنائي للظروف الصعبة السائدة والحاجة لجمع جهود الجميع. وأشار الى أنه في حالة تعذر الوصول الى هذه الآلية، فمن الممكن ان تقوم الغالبية النيابية بتشكيل الحكومة وتتحول الأقلية الى معارضة في مجلس النواب، وهي ظاهرة مألوفة وغير مقلقة اذا ما جرى الالتزام بأحكام الدستور والمؤسسات الحكومية الاخرى.

من ناحيته، افاد حسين الفلوجي، عضو البرلمان عن جبهة التوافق العراقية، بأن المباحثات حول هذه الهيئة قطعت اشواطا بعيدة وقال «قطعنا شوطا مهما في هذا السياق بنسبة 75%، والنسبة المتبقية من هذا المشروع مهمة جدا من اجل اكمال المشروع وإنضاجه من جميع جوانبه»، وشدد على اهمية ان تكون لها صلاحيات وقرارات ملزمة، مؤكدا على العمل «وفق الاطار القانوني والدستوري وضمن اطار مؤسسات الدولة، وألا تكون لها سلطة فوق السلطات الاخرى».

وعلى صعيد آخر، أكد الفلوجي وجود معارضة «شديدة جدا» من بعض الاطراف لمشروع تشكيل جبهة إنقاذ وطني في البلاد، تضم عددا من القوى والأحزاب المنضوية في اطار الكتل البرلمانية الرئيسية، وقال إن قادة جبهة التوافق «قرروا تأجيل النظر في مثل هكذا مشروع، لأن الحركة السياسية في البلاد تجري باتجاهات أخرى، بالإضافة الى عدم التأكد من ان هذا المشروع سيساهم في استقرار البلاد أم له انعكاسات سلبية في هذه المرحلة».