سلطات الاحتلال تخنق غزة اقتصاديا بهدف تدويل المعابر وفصل الضفة الغربية عنها

4 نقاط حدودية تربطها بإسرائيل

TT

وقف مصطفى، 53 عاماً، مكفهر الوجه، عصبي المزاج أمام حقل الدفيئات الزراعية الذي يملكه شرق مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، وهو يرى ابناءه وبناته يقومون بجني ثمار الطماطم والخيار من هذه الدفيئات. والسبب هو ما مني به من خسارة مادية كبيرة هذا الموسم بسبب اغلاق إسرائيل المتواصل للمعابر ومنعها من تصدير المنتجات الزراعية عبر المعابر الحدودية التي تربطها بقطاع غزة. ومثل مصطفى امثال من مزارعي قطاع غزة. ويضطر مصطفى لتسويق منتوجه الزراعي في السوق المحلي بأبخس الأثمان، فصندوق الطماطم الذي يزن 15 كيلوغراما على سبيل المثال يباع بـ 8 شيكلات (اقل من دولارين).

ودفعت الخسائر الكبيرة في غزة هذا العام بسبب الاغلاق المتواصل للمعابر الحدودية، الكثير من المزارعين الى التفكير في عدم معاودة التجربة والاقلاع عن الزراعة، أو على الأقل زراعة المحاصيل التي لا تكلف كثيراً من المال. لكن قطاع الزراعة هو واحد فقط من القطاعات الاقتصادية التي تضررت كثيراً بسبب الاغلاق. فقد توقف قطاع البناء والعمران بشكل كامل بسبب توقف صادرات الاسمنت والحديد ومواد البناء. وتوقف العمل في الكثير من الصناعات البسيطة التي ازدهرت في القطاع بسبب توقف تدفق المواد الخام. والأمر ذاته ينطبق على الحرفيين من ميكانيكيين وخياطين وغيرهم الذين يحتاجون للمواد الخام. وأدى توقف العمل في هذه المرافق الى ازدياد مستويات البطالة، العالية اصلاً التي تبلغ اكثر من 60%. والى جانب الخسائر المادية الناجمة عن الاغلاق، فإن هناك معاناة انسانية قاسية جداً يكابدها الفلسطينيون، سيما المرضى الذين يضطرون للعلاج داخل اسرائيل أو في مستشفيات الضفة الغربية، ناهيك عن طلاب قطاع غزة الذين يدرسون في الضفة الغربية، حيث اضطر الكثير منهم للتوقف عن الدراسة هناك، الى جانب توقف الزيارات الأسرية بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. إسرائيل تسعى للفصل بين الضفة والقطاع عبر تدويل المعابر:

ترتبط الضفة الغربية وقطاع غزة بإسرائيل والعالم الخارجي عبر ستة معابر، خمسة في قطاع غزة ومعبر في الضفة الغربية وهو معبر الكرامة (الملك حسين او اللنبي)، الذي يربط الضفة الغربية بالأردن عبر نهر الاردن، وهو تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، وتنسق اسرائيل مع الاردن في كل ما يتعلق بادارتهما. أما في قطاع غزة، فهناك كما سلف ذكره 5 معابر هي:

> معبر بيت حانون ويطلق عليه الاسرائيليون اسم «ايرز»، الذي يربط اسرائيل بشمال قطاع غزة، ويستخدم هذا المعبر لتنقل الناس، > معبر المنطار: ويطلق عليه الاسرائيليون اسم (كارني) ويقع الى الشرق من مدينة غزة، وهو المعبر التجاري الرئيسي في قطاع غزة، ومن خلاله يتم نقل المواد التي تستوردها السلطة، عبر الموانئ الاسرائيلية الى هذا المعبر، كما أن المعبر يستقبل الصادرات من الضفة الغربية. > معبر صوفا: يقع وسط قطاع غزة، وهو معبر صغير كان يستخدم في تنقلات المستوطنين من القطاع الى اسرائيل، والمعبر حالياً مخصص ليكون معبراً تجارياً، لكنه يستخدم في اوقات الضرورة والضغط. معبر رفح: هو المعبر الوحيد الذي يخضع للسلطة الفلسطينية تحت رقابة اوروبية، والمتنفس الوحيد لأهالي قطاع غزة الى الخارج عبر مصر. هو مخصص لانتقال الفلسطينيين الذين يحملون هويات قطاع غزة، فقط.

> معبر كرم ابو سالم: ويطلق عليه الاسرائيليون «كيرم شالوم»، وهو يقع للشرق من معبر رفح وتحديداً على مثلث الحدود المصرية ـ الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وهو الى جانب أنه معبر تجاري، فهو يستخدم لتحرك كل من لا يحمل هوية قطاع غزة. ومن الجدير ذكره أن عمل المعابر التجارية المختصة بنقل البضائع بين اسرائيل وقطاع غزة قد تم تنظيمها في «اتفاق باريس» الاقتصادي. لكن منذ تنفيذ خطة الفصل، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات، لم تخف الحكومة الإسرائيلية الحالية سواء عندما كانت تحت قيادة ارييل شارون او ايهود اولمرت، مسعاها لتدويل المعابر الحدودية بينها وبين قطاع غزة، بحيث يتم التعامل مع القطاع كما دولة مستقلة. وضمن هذا المسعى أكد كبار موظفي وزارة الدفاع الاسرائيلية أن الدولة العبرية تخطط لتحويل معبر ايرز الى معبر دولي لانتقال المسافرين، بحيث كل من يريد الدخول، عليه أن يحصل على تأشيرة دخول، في حين يتم اعتماد معبر تجاري واحد، وهو معبر كيرم شالوم، لكي يكون معبراً دولياً يتم عن طريقه انتقال البضائع من اسرائيل الى قطاع غزة، في نفس الوقت يتم اغلاق معبري صوفا والمنطار بشكل نهائي. إسرائيل رفضت استقبال دعم مالي تقدم به الاتحاد الاوروبي لاعادة تأهيل المعابر في قطاع غزة، إلا بعد أن يوافق الجانب الفلسطيني على تدويلها. وتدرك السلطة الفلسطينية أن موافقتها على تدويل المعابر يعني الموافقة على الفصل النهائي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فالتدويل يعني أن كل فلسطيني يريد الانتقال من الضفة الى غزة أن يتجه للاردن ثم الى مصر ومنها الى غزة، والعكس صحيح. وتشير مصادر في السلطة الفلسطينية الى أنه حتى اتفاق اوسلو يعتبر الضفة والقطاع وحدة جغرافية واحدة. وتؤكد المصادر الرسمية أن اسرائيل تستغل فوز حركة حماس لممارسة الضغوط على السلطة من أجل الموافقة على تدويل المعابر الحدودية. ومن الضغوط التي تمارسها اسرائيل من اجل اجبار السلطة على الموافقة على اعتماد معبر كيرم شالوم كمعبر تجاري دولي، اغلاق بقية المعابر ووقف حركة الصادرات والواردات من والى قطاع غزة. وفي حال لم يحدث ضغط دولي، فإن على الفلسطينيين الاستعداد لمزيد من المعاناة في سعي اسرائيل لفرض تدويل المعابر.