حزب يميني متطرف يهاجم يافا ويهدد بتدمير مسجدها الكبير

مع اشتداد الدعاية عشية الانتخابات وفي محاولة للفت أنظار وسائل الإعلام

TT

هدد احد قادة حزب «حيروت» اليميني المتطرف في اسرائيل، أمس، بتدمير مسجد حسن بك في يافا، أحد أكبر المساجد الفلسطينية وأعرقها، وذلك انتقاما لتصدي شباب المدينة العربية للعنصريين واشباعهم ضربا. وقال يهوشع همئيري، وهو ضابط كبير متقاعد من الخدمة في الجيش الاسرائيلي والمرشح الثاني في حزب حيروت ان لديه مجموعة كبيرة من الضباط الذين يعتبرون خبراء متخصصين في تدمير المباني وأنه سيحضر معهم الى يافا ويقضي على آخر المعالم العربية في المدينة.

وكانت مجموعة من 15 شخصية قيادية في هذا الحزب اليميني المتطرف، قد حضرت الى يافا في اطار الدعاية الانتخابية للحزب الذي يبني برنامجه على مشروع يسميه: «اخلاء تعويض». وبموجب هذا البرنامج يقول حزب حيروت ان الحل الأمثل للصراع الاسرائيلي العربي يكون بترحيل الفلسطينيين من فلسطين بكل أجزائها لتبقى دولة يهودية صرف. ويقول انه يريد تنفيذ مشروعه بالاقناع بداية، وذلك بعرض تعويضات مالية سخية لمن يختار الرحيل بإرادته. فإذا اعترضوا، يتم الترحيل بالضغط.

وبعد أن اشارت جميع استطلاعات الرأي الى أن هذا الحزب سيفشل ولن يتجاوز نسبة الحسم، قرروا القيام باستفزاز ميداني للعرب حتى يثيروا ضجة اعلامية تعيد الى الأذهان وجود هذا الحزب فيلتف العنصريون اليهود حوله ويتعاطفون معه ويصوتون له. وقد حملوا شعارات الحزب ومنشوراته وحضروا الى يافا. وفي البداية تصدى لهم نائب رئيس بلدية تل أبيب، رفعت ترك (وهو نجم كرة بارز في السابق ولعب في صفوف منتخب اسرائيل لكرة القدم واكتسب شهرة عالمية)، ورئيس اللجنة الشعبية في حي العجمي، كمال اغبارية، وحاولوا اقناعهم بالعودة من حيث أتوا. فقد أراد ترك واغبارية اجهاض محاولة حزب حيروت كسب الشعبية على حساب يافا وأهلها. إلا ان قادة الحزب رفضوا الانسحاب وأبلغوا ترك واغبارية ان يافا هي جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل ولا يحق للعربي أن يتطاول على اليهود ويمنع دخولهم الى المدينة. وبالفعل تابع العنصريون التقدم الى عمق أحياء يافا، فعندما وصلوا الى حي العجمي تصدى لهم مجموعة من الشبان العرب (فلسطينيي 48) وطلبوا منهم المغادرة فورا. وقال لهم أحد الشبان: لو جئتمونا ضيوفا مهذبين لاستقبلناكم على كفوف الراحة، ولكنكم معتدون عنصريون، فإذا لم تغادروا مشيا ستغادرون محملين. عندئذ قام بعض العنصريين اليهود بالهجوم على الشبان العرب وهم يصيحون :«عرب قذرون، أخرجوا من بلادنا». فما كان من الشبان العرب إلا أن هجموا على المعتدين وأشبعوهم ضربا ورفسا. والقى احدهم قنبلة صوتية على المعتدين. وعندها حاولوا الهرب نحو سياراتهم، فوجدوا اطاراتها ممزقة. وحضرت الشرطة وراحت تفرق الجموع العرب وتفصل بينهم وبين العنصريين اليهود. واعتقلت بعض الشبان العرب الذين تشتبه في أنهم ألقوا القنبلة الصوتية.

وخرج المعتدون جميعا جرحى، بمن فيهم رئيس الحزب، ميخائيل كلاينر (وهو عضو كنيست سابق من الليكود)، والمرشح الثاني في قائمته الانتخابية، يهوشع همئيري، والمرشحة الثالثة، يانا هودريكر، وهي ملكة جمال اسرائيل قبل ثلاث سنوات، وغيرهم. ونقلوا للعلاج في المستشفى. وعندما خرجوا، راحوا يهددون بالانتقام.

وعلى اثر ذلك هاجم يافا نفر من قادة حزب «الجبهة اليهودية القومية»، بينهم رئيس الحزب، باروخ مارزل، ونائبه، ايتان بن جبير، وكلاهما اعتقلا في الماضي بشبب نشاطهما في التنظيم الارهابي اليهودي الذي خطط لتنفيذ عدة عمليات ارهابية ضد الفلسطينيين وضد المسجد الأقصى. وحاولوا التلويح بالعصي والتهديد بالحضور بالسلاح الناري وطالبوا عرب يافا بالرحيل في أسرع وقت من المدينة وإلا فإن ترحيلهم سيتم بالقوة «على سيارات نقل الدواب»، كما قال بن جبير. وكاد يصيبهم ما أصاب من قبلهم، إلا ان تواجد قوات كبيرة من الشرطة في المكان حال دون ذلك، بل سارعت الشرطة الى طردهم من المدينة حماية لأرواحهم. واثار الهجوم العنصري الثاني استنكار حزب حيروت صاحب الاعتداء الأول، إذ اعتبره تخريبا على حزبه، حيث أن كلا الحزبين يغرف الأصوات من نفس المصدر: العنصريون اليهود. فقال ميخائيل كلاينر: «كنا سنرحب بمارزل ورفاقه لو انهم جاؤوا الينا في الوقت المناسب، خلال الاشتباك وليس بعد أن انتهى كل شيء. لقد جاؤوا الى يافا عندما وصلت اليها طواقم التلفزيون ووسائل الاعلام من كل مكان في العالم».

يذكر أن يافا كانت احدى أهم المدن الفلسطينية في النصف الأول من القرن الماضي، فاعتبرت عروس فلسطين. وميناؤها الكبير، في حينه، جعلها عاصمة تجارية لفلسطين في تلك الفترة. لكن مكانتها تدهورت بعد قيام اسرائيل، إذ تم ترحيل معظم سكانها وتم تطوير تل أبيب لتكون العاصمة التجارية لاسرائيل. ثم الحقت يافا بتل أبيب. ومعظم سكانها اليوم هم من اللاجئين الفلسطينيين داخل وطنهم.

يذكر ان هناك ربع مليون فلسطيني من بين المواطنين العرب في اسرائيل لاجئون في وطنهم، يسكنون بالقرب من بلداتهم المهدومة ولكن لا يتاح لهم أن يصلوا اليها.