المثقفون الإسرائيليون يحاولون إسماع أصواتهم قبل الانتخابات

TT

القدس المحتلة ـ ا.ف.ب: في وقت تواجه فيه اسرائيل خيارات حاسمة لا سيما بشأن ترسيم حدودها الدائمة، يحاول المثقفون الاسرائيليون في يسار الخريطة السياسية وفي يمينها الادلاء بدلوهم بهدف التأثير على نتائج الانتخابات المقررة يوم الثلاثاء المقبل. فاليساري منهم يناشد الناخبين إعطاء اصواتهم للاحزاب الداعية للسلام في الانتخابات المقررة يوم الثلاثاء المقبل. بينما اليمينيون منهم يعارضون خطة الفصل أحادي الجانب في الضفة الغربية التي يدعو اليها ايهود اولمرت زعيم حزب كديما (الى الامام) الحاكم وهو الحزب المرشح بالفوز باكبر عدد من مقاعد الكنيست.

فكتب الاديب عاموس عوز في صحيفة «يديعوت احرونوت»: «بدل اذلال (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) ابو مازن والمعسكر الفلسطيني المعتدل، على اسرائيل ان توضح انها لا تعترف بحكومة (حركة المقاومة الاسلامية) حماس بل بحكومة الرئيس».

ووجه الكاتب، الذي يحظى بشهرة كبيرة في اسرائيل والعالم، انتقادات لاذعة لزعيمي حزب كديما الوسطي الحاكم ايهود اولمرت، والليكود اليميني بنيامين نتنياهو بقوله «ان اولمرت ونتنياهو كلاهما رهينة احكام جاهزة كثيرا ما ترددت، مثل «ليس هناك محاور» و«ليس هناك ما يمكن التفاوض بشأنه» و«لا جدوى في التحاور».

وتابع: «إنها مواقف تعيدنا ثلاثين سنة الى الوراء»، داعيا الى التصويت لصالح حزب ميريتس اليساري بزعامة يوسي بيلين، احد مهندسي اتفاقات اوسلو الموقعة بين الاسرائيليين والفلسطينيين عام 1993. واعتمد الكاتب مئير شيليف اللهجة القاسية نفسها فقال لوكالة الصحافة الفرنسية «يؤسفني ان يكون الامر استغرق اربعين عاما حتى يدرك قادتنا السياسيون ان البلاد تتوق الى وضع حد لاحتلال الاراضي الفلسطينية».

وقال «أشعر بالأسف ايضا على كل سنوات الحماقة هذه التي كنا خلالها بلا بصيرة. كان في وسعنا تفادي الكثير من الدماء والمعاناة». وتابع «عندما عدت من الجبهة في حرب 1967، وفي وقت كانت مشاعر الغبطة تعم البلاد، قلت لوالدي: لقد ابتلعنا شيئا سيبقى عالقا في حلقنا».

ويعتبر شيليف ان «انسحابا اسرائيليا سيعيد المستوطنين الى حجمهم الحقيقي، فغالبية البلاد لم تعد تعتبرهم روادا بل كارثة».

ورأى الكاتب ابراهام ب. يهوشع، احد ابرز الاصوات في معسكر السلام الاسرائيلي انه في غياب اتفاق، فان «انفصالا من طرف واحد عن الفلسطينيين هو الوسيلة الوحيدة لوقف اراقة الدماء». وهو يبرر هذا الفصل الاحادي الجانب باسباب تتعلق بالهوية وليس فقط باسباب أمنية.

وقال «إن تحتم علي تعريف الصهيونية بكلمة لاخترت كلمة حدود، ولو اتيح لي استخدام كلمة ثانية لكنت اضفت سيادة. هذا هو معنى الصهيونية، تجسيد سيادة ضمن حدود واضحة ودائمة». وتابع القول «اليهودي انسان عابر للحدود وهو يمكن ان يغير لغته ووطنه من دون ان يفقد هويته التي تقوم بشكل جوهري على نصوص ويسهل نقلها معه وجعله ينخرط في نمط طبيعي يعني بناء واقع جغرافي له يكون في اطاره مسؤولا عن حياته ومصيره».

واضاف انه «في اعقاب حرب الايام الستة عاد الى الظهور نموذج اليهودي كما كان في الازمنة الماضية، بلا حدود. وبدأت عندها عملية على طرفي النقيض مع الصهيونية وهي الاستيطان من دون امل في تحقيق السيادة».

وختم ان «العواقب واضحة. فكل من يحاول زعزعة الشعور بالسيادة لدى اخرين داخل موطنهم بإحداث فراغ تنتفي فيه السيادة ينتهي به الامر الى تحطيم سيادته الخاصة، والاهم من ذلك قدرته على الدفاع عن نفسه عبر حدود».

وفي صفوف اليمين، يرى ناتان شيرانسكي الوزير السابق، ان فكرة تنفيذ عملية انسحاب جديدة من طرف واحد «ليست فكرة جيدة»، ولا سيما على ضوء المعطيات الجديدة الناتجة عن وصول حركة حماس الى السلطة. وقال شيرانسكي لوكالة الصحافة ان «حماس ستتولى السيطرة على الاراضي التي ستنسحب منها اسرائيل و(الحدود الجديدة) لن تكون لها اي شرعية بنظر العالم».

واضاف شيرانسكي صاحب كتاب بعنوان «الدفاع عن الديمقراطية» ذكره الرئيس الاميركي جورج بوش بين كتبه المفضلة «لا يمكننا تجاهل الواقع الذي يحيطنا والتركيز على انسحاب سيساعد على قيام دولة اسلامية اصولية».