الاحتجاجات العمالية المتكررة في الإمارات تثير قلق السلطات

خط ساخن في دبي لتلقي شكاوى مخالفات عدم دفع الرواتب

TT

الاضطرابات العمالية التي شهدتها دبي اواخر الاسبوع الماضي في موقع بناء برج دبي والتي كانت واحدة من سلسلة احداث متشابهة تكررت في الاعوام الاخيرة في انحاء البلاد، بدأت تثير قلق السلطات التي تقف عاجزة امام كبحها رغم القرارات العديدة التي اتخذتها في الاشهر الاخيرة والتي تصب في صالح العمال. وتعتمد الامارات كغيرها من دول الخليج على العمالة الأجنبية بكثافة حيث يبلغ عددهم في الامارات رسميا 2.1 مليون نسمة يشكل العمال العاديون منهم اكثر من 14% رغم ان الارقام غير الرسمية تشير الى ان العدد اكبر من ذلك بكثير. وأصبح موضوع توقف العمال في المواقع الانشائية عن العمل أو التظاهر احتجاجا على الظروف المعيشية احيانا من المظاهر الطبيعية في دبي وابوظبي والشارقة وغيرها. وقال مسؤول في وزارة العمل الاماراتية «مطالب هؤلاء العمال بسيطة جدا الا ان اصحاب العمل يتجاهلونها». ويتقاضى معظم العمال اجرا شهريا يصل الى 150 دولارا شاملا السكن والمأكل والمواصلات، الا ان معظم الاضطرابات تحصل بسبب تأخر الشركات في سداد مرتباتهم لأشهر تصل الى ستة أحيانا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية امس عن مسؤول في امارة دبي قوله في تصريحات نقلتها الصحف امس ان السلطات ستلاحق العمال المحرضين على اضراب في ورشة بناء اطول برج في العالم «الضالعين في اعمال تخريب» التي تخللته، وقال الضابط راشد البخيت العضو في اللجنة الدائمة للشؤون العمالية التابعة لشرطة دبي ان السلطات «ستحقق في المسألة وسوف تحيل امام القضاء العمال الذين حرضوا على الاضراب واولئك الذين كانوا ضالعين في اعمال تخريب الممتلكات في محيط برج دبي». وبحسب صحيفة «خليج تايمز» التي استندت الى افادات شهود عيان، عاد عمال ورشة برج دبي، وعددهم 2500 شخص، صباح الخميس الى عملهم.

وكان عمال آخرون قد بدأوا اضرابا مماثلا في ورشة توسيع مطار دبي، الا ان هؤلاء لم يسمح لهم بالعودة الى عملهم واعيدوا الى مراكز اقامتهم بانتظار تقرير مصيرهم.

ويشكل العمال الاجانب اكثر من 90 في المائة من القوة العاملة في البلاد. وتشير ارقام غير رسمية الى ان عدد العمال الاجانب في الامارات يتجاوز المليونين من اجمالي سكان يتوقع ان يكون قد تجاوز العام الحالي 4.5 مليون نسمة.

واتخذت السلطات خلال العامين الماضيين سلسلة من الاجراءات تهدف لتحسين صورة البلاد خارجيا حيث تتهمها منظمات وهيئات مختلفة بالاخفاق في تطبيق معايير العمل الدولية.

وقامت شرطة دبي على سبيل المثال بتخصيص خط هاتفي مجاني لتلقي المكالمات الهاتفية الخاصة بأية مخالفات ترتكبها اية شركة لجهة عدم دفع رواتب عمالها في الاوقات المحددة او الاخلال بالعقود المبرمة مع العمال، كما شكلت حكومة دبي العام الماضي لجنة دائمة لشؤون العمال تنبثق عنها ايضا لجنة للتدخل السريع تضم ممثلين عن مختلف الهيئات الحكومية المعنية تدخلت اكثر من مرة لدى شركات المقاولات بصورة رئيسية لتسدد اجور العمال. الا ان منتقدين يقولون إن الشركات الكبيرة التي يملكها اصحاب النفوذ لا تجد من يردعها اذا توقفت عن سداد اجور عمالها او عندما تضرب بعرض الحائط القرارات الخاصة بشروط تشغيل العمال في فصل الصيف مثلا. وتعاملت السلطات خلال السنوات القليلة الماضية بشيء من اللين والتساهل تجاه مظاهرات عمالية سلمية كانت تطالب السلطات بالتدخل لدى اصحاب الشركات التي يعملون فيها ـ وأغلبها شركات مقاولات وانشاءات ـ لحل مشكلات تأخر دفع المرتبات لأشهر وتحسين أحوال السكن والمواصلات. وأثار وزير العمل الدكتور علي عبد الله الكعبي موجة من الاستياء في صفوف اصحاب الشركات بحزمة اصلاحات تهدف الى تنظيم سوق العمل والحد من التجاوزات، الا ان الوزير الشاب اثار من جانب آخر الاعجاب بحملته على «الفساد» الذي كان ينخر وزارته، حيث تمت اقالة بعض من كبار الموظفين في الوزارة والذين كانوا يستغلون مواقعهم في تجارة التأشيرات العمالية واصدارها. وقال مراقبون ان دخول الامارات في مفاوضات لتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة التي انطلقت العام الماضي، استلزم ايضا تسريع الاجراءات الاصلاحية في قوانين العمل وتحسين ظروفه. وأشار مسؤول أميركي في وقت سابق الى ان مشروع اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة يشجع الحكومات على تلبية المتطلبات الاساسية لمعايير قوانين العمل الدولية، وقال «هذه ليست مشاكل خلافية (مع الامارات) بل تحتاج الى اصلاحات». وأعدت وزارة العمل مشروع قانون جديد معدل للعمل يعكس سياسة جديدة للدولة في جلب وتشغيل العمالة الأجنبية وعلاقاتها مع الدول والمنظمة الدولية المعنية وبما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي تنظم تلك العلاقات.