توأمان يفترقان دراسيا بسبب اسميهما «علي» و«عمر»

والدهما يؤكد أن ابنه عمر ترك الدراسة خوفا على حياته

TT

علي وعمر توأمان عراقيان عمراهما 14 عاما، من أب شيعي وأم سنية ويقطنان في حي العامل بجانب الكرخ من بغداد.حتى فترة قريبة كان التوأمان يذهبان الى مدرستهما المتوسطة معا او برفقة بقية زملائهما، لكن فجأة توقف عمر عن الذهاب الى المدرسة بينما استمر شقيقه متواصلا مع دراسته.

والد التوأمين تحسين الجبوري قال لـ«الشرق الاوسط» عبر محادثة هاتفية، ان ولده عمر توقف عن الذهاب الى المدرسة لأسباب طائفية، وأضاف «لقد صار القتل والاختطاف في بغداد على الاسماء والهوية، فقد فوجئت ذات يوم ان ولدي عمر يخبرني بأن مدرس اللغة العربية يسألهم عن انتماءاتهم المذهبية، وطبعا فوجئ ولدي بهذا السؤال الذي لم يخطر على بالهما في يوم من الايام لأننا في البيت نمنع الحديث عن مثل هذه المواضيع، وفوجئت أكثر عندما قال لي ولدي ان اسم شقيقه التوأم علي افضل بكثير من اسمه (عمر)، وطلب منه تغيير اسمه الى حسن او حسين».

ويضيف الجبوري قائلا «عندما سألت عن المدرس وجدته ينتمي لحزب شيعي طائفي، وعندما ذهبت الى مديرية تربية الكرخ لأشكو هذا التصرف، لم يعرني احد أي اهتمام، بل ان موظفا قال لي (يا اخي غير اسمه وانهي المشكلة، هل هناك شخص عاقل يسمي ابنه عمر)، ومنذ ذلك الوقت يخشى ابني الذهاب الى مدرسته، خاصة بعد ان تكررت حوادث القتل والاختطاف بسبب الاسم او المذهب».

ويوضح الجبوري قائلا «انا موظف وهذا بيتي ولا استطيع بيعه والانتقال الى مكان آخر، أنا شيعي من عشيرة الجبور التي نصفها سنة ونصفها شيعة ولا نهتم بهذه الامور، بدليل اني خطبت زوجتي من غير ان اعرف انها سنية، والعراقيون بعيدون عن هذه التفرقة التي جاءتنا من وراء الحدود لتمزيق نسيجنا الوطني والاجتماعي».

والدة التوأمين هناء توفيق، موظفة في احد المصارف العراقية، تقول «حتى اليوم نحن نخجل ان نسأل احدا إن كان شيعيا او سنيا او حتى مسلما او غير مسلم، فالنساء غير المسلمات مثلا يتقيدن بذات تقاليدنا ويضعن العباءات على رؤوسهن ويشاركن في مناسباتنا الاجتماعية كوننا جميعنا عراقيين».

وتضيف ام التوأمين قائلة «نحن حتى اليوم نزور كنيسة مريم العذراء في ساحة الميدان ونشعل لها الشموع، وعندنا موظف اسمه جوزيف كان قد زار مع زوجته الامام علي ومرقد ابو حنيفة، داعيا من الله ان يمنحه طفلا. هكذا نحن وهكذا نتصرف». وقالت «نحن اليوم نمر بمشكلة غريبة علينا، حيث نخشى على حياة ابننا لمجرد اسمه عمر، وجارنا ابو مروان وهو من الكبيسات أجر منزله وانتقل الى منطقة اخرى لأن اسماء ابنائه وبناته تشير الى انها سنية، ولو هي اسماء عربية مثل مروان ومصعب وسفيان وعثمان، وله ابنتان يافعتان خديجة وعائشة وقد خشي على عائلته بعد ان تلقى تهديدا واضحا بترك المنطقة».

هذه الظاهرة التي سادت في العراق مؤخرا تشكل تهديدا خطيرا للنسيج الاجتماعي في بلد لم يكن يشكو من التطرف الطائفي او التعصب القومي. فهناك عوائل سنية نزحت من مدينة الثورة (الصدر) في جانب الرصافة ومن حي الشعلة في جانب الكرخ، بينما رحلت جميع العوائل الشيعية من مدينة سامراء سواء بالتهديد او بالقوة، بعد ان تعرض بعضها للتصفيات الجسدية، مما أوجب على الباقين الرحيل مجبرين.

ففي بغداد كما في بقية المحافظات العراقية لا تستطيع ان تقسم المدينة الى احياء شيعية وأخرى سنية، أو عربية وأخرى كردية، أو مناطق مسلمة وأخرى غير مسلمة. يقول الجبوري «هذه خطوة من اعداء العراق لإيجاد احياء سنية وشيعية ومناطق مسلمة وغير مسلمة وأخرى عربية وكردية، ليسهل على المجرمين تنفيذ عملياتهم الارهابية ومخططاتهم الطائفية في ظل غياب سيادة القانون وسيطرة الميليشيات المسلحة».