الدنمارك تهدد بطرد الأئمة عقب تهديدات برنامج «الكاميرا الخفية»

الشيخ عكاري لـ«الشرق الاوسط»: تجسسوا عليَّ في سيارتي واستخدموا ألفاظا غير دقيقة

TT

طالب نائب رئيس الوزراء الدنماركي بندت بندتسن بطرد الائمة المتشددين من الدنمارك، معتبرا ان لا مكان لهم في هذه المملكة الاسكندنافية بعد التهديد بالقتل الذي وجهه أحدهم الى نائب دنماركي.

وكان الإمام احمد عكاري قد ادلى بهذه التصريحات المهددة في تحقيق صورته كاميرا خفية في اطار برنامج «موفد خاص» الذي بثته القناة الثانية للتلفزيون الفرنسي مساء اول من امس في الدنمارك. وكان التهديد موجها الى البرلماني في الحزب الراديكالي المعارض ناصر خضر وهو مسلم قيل عنه أنه معتدل من اصل فلسطيني.

لكن الإمام عكاري، وهو من مواليد طرابلس، قال في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» لاحقا ان الامر كان مجرد «مزحة». وقال بندتسن (محافظ) لقناة «تي في2» المحلية «علينا دراسة شروط اقامة هؤلاء الائمة المتطرفين، بعد ان تهدأ قضية (الرسوم الكاريكاتورية) للنبي محمد». واضاف «اعتقد ان الاشخاص الذين يتصرفون على هذا النحو ليس لهم مكان في الدنمارك وعليهم العيش في بلد آخر».

لكن عكاري، اللبناني الأصل، الذي يحمل الجنسية الدنماركية، وبالتالي يستبعد طرده من البلاد، قال لـ«الشرق الاوسط» اثناء وجوده في البحرين للمشاركة في مؤتمر «نصرة النبي» بمشاركة 300 من علماء المسلمين:

«لقد ترجموا كلامي بصورة غير دقيقة، ولم تكن في سياق التهديد.. كما أنهم سجلوا كلامه بصورة تجسسية أثناء وجوده في سيارة مع صحافي مسلم». واستغرب التهديدات الدنماركية التي جاءت للتشويش على مؤتمر البحرين». وقال انه سيصل إلى كوبنهاغن من المنامة اليوم في الساعة الحادية عشرة صباحا. وقال «سمعنا من قبل تهديدات مماثلة بسحب الجنسية من الائمة المسلمين، وطرد الذين ساهموا في إلقاء الضوء على قضية الرسوم المسيئة الى النبي الكريم». يذكر ان عكاري الذي وصل إلى كوبنهاغن قبل 13 عاما، خطيب متجول في المراكز الاسلامية بالدنمارك، وهو خريج كلية المعلمين بالدنمارك ويحضر ماجستير في العلوم الاجتماعية، ويعتبر المتحدث الرسمي باسم «الهيئة الأوروبية» لنصرة خير البرية ومقرها الدنمارك. وأضاف: «لم نرتكب أي جرم حتى يعاقبنا القانون الدنماركي». واعتبر تصريحات بندتسن جاءت لكسب مواقع سياسية بعد التخبط الذي تعيشه الدنمارك بسبب مقاطعة بضائعها في العالم الاسلامي. واشار الى ان الحكومة الحالية تعاني من اضطراب مع بقية احزاب المعارضة بسبب قضية الرسوم لأنها لم تتعامل مع القضية في بدايتها بشكل جدي مطلوب. وافاد ان التجسس على الأئمة امر غير طيب وغير سليم من الجهة الأخلاقية. وقال ان برنامج «ديد لاين» السياسي الذي بثته القناة الدنماركية الاولى اول من امس تعرض لقضية برنامج «الكاميرا الخفية» والتجسس على الائمة. واوضح انه كتب بيانا صحافيا في البحرين وارسله الى وكالة الانباء الدنماركية (رتساو) بين حجته في التجسس عليه في برنامج «الكاميرا الخفية». ويدم طمأنينة الى النائب ناصر خضر بأنه لن يرسل انتحاريين اليه. وفي البرنامج قال عكاري «اذا اصبح (النائب ناصر خضر) يوما وزيرا لشؤون الأجانب ألا تعتقدون انه علينا ارسال رجلين لتفجيره ووزارته؟».

ويعتبر خضر، أحد مؤسسي جمعية «المسلمين الديمقراطيين» الناشئة، العدو اللدود للائمة، مما حمل الدولة على تأمين حماية له على مدار الساعة. وكانت برلمانية في الحزب الراديكالي قد رفعت اول من امس شكوى ضد عكاري لدى الشرطة، وقالت الجمعية امس انها ستتخذ الخطوة نفسها. ودافع عكاري عن نفسه في بيان اكد فيه انه لم يقصد تهديد اي شخص بالقتل، وان عبارته كانت مجرد «مزحة». وحضر عكاري مؤتمرا استمر يومين في البحرين بشأن الرسوم الكاريكاتورية اختتم أعماله أمس.

من جهته، قال الشيخ رائد حليحل خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لـ«الشرق الاوسط» اثناء وجوده في البحرين ضمن وفد الائمة الدنماركيين «ان التهديد بطرد الائمة اعتماد خاطئ لأننا نعيش في دولة اوروبية تحكمها اللوائح والقوانين». ووصف حليحل رئيس اللجنة الاوروبية لنصرة خير البرية التهديد بطرد الائمة بانه «مهاترات سياسية». واعتبر عكاري الذي شارك في مؤتمر البحرين بجانب وفد ضم ائمة الدنمارك «ان المؤتمر حقق كثيرا من الايجابيات؛ منها تذكير الحكومات العربية والإسلامية بدورها ومسؤوليتها أمام الله ثم أمام شعوبها تجاه نصرة الرسول الكريم. والتأكيد على اعتماد إستراتيجية المبادرة لا المدافعة، وحث جميع الحكومات والمؤسسات الإسلامية على تبني مشروعات عملية وعلمية في الدعوة إلى الإسلام والتعريف بنبيه، والحث علي إيجاد روابط ثقافية أكثر فعالية مع أوروبا». ومنذ اشهر تتهم الحكومة الدنماركية وقسم كبير من الطبقة السياسية الائمة المتشددين؛ وبينهم عكاري بانه وراء المظاهرات المناهضة للدنمارك في الدول الاسلامية. وبعد ان نشرت صحيفة دنماركية في سبتمبر (ايلول) 12 رسما كاريكاتوريا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قام بعضهم بجولة في الشرق الاوسط.

من ناحية أخرى، ذكرت تقارير اخبارية امس أن ناصر خضر البرلماني المسلم استهدفته تهديدات مبطنة من جانب الإمام عكاري.

وخضر ينتمي للحزب الاشتراكي الليبرالي المعارض، ومؤيد قوي لحرية التعبير في الدنمارك خلال النزاع الدائر بشأن نشر رسوم كاريكاتورية مثيرة للجدل مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ونقلت صحيفة «اكسترابلاديت» عن خضر القول «كنت أردد دائما إنني قادر على مواجهة التهديدات ولكن لا أستطيع (مواجهتها). هذا كثير جدا».