رئيس روسيا البيضاء العائد عبر انتخابات «مشبوهة» يبطش بالمعارضة

واشنطن وأوروبا تفرضان عقوبات على مينسك

TT

أعلنت الولايات المتحدة عن إدانتها لـ«قمع المعارضة في روسيا البيضاء»، موضحة أنها تبحث في فرض عقوبات مناسبة على السلطات في مينسك. أما الاتحاد الأوروبي، فقد أكد كما كان متوقعاً انه سيعاقب حكومة روسيا البيضاء. وجاءت هذه التطورات في اعقاب قيام شرطة مكافحة الشغب في روسيا البيضاء فجر امس بقمع المعتصمين في العاصمة مينسك احتجاجاً على انتخابات الأسبوع الماضي التي وصفت بـ«الزائفة». وقال البيت الأبيض أمس ان الولايات المتحدة «تدين بقوة» قمع المعارضة في بيلاروسيا وتبحث في فرض عقوبات على هذا البلد. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية الى الناطق باسم البيت الأبيض، سكوت ماكليلان، قوله ان الولايات المتحدة تطالب بالإفراج «فورا» عن المتظاهرين الذي اوقفوا صباح الجمعة في الساحة الرئيسية في مينسك خلال احتجاجهم على اعادة انتخاب الرئيس الكسندر لوكاشنكو، وأولئك الذين اوقفوا في الأسابيع الاخيرة. وأضاف أمام الصحافيين ان ادارة الرئيس جورج بوش تبحث في فرض قيود على سفر مسؤولين من روسيا البيضاء فضلا عن عقوبات مالية.

وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن قلقون ازاء قمع المظاهرة بعنف واعتقال متظاهرين في روسيا البيضاء»، وأضافت «كما قلنا في السابق، نحن ندين أية مبادرة من حكومة روسيا البيضاء تهدف الى حرمان مواطني هذا البلد من حقهم في التعبير عن رأيهم بشكل سلمي»، وزادت «نحن نراقب الوضع عن كثب مع حدوث التطورات».

وفي هذه الاثناء، اعلنت وزيرة الخارجية النمساوية، اورسولا بلاسنيك، التي تتولى بلادها حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي إن المسؤولين الاوروبيين قرروا امس فرض عقوبات جديدة على نظام الرئيس لوكاشنكو. وقالت في مؤتمر صحافي عقدته في ختام القمة الأوروبية في بروكسل ان رؤساء الدول والحكومات الـ25 «قرروا فرض قيود على المسؤولين عن الانتهاكات للمعايير الانتخابية الدولية، بمن فيهم الرئيس لوكاشنكو». وأضافت انه من العقوبات المحتمل فرضها على المسؤولين البيلاروس منعهم من الدخول الى الاتحاد الأوروبي.

وذكرت الوزيرة النمساوية ان الاتحاد الأوروبي دعا كذلك «شركاءه الدوليين وعلى الأخص الدول المجاورة لروسيا البيضاء الى اعتماد النهج ذاته». ولم تشر بلاسنيك الى روسيا بالاسم لكنها اشارت الى انها تكلمت «بوضوح كاف». ويحظر الاتحاد الأوروبي منح تأشيرات دخول الى ستة من كبار المسؤولين البيلاروس. وافادت بلاسنيك بأن الاتحاد الأوروبي دعا الى «الإفراج الفوري» عن جميع المعتقلين في هذا البلد. جدير بالذكر ان مصادر الاتحاد أشارت الى وجود اقتراحات لفرض عقوبات ضد مسؤولين كبار في مينسك تشتمل على منعهم من دخول دول الاتحاد الـ25. وأوضحت ان قائمة قد اُعدت سابقاً بأسماء ابرز مسؤولي النظام، وذلك للاشتباه في تورطهم بقضية اختفاء ثلاثة معارضين وصحافي بين 1999 و2000.

وكانت شرطة مكافحة الشغب في البلاد قد اقتحمت فجر امس تجمع الخيم التي نصبها معارضون في وسط مينسك وقامت بنقل الناشطين على متن شاحنات خلال عملية خاطفة وضعت حدا لاعتصام لا سابق له احتجاجا على اعادة انتخاب الرئيس الكسندر لوكاشنكو التي اعتبرت موضع تشكيك. وكان الاعتصام قد بدأ الأحد بمشاركة حوالي عشرة آلاف شخص، فيما انتقد الغربيون بقوة الانتخابات التي اعتبروا انها لم تكن حرة ولا نزيهة. وبدأت العملية الخاطفة للشرطة عند الساعة 00.3 بالتوقيت المحلي (00.1 ت.غ) مع وصول حوالي عشرين حافلة لرجال القوات الخاصة. وأمر رجال الشرطة الصحافيين بالابتعاد لفصلهم عن المتظاهرين ثم قاموا بنقل الناشطين على متن ست حافلات. وبين الأشخاص الموقوفين الدبلوماسي البولندي ماريوس ماسكفيتش وهو سفير سابق في مينسك جاء للتحدث مع الشبان المتظاهرين في الخيم. وبعيد مغادرة الحافلات قامت اربع جرافات سريعا بازالة الخيم، فيما قام شرطي، رمزيا، بانزال العلم الوطني البيلاروسي الذي الغاه الرئيس لوكاشنكو لاعتماد العلم السوفياتي السابق.

وفجراً توجه الكسندر ميلينكيفيتش، الاستاذ الجامعي السابق وابرز مرشح للمعارضة للانتخابات الرئاسية، الى سجن مينسك الذي نقل اليه المتظاهرون وحيث يعتقل حوالي 300 متظاهر ايضا اوقفوا في الايام الماضية. وقال ميلينكيفيتش «هذه السلطة لا تعرف الا لغة واحدة هي لغة القمع، وقد اثبتت ذلك»، ووصف تجمع الخيم الذي نظم بتحرك من الشبان المعارضين بأنه «مثال مهم جدا لمواطني بيلاروسيا».

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية ان «اولئك الشبان اثبتوا انه من الممكن في ظل ظروف الدكتاتورية، النضال من اجل الحرية»، مضيفا انه من خلال هذا الاحتجاج الرمزي «قاموا بما لم تنجح السياسة في القيام به». وكرر دعوته الى التظاهر اليوم في ساحة اكتوبر في مناسبة يوم الاستقلال، لكنه عبر عن خشيته من محاولة السلطات منع التجمع بعد أحداث الفجر.

وكانت اللجنة الانتخابية في روسيا البيضاء قد اعلنت امس النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي أظهرت فوز الرئيس لوكاشنكو بأغلبية 83% من الأصوات. وقال سكرتير اللجنة الانتخابية نيكولاي لوفوزيك ان الفرق كبير بين لوكاشنكو ومنافسه الرئيسي ميلينكيفيتش الذي حصل على 1.6% من الاصوات، واشار الى ان نسبة المشاركة وصلت الى 92.9.