صولاغ لـ«الشرق الأوسط»: 3 آلاف عنصر «مخرب» اخترقوا الأجهزة الأمنية

وزير الداخلية العراقي قال إن العراق سيتعافى بعد 5 سنوات.. والعنف الحالي «نتيجة طبيعية» لسنوات الدكتاتورية

TT

كان لا بد من المرور بالعديد من نقاط التفتيش المنتشرة في المنطقة الخضراء بوسط بغداد قبل الوصول الى مكتب وزير الداخلية العراقي باقر جبر صولاغ.

وقد استغرق وصولنا الى مكتب الوزير نحو 4 ساعات، لمسافة لم تتعد كيلومترات قليلة، تعرضنا خلالها لكافة انواع التفتيش بواسطة الكلاب البوليسية المدربة والأجهزة الالكترونية، ورجال الامن في شركة «ساندي» الاجنبية المتخصصة في حماية الاشخاص والمباني، والتي تمتد خدماتها لعدد كبير من دوائر الدولة.

والتقينا الوزير الذي يقطن في «قصر عدنان» الذي ما زال يحتفظ على بوابته بقصيدة تتغنى بعدنان خير الله، وزير الدفاع العراقي الأسبق الذي قتل في ظروف غامضة. كشف صولاغ أولا أن أجهزته اعتقلت نحو 500 شخص «متهمين بالقيام بعمليات إرهابية»، معظمهم من العرب وأوروبيون من أصول عربية. وكشف ايضا أن 3 آلاف عنصر «مخرب» اخترقوا اجهزة الأمن، منذ الشروع في عملية تكوين الشرطة والأجهزة الموازية الاخرى. مبينا ان «فرق الموت» تسمية أطلقها ضابط في الجيش الاميركي.

وأكد صولاغ في حوار مع «الشرق الاوسط» أن العراق سيتعافى في السنوات الخمس القادمة، بعد ان تواصل الحكومة الجديدة مهام بناء مؤسسات الدولة بالتركيز على الأمن والخدمات، ويصل العراق الى الحد المطلوب من الطاقة التصديرية للنفط، وسيكون وضعه بعد تلك الفترة من بين الدول الافضل في المنطقة.

ورأى الوزير أن «الفوضى الحالية هي بداية طبيعية لأي تغيير من الوضع الدكتاتوري والزعيم الاوحد الى الحكم الديمقراطي»، وقال «لو تم التغيير لصالح نظام دكتاتوري لما كانت تحدث مثل هذه الفوضى»، منتقدا بعض السياسيين الجدد في محاولاتهم تقليد الدكتاتوريين السابقين، لكنه اشار الى ان «هذا التوجه سيزول في السنوات الخمس القادمة على أقل تقدير، إذ ان الانتخابات هي التي ستشذب هذه الظاهرة».

وقال صولاغ إن ما يجري في العراق الآن من عمليات ارهابية، يأتي في السياق الطبيعي للممارسات الدكتاتورية التي عملت بشكل تعسفي واضطهاد قومي وطائفي اصاب جميع طوائف العراق وقومياته ومثقفيه، وبعد ان جاء نظام ديمقراطي يتمتع بالشفافية. وما يحدث هو نتيجة لبقايا النظام الدكتاتوري، اضافة الى ما دخل العراق من تنظيمات مثل «القاعدة» وبعض المتشددين من بعض الدول العربية لفرض دولة اسلامية. وأضاف «ان ما يجري على الساحة هو صراع تاريخي بين الحق والباطل، لأن ما يحصل في الدولة هو تغيير ديمقراطي، وان ما يحصل في الشارع هو لبقايا الارهاب والنظام السابق».

وأوضح الوزير أن الاتهامات التي توجه الى وزارة الداخلية بأنها وراء بعض العمليات الارهابية، سببها اختراق عناصر مخربة للاجهزة الامنية، مشيرا الى انه «كلما يتم إلقاء القبض على احد الاوكار الارهابية يوجد في تلك الاوكار ملابس لعناصر من قوات وزارة الداخلية»، وأضاف «يمكنكم ان تجدوا هذه الملابس معروضة للبيع في الاسواق العراقية (سوق الباب الشرقي)، كما ان السيارات التي تستخدم في عمليات العنف، هي بالأساس كانت مستوردة من قبل وزارة الزراعة في السابق بهدف التهرب من قيود الحصار المفروض على النظام السابق، وهي نفس السيارات المستخدمة من قبل دوائر وزارة الداخلية، الامر الذي يسهل عملية طلائها واستخدامها من قبل العناصر الارهابية، خصوصا وان تلك السيارات اختفت نتيجة الفوضى لدى مجاميع وجهات عدة، ثم ان فوضى الاستيراد الذي تزامن مع التغيير في البلاد قد وفر سهولة استيراد اي نوع من السيارات».

وتابع الوزير «اما الجانب الثاني فيتعلق بعمليات بناء وزارة الداخلية، إذ ان قرار حل الجيش والشرطة كان قرارا خاطئا، لذلك بدأت التجربة من الصفر، فقد وجدنا التطوع وإعادة البناء على اساس الكم وليس على حساب النوع، ونتيجة لتلك السياسة تسرب الى الوزارة عدد كبير من العناصر غير المؤتمنة، وقد كشفنا حتى الآن عن 3000 مخترق، بعد ان بدأنا بالتدقيق والذي لا زال مستمرا، وحاليا لدينا موقوف بدرجة لواء بملابس شرطة الداخلية يساهم في عمليات السرقة والاختطاف».

ويقول صولاغ ان «فرق الموت تسمية أطلقها احد الضباط في الجيش الأميركي على مجموعة من 22 شخصا، ولم يبق إلا واحد منهم مشتبه فيه وليس متهما، بعد ان اطلق سراح البقية».

واستقرأ الوزير مستقبلا مشرقا للعراق وقال «انا لست خائفا على العراق وعندي تفاؤل كبير، وما حصل هو كبوة، وأنا متألم ألا أرى هوية العراق العربية، وتساءل لماذا لا تكون الهوية واضحة للعراق، ان اكثر من 80% من العراقيين عرب ويجب ان يكون العراق بلدا عربيا ينتمي لمحيطه العربي، وإيران مثلا 50% من الفرس ويطلق عليها بلاد الفرس، ونحن يجب ان نعتز ونعمل على إبراز انتمائنا العربي».

ورفض صولاغ قيام الانتخابات وفق قوائم انتخابية مبنية على أسس طائفية أو قومية «اذ ان القوائم السابقة كانت انتماءاتها على الهوية، وليست قوائم تحتوي كل القوميات والهويات، ويجب ان يكون الاساس هو العراق». وقال «يجب ان نعمل على ألا تكون الانتخابات القادمة على هذا الاساس، وهنا لا بد ان يكون جهد للمثقفين ورجال الدين وغيرهم في ايجاد قوائم مشتركة، وما حصل في الانتخابات السابقة هو بسبب ابتعاد اخواننا السنة عن العملية السياسية، والذي كان سببا اساسيا في استمرار العنف، وبالتالي فان انتخابات 15 ديسمبر (كانون الاول) 2005 اعطت مساهمة للجميع، وهنالك نسبة جيدة تصل الى 60 مقعدا في البرلمان للطرف السني، والآن لدينا رؤيا مشتركة مع الاطراف السنية الاسلامية لعودة العراق الى سابق عهده، هكذا يجب ان يعيش العراق؛ قائمة مشتركة بين السنة والشيعة والأكراد والتركمان والصابئة والمسيحيين». وقال «ان الطائفية غير موجودة عند العراقيين؛ في عائلتي ابني متزوج من سنية، وأحد أعضاء هيئة علماء المسلمين متزوج من ابنة شقيقتي. هكذا نحن العراقيين».