سعد الحريري: نقبل بأي اسم يباركه البطريرك والحوار مستمر حتى إقالة لحود أو تنحيه

قال لـ«الشرق الأوسط» إن تثبيت لبنانية مزارع شبعا «صك شرعية» للمقاومة

TT

أبدى رئيس كتلة «تيار المسقبل» النيابية اللبنانية، النائب سعد الحريري، ثقته الكاملة بالوصول الى اتفاق حول بديل لرئيس الجمهورية إميل لحود، مؤكداً التزامه قبول أي اسم «يباركه» البطريرك الماروني نصر الله صفير للرئاسة.

وقال النائب الحريري لـ«الشرق الأوسط» أمس إن قوى «14 آذار» اخطأت في التعاطي مع المبادرة العربية الاولى، مبدياً ترحيبه بأي مسعى عربي لـ«ترطيب» الاجواء مع سورية وتسهيل تنفيذ ما اتفق عليه اللبنانيون في حوارهم حول العلاقات الدبلوماسية وترسيم الحدود معها، مشدداً على ان تثبيت لبنانية مزارع شبعا هو «صك شرعية» للمقاومة التي تسعى الى تحرير الارض.

وفي ما يأتي نص الحوار: > الى متى انتم مستمرون حول طاولة الحوار؟

ـ الحوار مستمر حتى اقالة اميل لحود او تنحيه وايجاد الحلول لقضية سلاح المقاومة. اذا نظرنا الى الحوار ككل نجد ان هناك عناوين لم تكن نحلم بمجرد الحديث عنها، فوصلنا الى نتائج حولها. انا لدي كامل الثقة بأننا سنصل عبر الحوار الى حل قضية رئاسة الجمهورية والاتفاق على رئيس جديد خلال الاسابيع المقبلة، ان شاء الله.

> هل لمستم تجاوباً ما من قبل القوى الرافضة لرحيل رئيس الجمهورية؟

ـ نحن في حالة حوار حول الطاولة، وفي الوقت نفسه هناك اجتماعات جانبية لحساسية موضوع الرئاسة، من اجل الوصول الى اسم جديد.

كلنا نعرف ان هناك مشكلة في موضوع الرئاسة. وكل ما نطلبه هو وجود استقرار يريده الشعب اللبناني. اميل لحود لا يمثل اي نوع من الاستقرار. رأينا خلال 7 سنوات من حكمه، سواء عندما كان الرئيس الحريري موجوداً او الرئيسان سليم الحص وعمر كرامي. نحن نفتش عن الاستقرار. والاستقرار لا يكون بوجود الرئيس اميل لحود. وانا ارى ان كل الذين يجلسون الى طاولة الحوار يعرفون هذا الشيء. الآن، المسألة الرئيسية التي نتحاور حولها هي البديل، لا مسألة من يريد بقاء لحود. ولا نستطيع ابقاء الشعب اللبناني في هذه الحال لأن فلاناً او غيره يريد ان يكون رئيساً. موقع رئاسة الجمهورية شاغر. ويجب ان ننظر في كيفية ملئه. وموضوع الرئاسة يهم كل اللبنانيين وليس فئة واحدة منهم.

> لاحظنا اخيراً وجود نوع من «هجمة معاكسة» في مواقف «حزب الله» والعماد ميشال عون في الموضوع الرئاسي. وأكد الحزب رفضه المساومة بين سلاح المقاومة والرئيس لحود؟

ـ لا احد يساوم بين الامرين. النقطتان مهمتان جداً. وعلينا ان نحلهما بالحوار. اذا كنا كلبنانيين نستطيع ان نجلس الى طاولة واحدة وان نبحث في ازمات البلد، فيجب ان نستطيع حل كل هذه المواضيع. أما اذا افسحنا في المجال لتدخلات خارجية في هذا الموضوع أو رغباتنا الشخصية، فهذا أمر آخر. لكني ارى ان كل الجالسين الى الطاولة لديهم توجه وطني لحل هذه الازمات. ومن لا يريد ايصال اللبنانيين الى الاستقرار فليتحمل المسؤولية. > ماذا لو لم تتجاوب هذه الأطراف؟

ـ أنا أرى أن هناك تجاوباً. فعندما اطلقنا معركة الرئاسة كان هناك رفض تام حتى لمجرد الكلام عن الموضوع. اما الآن فنحن حول طاولة الحوار نتحدث عن البديل والوسائل التي توصلنا الى هذا الهدف، وما هو الاسم المناسب لهذا المنصب. ونحن في هذا الاطار دائماً وراء البطريرك (الماروني نصر الله صفير) ومن يباركه نسير به.

> هل سيبدأ البحث بالأسماء اليوم؟

ـ نتمنى ذلك، ولا شيء يمنع. نحن منفتحون على كل شيء ولا يوجد محرمات، اذا كان ثمة اسماء ستطرح على الطاولة، فليكن. لا مشكلة.

> عندما نتحدث عن البديل يظهر وكأن هناك اسماً واحداً تفاوضون عليه؟

ـ كلا، ابداً. يجب ان يكون هناك عدة مرشحين. اما نحن نعيش الديمقراطية او لا.

> ما هي المواصفات التي تضعونها وتقبلونها في الرئيس المقبل؟

ـ ان يكون رجلاً وطنياً يدافع عما كسبناه حتى اليوم. نحن كسبنا حريتنا وإرادتنا. ونريد تطوير ديمقراطيتنا واقتصادنا. ولا نقبل وجود رجل على رأس السلطة يضع العصي في دواليب الدورة الاقتصادية. مشكلتنا التاريخية مع الرئيس لحود انه عطل (مؤتمرات) باريس ـ 1، وباريس ـ 2، وقام بالكثير من الخطوات التي أخرت البلد، عدا عن محاولته جعل لبنان دولة بوليسية.

ومن مواصفات رئيس الجمهورية ان لا يكون متقلباً كل يوم بموقف. لا نستطيع ان نقبل برئيس جمهورية من هذا القبيل. هناك ثوابت في لبنان. نحن دولة تحتاج الى الاستقرار وتطوير اقتصادها ومحاربة الفساد والجرائم. وهذه ليست مجرد شعارات. نحن نتمنى ان يحاسب كل واحد ارتكب جريمة او سرق اموال الدولة، لكن ليس محاسبة سياسية. وهذا شيء يجب ان يطبق على الجميع. ونحن ضد التسييس في موضوع العدالة. والقضاء يجب ان يكون مستقلاً عن التدخلات. ومن المواصفات ايضاً ان يكون رئيساً ديمقراطياً يتقبل الرأي الآخر، ولا يغضب اذا انتقده احد ما او يقفل صحيفة مثلاً لأنها كتبت مقالاً ضده. نحن نُشتم كل يوم ونواجه حملات ضدنا ولا نفعل شيئاً. هذه هي الحياة الديمقراطية حيث علينا ان نقبل الرأي الآخر مهما كان. الرئيس يجب ان يكون قابلاً للانتقاد وان يكون ديمقراطياً.

> هل انتم مستعدون للقبول برئيس «تسوية»؟

ـ كل ما يقوله البطريرك أو يباركه سنسير به. > حتى لو لم يكن من قوى «14 آذار»؟

ـ ما يباركه نسير به.

> ماذا عن رئيس من العسكر، أو عسكري سابق؟

ـ هذه المواصفات التي نطرحها وعلى اساسها نتحرك فاذا انطبقت على أي كان نقبل به.

> وماذا عن العماد ميشال عون؟

ـ نريد ان نعرف برنامجه.

> لقد طرح نفسه كمرشح؟

ـ هناك اكثر من مرشح، بالنسبة الي هناك تحالفات التزم بها وثوابت في نظرتنا الى وضع البلد.

> هناك من يشكو من أنكم تسعون الى رئيس ضعيف يسير وفقاً لتوجهاتكم؟

ـ بالعكس، رئيس الجمهورية يجب ان يكون مستقلاً وان تكون لديه الاستقلالية الكاملة وان يكون رئيساً قوياً لأن مشكلتنا برئيس الجمهورية اليوم انه لا يستطيع ان يخاطب العرب ولا الغرب ولا حتى اللبنانيين. نحتاج الى رئيس قوي يستطيع ان يحكي ويقنع. واجب الرئيس الأول والأخير هو اقناع اللبنانيين بالمصالح الأساسية. السياسة اقناع.

> هل انتم متفائلون بإمكانية ما توصلتم اليه حتى الآن حول طاولة الحوار؟

ـ أكيد. ما انجزناه في الحوار كبير جداً. هناك من يحاول الإيحاء بأن ما حصل مجرد كلام. الاجماع الوطني الذي حصل حول هذه المواضيع مهم. اذا القيادات السياسية لم تتحمل المسؤولية السياسية عن الاتفاقات التي توصلنا اليها فهناك مشكلة لان ذلك يدل على نيات غير صافية. لكني استطيع ان اقول حتى الآن ان كل الجالسين حول الطاولة نياتهم صافية.

> كيف ترون «المخرج» للتغيير الدستوري؟ ـ اذا توافقنا يصبح كل شيء سهلاً. الآلية تبحث وتقر بسهولة. المهم القرار.

> ماذا عن ملف السلاح الفلسطيني؟

ـ نحن لا نسعى الى سحب السلاح الفلسطيني لمجرد اضطهاد الناس. نحن نبحث عن الأمن. ونريد ان نؤمن لإخواننا الفلسطينيين الحاجات الاجتماعية الملحة. الفلسطينيون هم اكثر من دفع ثمن العدوان الإسرائيلي. ونحن كنا معهم وسنبقى ندافع عنهم ونضع انفسنا امامهم اذا كان هناك من يحاول الاعتداء عليهم. علينا ان نؤمن لهؤلاء مستوى حياة مقبولاً مع الاحتفاظ بحق عودتهم الى وطنهم. وسنسعى الى ذلك بجميع الوسائل الدبلوماسية وغير الدبلوماسية لإعادتهم الى فلسطين. وهذا حلم كل عربي. وفلسطين هي قضيتنا الاولى والأخيرة عربياً.

> نلاحظ وجود تمايز في المواقف مع حليفكم النائب وليد جنبلاط، خصوصاً في النظرة الى مزارع شبعا وسلاح المقاومة؟

ـ نحن في قوى «14 آذار» نعتبر انفسنا كتلة نيابية واحدة. هناك اختلاف في الاسلوب وطريقة الكلام. ما يقوله وليد جنبلاط بالنسبة الى مزارع شبعا ان هذه المزارع ليست لبنانية وفقاً للخرائط الدولية. فلنكن واقعيين، هذه حقيقة. لكن نحن نقول انها لبنانية. وما نريده هو ان نحصل على تغطية الشرعية الدولية لملكيتنا لها. نحن كمسؤولين عن الشعب اللبناني، يجب ان نضعه في المقام الأول. حق المواطن الذي يمتلك ارضاً في شبعا ان يعرف ان ارضه ستعود اليه بعد ان تتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، لا ان نقول له بعد ان تتحرر اذهب لتحصيل حقك من سورية. يجب الا يسألنا احد عن سبب سعينا الى ترسيم الحدود، فهذا حق للبنانيين.

ان الحصول على التثبيت الدولي للمزارع هو صك شرعية للمقاومة. وان ميثاق الامم المتحدة يعطي الحق لأي شعب احتلت ارضه ان يقاوم. اما نحن فنقاوم لتحرير ارضنا. لكن في العين الدولية مقاومتنا غير شرعية. هناك رأي عام دولي علينا ان نكسبه باثبات احقية مقاومتنا. ان مقاومتنا تحرج سورية، نحن الشعب الوحيد الذي حرر أراضيه بالمقاومة.

> ما هي نظرتكم التي ستطرحونها على طاولة الحوار حول سلاح المقاومة؟

ـ هذا أمر أقوله حول طاولة الحوار. لكن الواضح ان الأولوية هي للحصول على اعتراف دولي بشرعية المقاومة عبر اعتراف دولي بلبنانية المزارع.

> ماذا عن العلاقة مع سورية؟

ـ لقد حصل اجماع حول طاولة الحوار على العلاقة مع سورية وفصل موضوع الحقيقة (في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) عن هذه العلاقة. هذا تنازل كبير منا كلبنانيين وكقوى «14 آذار» و«8 آذار» وكعائلة الشهيد. لقد قدمنا المصلحة الوطنية ومصلحة لبنان لجهة القول بضرورة قيام علاقات مميزة مع سورية مبنية على الندية وتبادل السفارات. ونحن نمد يدنا الى اخواننا السوريين.

> ماذا لو ثبت وجود تورط رسمي سوري (في جريمة اغتيال الحريري) هل ستستمرون في موقف الفصل بين العلاقة مع سورية والحقيقة؟

ـ هذا شأن الدولة اللبنانية. رفيق الحريري ملك للدولة اللبنانية وليس لعائلته فقط. شعوري الخاص حيال الرئيس الحريري مختلف، فهو والدي وقضيته تؤثر بي في شكل مختلف فلا أستطيع ان افرض على الدولة والشعب شيئاً لا يريدانه. هناك اجماع لبناني على معرفة الحقيقة. وهذا يشرفني. لكن في نهاية المطاف اي مجرم يجب ان يعاقب. لقد خرجنا من الحرب الأهلية بإجماع حول العفو عن كل ما حصل في السابق. وقلنا من يرتكب أي شيء مستقبلاً يجب ان نعاقبه. نحن نسعى الى العقاب، اضافة الى التزامي حيال قضية والدي، لأن ذلك من شأنه ان يوحي بأن الساحة اللبنانية مفتوحة ومن يريد ان يقتل أي لبناني يفعل ذلك. العقاب موجود في كل الديانات والقوانين. والعقاب يردع عن ارتكاب الجرائم.

> هل نقل اغتيال الرئيس الحريري عائلته وتياره الى مكان آخر، بعيداً عن ثوابته التي كان يلتزمها؟

ـ موقف رفيق الحريري كان دائماً العمل لمصلحة لبنان ومع القضية الفلسطينية والقضايا العربية. وهذا ما نقوم به ولم نتراجع عنه يوماً. ولم نقل قط اننا سنقف ضد القضية الفلسطينية أو المقاومة. نحن نلتزم ثوابت الرئيس الحريري. وليس مطلوباً منا ان نكون، بعدما قتل رفيق الحريري، مع قرارات ضد مصلحة لبنان.

> كيف تنظرون الى الدور العربي في الأزمة اللبنانية؟

ـ الدور العربي أساسي. وانا اعتبر ان ما حصل ضد المبادرة العربية السابقة خطأ جسيم وقعنا ووقعت فيه قوى «14 آذار». يجب ان نفهم ان العرب يسعون دائماً الى مصلحتنا. فكل المساعي العربية كانت لمصلحة لبنان واستقراره ووقف الحرب فيه، كما حصل في مؤتمر الطائف. ولذلك نحن مع كل مبادرة عربية وكل تحرك يسعى للاستقرار في لبنان. نحن عرب ونسعى الى ان يكون للبنان موقعه في العالم العربي.

> هل هناك خشية من مبادرة عربية لتطبيع الوضع مع سورية تؤدي الى تمييع الحقيقة؟

ـ كلا ابداً. الحقيقة ملك للمجتمع الدولي الآن ومن ضمنه طبعاً المجتمع العربي الذي شارك بفاعلية في القرارات المتعلقة بجريمة الاغتيال. وبعد قرارات الاجماع التي صدرت عن طاولة الحوار في ما يتعلق بالشق السوري يحتاج الى العرب لوضعه على مساره الصحيح.

> اين لبنان على جدول اعمال القمة العربية؟

ـ لبنان بند مهم جداً بسبب تفاعلات التحقيق والعلاقات مع سورية والعدوان الاسرائيلي الدائم. هناك محاولة تمييع اعلامية لكن هذا غير صحيح فلبنان بند أساسي في القمة.

> هل ستحتاج البنود التي توصلتم اليها الى «مبادرة عربية» ما، وخصوصاً في ما يتعلق بسورية؟

ـ نحن أجمعنا لبنانياً على علاقات مميزة وندية ودبلوماسية. ولا يخفى على احد وجود مشكلة مع سورية. فاذا وجد العرب وسيلة لتقريب وجهات النظر فأهلاً وسهلاً. واذا لم يكن هناك كلام بيننا وبينهم فلا بد من وجود من يطرّي (يرطّب) الجو بيننا وبينهم. ومن أفضل من العرب؟