سائق بن لادن يقاضي بوش في المحكمة العليا

في ما قد يؤدي إلى تصادم بين السلطتين القضائية والتنفيذية

TT

يسعى السائق السابق لأسامة بن لادن، الذي ألقت القوات الأميركية القبض عليه في افغانستان وسجنته في خليج غوانتانامو بكوبا، الى تحقيق نصر على الرئيس بوش في ميدان جديد هو المحكمة العليا.

وفي المحاجات الشفهية يوم غد الثلاثاء يطلب محامي سالم أحمد حمدان من القضاة الإعلان عن أن اللجنة العسكرية الأميركية، التي تعتزم محاكمته بتهمة التآمر مع رئيسه السابق لتنفيذ هجمات ارهابية، هي لجنة غير دستورية.

ويتميز ذلك الطلب بأهميته، غير ان تأثيره المحتمل أوسع بكثير، اذ يجعل من قضية حمدان واحدة من أهم القضايا في رئاسة بوش، فهي تشكل تحديا للرؤية الواسعة للسلطة الرئاسية التي مارسها بوش منذ الهجمات الارهابية في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001.

ويدعو ملخص دعوى حمدان المحكمة الى ايقاف «هذا الادعاء غير المسبوق بالسلطة». ويحث ملخص دعوى الادارة المحكمة على عدم التشكيك بقرارات القائد العام للقوات المسلحة «بينما يستمر الصراع المسلح ضد القاعدة».

وقد لا تؤدي القضية الى تصادم مباشر بين السلطتين القضائية والتنفيذية، اذا ما قررت المحكمة ان قانونا فيدراليا سن مؤخرا بشأن اللجان العسكرية يحرمها من الصلاحية القضائية للحكم في قضية حمدان. غير ان هناك احتمالا آخر يتمثل في أن المحكمة يمكن أن تتوصل الى قرار غير حاسم حيث يقف اربعة قضاة مقابل اربعة آخرين ذلك ان وزير العدل، جون روبرتس، كان قد اصدر حكما في نفس القضية عندما كان في محكمة الاستئناف الفيدرالية مما يرجح أنه لن يشترك في حكم الوقت الحالي.

ولكن اذا ما كانت المحكمة تخشى السير في طريق شاق مثل هذا فإنها لم تعط اية اشارة على ذلك. فقد رفضت دعوة الادارة لرفض النظر في القضية بسبب الافتقار الى الصلاحية القضائية قبل الاستماع الى المحاجات، وربما كان أكثر اهمية انها رفضت مؤخرا الاذعان الكامل للرئيس في قضيتين سابقتين متعلقتين بالارهاب.

وقال ريتشارد لازاروس، أستاذ القانون في جامعة جورجتاون المتخصص قضاء المحكمة العليا، انه «توجد مسائل كثيرة جدا في هذه القضية، تتعلق بما اذا كان الرئيس مفوضا من الدستور لتشكيل اللجان، وكذلك كيفية التعامل مع هذا النوع من الحرب في اطار قوانين الحرب القائمة. وفي معظم القضايا نجد مسألتين أو ثلاثا أو أربعا. أما هذه القضية ففيها ما يتراوح بين 10 و123 مسألة، الأمر الذي يجعل من معالجتها أمرا شاقا».

وسواء كان الأمر يتعلق باعتبار مواطن أميركي «مقاتلا عدوا» خاضعا للاحتجاز العسكري، أو رفض التغطية في اطار معاهدات جنيف بالنسبة لسجناء خليج غوانتانامو، او استخدام وكالة الأمن القومي للتنصت على الاتصالات الداخلية، فان بوش قال ان الدستور وقرارا من الكونغرس اقر من جانب الكونغرس بعد ثلاثة ايام من الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، يمنحانه تفويضا لشن حرب ضد الارهابيين بدون أن تعيقه مراجعة قضائية أو إشراف من الكونغرس او قانون دولي. وتلك المزاعم ظهرت في المرسوم العسكري رقم واحد الذي اصدره بوش يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، والذي تشكلت بموجبه اللجان فأثارت أحد أول الجدالات السياسية في الولايات المتحدة حول الارهاب بعد مرور شهرين عقب الهجمات تطابقت خلالها الآراء نسبياً.

وأرادت الادارة بديلا صارما لنظام المحاكم المدنية الذي كانت ادارة كلينتون قد استخدمته ضد الارهابيين. غير ان العقاب السريع والمؤكد الذي توقعه مؤيدو اللجان لم يتجسد في الواقع. وعلى الرغم من ان 10 من اصل 490 من الإرهابيين المشتبهين الموجودين في سجن خليج غوانتانامو قد اعدوا للمحاكمة فانه ما من قضية جرى اتخاذ قرار بشأنها.

ومن البداية تعرضت اللجان الى أسئلة حول نزاهتها وفاعليتها. وجادل النقاد بأن اللجان عاجزة لأنها، كما أشار ملخص دعوى حمدان، الذي اعده نيل كاتيال استاذ القانون في جامعة جورجتاون، يمكن أن تحاكم المشتبه فيهم «على جرائم حددها الرئيس لوحده، بموجب اجراءات تفتقر الى اجراءات الحماية الأساسية، امام «قضاة» تابعو الرئيس الذي اختارهم».

وبعد مناقشات داخلية طويلة عدلت الإدارة اللجان بحيث تكون المحاكمات علنية ويعتبر المتهمون فيها أبرياء الى ان تثبت ادانتهم. ولكن ذلك لم يقنع النقاد الذين أوضحوا بأن السلطة التنفيذية ستكون السلطة الوحيدة التي تقرر من هو «العدو المقاتل المنتهك للقانون» المؤهل للمحاكمة في المقام الأول.

وأكد النقاد أيضا أن معاهدات جنيف تتطلب ان يمنح كل سجين جلسة استماع مستقلة للحجج مع امكانية الوصول الى المحاكم الفيدرالية مع امر قضائي بالتحقيق في قانونية سجنه. ومن الناحية التاريخية ظلت المحاكم ضد الخضوع للرؤساء خلال فترات الحروب. وقال لازاروس انه نتيجة لذلك، فإن مؤيدي حمدان «بحاجة الى ان يوضحوا ان هناك سببا يدفعهم الى عدم الثقة» بالرئيس بوش وهو يتمتع بسلطة من دون مراقبة وتقييد. واشار لازاروس الى ان ذلك السبب قد يأتي من المزاعم الخاصة بالتعذيب في خليج غوانتانامو او سجن ابو غريب في العراق، والتي ظهرت الى السطح عام 2004، ونوقشت على نطاق واسع في ملخصات الدعوى الخاصة بحمدان.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»