مصادر: إيران تطور صواريخ قادرة على الوصول إلى السواحل الشرقية لأميركا

طهران تدخل سباق الأقمار الصناعية بإطلاق قمر صناعي ثان في أكتوبر المقبل

TT

سيطلق الروس قبل نهاية أكتوبر (تشرين الاول) المقبل قمرا صناعيا صغيرا لا يزيد وزنه عن مئات الأرطال، وسيدور حول الأرض مرة واحدة كل 99 دقيقة ومع الكاميرات المزود بها سيقوم باستكشاف قطاعات واسعة من الأرض، وكل هذا ليس بالشيء الجديد، لكن ما يجعل هذا القمر الصناعي هاما هو ان الدولة التي تطلق موسكو الصاروخ لحسابها هي إيران. ومع إطلاق طهران قمرا صناعيا العام الماضي وتخطيطها لإطلاق آخر خلال الأسابيع القليلة المقبلة فإن طهران أصبحت العضو الجديد في نادي الفضاء الدولي. والسؤال الآن المطروح في واشنطن وعواصم أخرى هو ما إذا كانت جهود إيران هي باختصار جزء من سعيها لتطوير تقنيتها العسكرية، تضاف إلى مساع اخرى تهدف إلى تطوير برامجها العسكرية. ويثير برنامج إيران الفضائي المبتدئ قلقا بين الخبراء والمحللين الغربيين. إذ في الوقت الذي تم التركيز فيه حاليا على ما إذا كانت إيران تسعى بشكل سري لامتلاك أسلحة نووية يقول المحللون إن إطلاق هذه الأقمار الصناعية تشير إلى مرحلة جديدة في مساعيها المتنامية لإتقان عدد من التكنولوجيات المتطورة بما فيها الصواريخ والأقمار الصناعية. والقلق هو أن تتمكن إيران ذات يوم من تحويل هذا التقدم صوب أهدافها الذرية. وقال الدكتور جون شيلدون المحلل في مركز الدفاع والأمن العالمي في بريطانيا «قد يبدو مغريا إهمال الجهود الإيرانية. لكن إيران قد أظهرت استمرارا وصبرا يشير إلى أنها مستعدة لأن تلعب لعبة طويلة الأمد من أجل تحقيق طموحاتها».

وقال الدكتور أنتوني كوردسمان المحلل السياسي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن «المسألة الأساسية هي أنهم يمتلكون أدوات معززة ضخمة في طور التشكل». وقال إن رهان طهران لتطوير صاروخ جديد وتكنولوجيات خاصة بالفضاء قد لا يكون حاليا أكثر من استكشاف خيارات التكنولوجيا، وهي في بعض الأوقات بدت متواضعة مثلما هو الحال مع جهودها الأخيرة لإطلاق أقمار صناعية تجريبية. وقال الدكتور كوردسمان «ذلك لا يعني أن ما هو كامن يجب التقليل من أهميته. نحن نعرف هذه البلدان قادرة على إنجاز مفاجآت تكنولوجية». وحتى الآن ظل المسؤولون الأميركيون يقولون إنهم لم يحتجوا على برنامج إيراني الفضائي. بينما قامت الوكالات الاستخباراتية الأميركية بمراجعة المعلومات المتعلقة بإطلاق القمر الصناعي في الخريف الماضي لكنها لم تقل إن ذلك يبرر عدم اتخاذ فعل ما. كذلك لم تحث الولايات المتحدة روسيا (التي تعد عنصرا أساسيا في المفاوضات الجارية حاليا مع إيران حول جهودها الهادفة إلى تخصيب اليورانيوم) كي توقف الإطلاق. لكن مسؤولا أميركيا رفيعا تحدث شرط عدم الكشف عن هويته بسبب أنه غير مصرح له لتناول الموضوع علنا، قال إن الولايات المتحدة «تتدارس موقفا آخر» يتحدد بالضغط على موسكو لإنهاء الدعم الفضائي الذي تقدمه لإيران باعتباره وسيلة لإيقاف عزم إيران على تخصيب اليورانيوم. وقال ديفيد رايت محلل الفضاء في «اتحاد العلماء المعنيين» الذي يمثل مجموعة بحث في كمبردج بولاية ماساشوسيتس «إنه لأمر شيق متابعة الاتجاه الذي يسيرون فيه». وقال جون نيغروبونتي مدير وكالة الاستخبارات القومية إن مخاطر امتلاك طهران «سلاحا نوويا وقدرتها على إدماجه مع صواريخها البالسيتية» هي سبب «لقلق مباشر». ولإيران صواريخ قادرة على قطع مسافة 1000 ميل أو قادرة للوصول إلى إسرائيل حسبما قال نيغروبونتي. وأضاف أن لإيران أكبر مستودع من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط. ويقدر مسؤولو الاستخبارات الأميركيون أن إيران قد تكون قادرة على امتلاك صواريخ عابرة للقارات، تصل الى السواحل الشرقية لاميركا قبل انتهاء عام 2015 لكن تنبؤات كهذه هي مجرد تقديرات تقريبية. وحصلت طهران ضمن جهودها لبناء أسطول من الصواريخ دعما تقنيا من روسيا والصين والهند وإيطاليا وكوريا الشمالية. وبدأت مساعيها خلال الحرب بينها وبين العراق التي دارت ما بين عامي 1980 و1988. وحسب التقرير فإن إيران في البداية اشترت صواريخ «سكود» من روسيا ثم تعلمت كيفية صنعها لتسميها بـ «شهاب 1» وهي صواريخ يبلغ طولها 36 قدما وتستطيع أن تحمل رؤوسا حربية وزن كل منها يصل إلى الطن وتستطيع أن تغطي مسافة تبلغ ما يقرب من 200 ميل. لكن قبل نهاية عام 1991 تعلمت إيران كيفية تمديد المسافة وإيصالها إلى 300 ميل وسمت صاروخها الجديد بـ «شهاب 2». وأطلقت إيران عددا من هذه الصواريخ في 1994 و1999 و2001 ضد معسكرات «المقاومة الوطنية لتحرير إيران» وهي قوة منشقة في العراق تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني. وخلال تلك الفترة سعت إيران أيضا إلى تطوير مجموعة قوية جديدة من الصواريخ سمتها بـ «شهاب 3» وتستند إلى نموذج كوري شمالي ويبلغ طوله 56 قدما. وتحيط ايران عملها المتقدم في مجال الصواريخ بسرية مطلقة على نحو يجعل من الصعب على المحللين الغربيين معرفة تفاصيله. إلا ان بعض الخبراء يقولون ان الكثير من المؤشرات يدل على ان طهران تعمل جاهدة على إنتاج صواريخ قادرة على حمل أقمار صناعية الى الفضاء او رؤوس حربية بين القارات. ويقول تشارلس فيك، خبير شؤون برنامج الصواريخ الايرانية بمجموعة «غلوبال سيكيوريتي» في آليكسندريا بولاية فيرجينيا الاميركية، ان الاستراتيجية الايرانية تهدف الى تطوير «شهاب 1» او «شهاب 2» بغرض إنتاج «شهاب 3» كصاروخ اكثر تقدما بمدى يقدر بقرابة 2000 ميل مع تطوير أشكال اخرى. وأورد د. كوردسمان وخالد الروضان في تقرير صدر في الآونة الاخيرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن ان هناك انواعا متقدمة من الصواريخ اذا طورت ستمكن ايران من استهداف الساحل الشرقي للولايات المتحدة. ظلت ايران اكثر انفتاحا فيما يتعلق ببرامجها الخاص بالأقمار الصناعية وأطلقت على مدى سنوات الكثير من الادعاءات، لكنها لم تستطع ان تنجز حتى الآن سوى خطوات اولية فقط في هذا المجال. وفي نفس الوقت درج علماء ايرانيون على الإشادة بفوائد المشاركة في عصر الفضاء.

وقد ناقش مصطفى صفوي، من جامعة «الأمير الكبير التكنولوجية» في طهران قيمة مراقبة الأرض عبر الأقمار الصناعية بغرض رصد الفيضانات ومكافحة الحرائق واحتواء أضرار الزلازل وتحديد خطوط لإخلاء السكان والتعرف على المناطق ذات المخاطر الكبيرة. وتحدث صفوي ايضا في نفس المناسبة خلال عرض قدمه في مؤتمر متخصص حول الأقمار الصناعية المستخدمة في مجال الاستطلاع التي توجه كاميرات تصوير قوية نحو الارض، وذلك لقدرة هذه الأقمار على التعرف على التفاصيل والأشكال الصغيرة ذات الأهمية العسكرية. وقال صفوي خلال العرض الذي قدمه ان هذه الأقمار قادرة، على سبيل المثال، على رصد السفن المغادرة والواصلة الى الموانئ العسكرية والتجارية، ووصف صفوي عمليات الرصد هذه بانها «عامل مهم في الاستطلاع الاستخباراتي». وكانت «وكالة الفضاء الايرانية» قد اسست في مايو (ايار) 2004 بغرض تنسيق جهود ومساعي البلاد في العمل مجال الفضاء والإعلان عنها. وعقدت الوكالة اجتماعات بمشاركة خبراء من مختلف دول العالم وركزت جداول أعمال هذه الاجتماعات على استخدام الكاميرات الفضائية للمساعدة في تخطيط الاراضي وإدارة الكوارث الطبيعية. وقال حسن شفتي، مدير «وكالة الفضاء الايرانية»، عقب افتتاح الجلسة ان التطبيق الحكيم والعاقل لتكنولوجيا الفضاء سيؤدي الى رفع نوعية الحياة، وأضاف قائلا ان الوكالة «ستلعب دورا مهما» في تصميم وصناعة وإطلاق الأقمار الصناعية الإيرانية والإقليمية. وأتضح ان شركة روسية بمدينة اومسك في سيبيريا كانت قد صممت اول قمر صناعي ايراني «سينا 1»، الذي سمي على اسم فيلسوف فارسي، كما اتضح ايضا ان الجيش الروسي أطلق القمر الصناعي من قاعدة نائية شمال روسيا. وقال جوناثان ماكدويل، وهو عالم فلك بهارفارد وناشر «سبيس ريبورت» ومهتم بمتابعة البرنامج الايراني، ان المعلومات ذات الصلة بالأقمار الصناعية الايرانية بدأت تظهر ببطء وبتفاصيل قليلة، وأضاف قائلا انه لا يعرف ما اذا كان السبب وراء ذلك عسكريا ام انه يتعلق بعدم معرفة ايران بالعلاقات العامة.