بيت الماغوط يستقبل معزيه.. وجيرانه يجهلون أنه مات

في وداعه للصوت الذي أحبه كثيرا.. عبد الباسط عبد الصمد

TT

كان كل شيء يبدو هادئاً واعتيادياً في البناية، التي عاش فيها محمد الماغوط سنوات طويلة، بعد ظهر أمس، فبعضهم لم يسمع بموته أو حتى تجاهلوا معرفة أنه يسكن في نفس البناية (الطابق الثالث بحي المزرعة). إذ لا يوجد نعي، ولا شيء يدل على رحيل هذا الشاعر الكبير في اليوم التالي لرحيله، رغم أن خبر موته تصدر الصحف والأخبار الفضائية والصفحات الثقافية. في بيت الماغوط أيضاً، كان كل شيء هادئا، بعد ظهر أمس. ثمة في غرفة الاستقبال الصغيرة لوحات رسمها فنانون للشاعر الراحل ولزوجته الشاعرة سنية صالح، وصورة لجمال عبد الناصر، وبعض اللوحات التشكيلية، كان بعض أقرباء الشاعر وقلة من أصدقائه، بينهم شابة وصلت للتو من مدينة اللاذقية، يتحدثون عن الماغوط وعن شعره وعن آخر لقاءاتهم به. السيدة فاطمة نظامي، بدت حزينة، وهي تتحدث عن آخر حوارات دارت بينها وبينه، قالت إن الماغوط سَّر لها مرة: عندما أقرأ شعري أستغرب كيف كتبته وأتعجب، ولكن لم يكن هذا طموحي فقط، كنت أرغب أن يكون لي جماعة شعرية.. وإنها قالت له: إنك أثرت بالكثيرين، وإن لك حضوراً في كل الأجيال. حين دخلوا عليه ظهر يوم الاثنين الماضي، كان ممدداً على الكنبة يمسك سماعة الهاتف بيد، وفي اليد الأخرى ترمدت السيجارة بين أصابعه، فيما شريط القرآن يدور في المسجلة. الكاتبة كوليت بهنا، كاتبة سيناريو مسلسل «حكايا الليل والنهار»، قالت إنها في الفترة الأخيرة جلبت للماغوط، أربعة أشرطة كاسيت للقرآن، كان قد طلبها، لكنه كان دائماً يفضل صوت عبد الباسط عبد الصمد. في الليلة الأخيرة قبيل وفاته، زارته فاطمة وأكدت أن وضعه الصحي لا يشي بأنه سيغادر عاجلاً، فالمرة الماضية التي ذهب فيها الى المشفى، كان وضعه سيئا جداًَ، لكن هذه المرة كان أفضل بكثير، ومزاجه كان مرتاحاً، وقالت: «سألني عن سلمية (قريته)، وإذا ما كانت تمطر هناك، وسألني عن عمي شحود نظامي، وطلب مني إعادة نكتة رويتها له، وعنه. وفي الأيام الأخيرة كان يسأل عن رفاق الطفولة، الذين كتب عنهم في «البدوي الأحمر» كتابه الأخير، ضمن نص بعنوان «دفتر تفقد».

الأحاديث التي كان يتجاذبها أبو شام، كما تحب أن تناديه فاطمة، كانت عن الشعر والثقافة، وفي الأيام الأخيرة كان يكثر الحديث عن نوادر جماعة مجلة شعر، وعن آراء يوسف الخال وسعيد عقل وغيرهم كثر.. صباح اليوم تودع دمشق شاعراً أحبها ومن شدة حبه لها هجاها وشتمها كعاشق غاضب.