البنتاغون يكشف النقاب عن 2600 صفحة جديدة من وثائق غوانتانامو

بينها ملفات 6 جزائريين اعتقلوا في البوسنة

TT

كشفت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) طوعا عن 2600 صفحة جديدة، من الوثائق المرتبطة باستجواب معتقلين في قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا، بعد جهود استمرت اربعة ايام لابقاء اسمائهم سرية. وعزا متحدث باسم الوزارة ذلك الى «محاولة الالتزام بالشفافية». من جهة ثانية، مثل أمس الافغاني عبد الظاهر، المتهم بمهاجمة صحافيين اجانب، امام محكمة عسكرية اميركية مع استئناف محاكمات «الحرب على الارهاب» في معتقل غوانتانامو.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، ان عبد الظاهر متهم بنقل اموال لتنظيم القاعدة، والقاء قنبلة على صحافيين اجانب، كانوا يمرون بسيارتهم. ويقول المدعون ان عبد الظاهر استهدف ثلاثة صحافيين في مارس (آذار) 2002، بمن فيهم كاثلين كينا الصحافية في صحيفة «تورونتو ستار»، التي اصيبت بجروح في ساقها جراء الهجوم. ومن المقرر كذلك عقد جلسة للنظر في قضية المراهق الكندي عمر احمد خضر، المتهم بقتل جندي اميركي في معركة في افغانستان. وكان خضر في عمر الخامسة عشرة عندما القت القوات الاميركية القبض عليه، ويقول محاميه ان سنه الصغير لا يسمح بتوجيه تهم له، بارتكاب جرائم حرب. ويتهم الكندي الذي يؤكد محاميه انه تعرض للتعذيب واعمال عنف في غوانتانامو، بقتل طبيب عسكري اميركي، خلال معركة مع القوات الاميركية قرب خوست في افغانستان.

ويؤكد المدعون ان خضر يتحدر من عائلة على علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة وان والده، وهو كندي من مواليد مصر، كان احد ممولي التنظيم الارهابي. وقتل والده احمد سيد خضر في اكتوبر (تشرين الاول) 2003، واتهم ابناؤه الاخرون ايضا بانهم على علاقة بالارهاب. وقد انشأت الادارة الاميركية المحاكم العسكرية لمحاكمة المعتقلين في قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا، الا ان جماعات حقوق الانسان والحكومات الاجنبية انتقدت تلك المحاكم ووصفتها بانها غير نزيهة وخارجة عن الاعراف القانونية الاميركية والدولية.

وتشمل الوثائق التي نشرت اول من امس على الموقع الإنترنتي للبنتاغون، محاضر جلسات استماع أجرتها لجان لتقييم وضع «المقاتل العدو» للمعتقلين مرة كل سنة، لتحديد ما اذا يمكن اطلاق سراحه او نقله، حسبما افادت وكالة الصحافة الفرنسية. وبينها ملفات ستة جزائريين اعتقلوا في البوسنة عام 2002 ونقلوا الى غوانتانامو، بعدما اوقفت المحكمة العليا البوسنية ملاحقتهم بتهمة التخطيط لتفجير السفارة الاميركية في ساراييفو. ويعتبر ملف «البوسنيين الستة» غير عادي لانهم اعتقلوا في اوروبا، بعيدا عن افغانستان، حيث اوقف غالبية الـ490 المحتجزين في غوانتانامو في اطار الحرب على الارهاب.

وقد رفض احدهم، وهو بلخادم بن صياح، المثول امام اللجنة للرد على الاتهامات، بانه أحضر مجندين محتملين للقاعدة لحساب ابو زبيدة، احد ابرز مساعدي زعيم القاعدة اسامة بن لادن. وتقول الحكومة في الوثائق ان بن صياح، كان لديه رقم الهاتف الخليوي لابو زبيدة وقد اجرى سبعين اتصالا الى افغانستان بين 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وحتى اعتقاله في اكتوبر (تشرين الاول) 2001.

والخمسة الاخرون، صابر الاحمر ومحمد نشلة ومصطفى آيت ايدير وبودلة الحاج وبومدين الاخضر، يبدو انهم اعتقلوا لانهم كانوا يعرفون بن صياح. كما يشتبه في انهم اعضاء في الجماعة الاسلامية المسلحة، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة ارهابية جزائرية. وخلال الادلاء بافاداتهم عبروا عن استغرابهم ازاء الاتهامات الموجهة اليهم. وقالوا لمحققي اللجان انه لم يكن لديهم اهتمام في مخطط تفجير السفارة. وقال بودلة، «انني هنا منذ ثلاث سنوات ولقد سمعت لتوي هذه الاتهامات، لم يذكر لي احد هذه الاتهامات».

وقد غادر الاشخاص الستة الجزائر في اواخر الثمانينات ومطلع التسعينات ووصلوا الى البوسنة، حيث تزوجوا من بوسنيات وعملوا لدى عدة منظمات خيرية اسلامية، بحسب محاضر قدمها محامو الدفاع. لكن ثلاثة من الستة قالوا انهم لم يتعرفوا الى بن صياح، الذي يشتبه في انه زعيم الخلية قبل ان ينقلوا الى غوانتانامو.

وبحسب محامي الدفاع فان بومدين الذي عمل لدى الهلال الاحمر التابع للامارات، قدم في بعض المناسبات المواد والالبسة لاولاد بن صياح. وقال المحامون في وثائق ان الاحمر وبن صياح التقيا مصادفة في سوق في زينيتشا، حيث كان بن صياح يقيم.

وجاء في مقال نشرته مجلة «تايم» ورد في هذه الملفات كدليل ان اعتقال الجزائريين تم كما يبدو عبر التقاط مكالمة هاتفية في 18 اكتوبر 2001، اجراها الاحمر وبحث فيها حملة الضربات الاميركية على افغانستان. واعتقل الستة خلال 72 ساعة بتهمة التخطيط لتفجير السفارة الاميركية. وبعدما وضعوا قيد السجن الاحتياطي في انتظار التحقيق، افرج عنهم في 16 يناير (كانون الثاني) 2002، بعدما اغلقت المحكمة العليا البوسنية الملف. لكنهم قالوا ان قوات خاصة بوسنية اعتقلتهم اثر الافراج عنهم وسلمتهم للاميركيين. وطبقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، اوضح بودلة «امضينا اربعة ايام معصوبي العينين، فيما وضع لاصق على افواهنا واوثقت ايدينا وارجلنا، ولم ندرك مكان وجودنا الا بعد وصولنا الى هنا». ورفض الاحمر الادعاءات الاميركية بانه كان شريكا لابن صياح. وقال للجنة «اتحداكم ان تجدوا شخصا او اي شيء يثبت انني كنت على علاقة مع رجل ينتمي الى القاعدة».

واشار محامو الدفاع ايضا الى ان صهر الاحمر السابق علي الحمد، الذي يقضي عقوبة سجن، تحدث عن رابط بين الجزائريين والجماعة الاسلامية المسلحة، ليؤمن خروجه من السجن. والوثائق التي نشرت لا تشمل معلومات مصنفة تأخذها اللجان في الاعتبار لاصدار قراراتها.

وفي تعليق على هذه البادرة، اعتبر برايان ويتمان، وهو متحدث بارز باسم البنتاغون، ان الكشف عن الوثائق جاء نتيجة لرغبة الوزارة بالتعاطي بشفافية مع القضية، وذلك حسب تقرير بثته وكالة انباء رويترز. وقال للصحافيين انهم اثاروا «نقاطا مهمة ونقاطا صحيحة، بالسؤال عما اذا كان البنتاغون تخلى بنشره تلك الوثائق الاخيرة عن مخاوفه السابقة بخصوص الأمن القومي». لكنه رأى انه في ضوء خسارة البنتاغون المعركة للاحتفاظ بالوثائق الاخرى في الدعوى القضائية التي رفعتها وكالة أسوشييتد برس، قرر البنتاغون أن من الحكمة المضي قدما والافراج عن وثائق لا يشملها الامر القضائي السابق.

ونسبت رويترز لويتمان قوله ان هناك 490 معتقلا في سجن غوانتانامو، الذي افتتح في يناير عام 2002. ويدين ناشطو حقوق الانسان الاعتقال لاجل غير محدد في غوانتانامو وافتقار السجناء الى حقوق قانونية. ولم توجه اتهامات بارتكاب جرائم سوى الى 10 سجناء فقط.