البيان الختامي للملتقى الأول لعلماء العالم الإسلامي ومفكريه يدعو لميثاق لتوحيد الصف والفتوى

TT

طالب البيان الختامي للملتقى العالمي للعلماء المسلمين، منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، للقيام بدور بارز في حل القضايا التي تواجه الشعب العراقي، والفصائل في الصومال وقضية دارفور، وذلك بعد لقاءات ومشاورات دامت ثلاثة أيام في مكة المكرمة، وبحضور كوكبة من علماء العالم الإسلامي ومفكريه.

وتناول البيان الختامي للمشاركين في الملتقى مفهوم «وحدة الأمة الإسلامية»، والذي حمل عنوان الملتقى، وتم النقاش حوله بتقسيمه إلى خمسة محاور رئيسية تعاقب عليها العلماء والمفكرون لوضع تصورات ورؤى للمبادئ التي يجب اتخاذها لتحقيق المفهوم الرئيسي للملتقى، وذلك بالإضافة إلى ميثاق يوحد العلماء المسلمين ويجمع كلمتهم، ويدعو إلى توحيد الفتاوى الشرعية التي تعود بالفائدة على مصالح الأمة وتوحيد كلمتها.

وأشار البيان إلى ما تضمنه خطاب خادم الحرمين الشريفين، عبر الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الأمير مشعل بن عبد العزيز، محافظ مدينة جدة، حول التحديات التي تواجه الأمة المسلمة، والذي أشاد خلال كلمته بتكوين الرابطة ملتقى عالميا للعلماء المسلمين لعرض الرؤى حول التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية.

وقال البيان إن المشاركين في الملتقى عقدوا عدة جلسات تدارسوا خلالها البيان الختامي، وبلاغ مكة المكرمة، الصادر عن قمة مكة مطلع شهر سبتمبر (ايلول) 2005. ورحب المشاركون بقرارات القادة في القمة.

وتلخصت قرارات المشاركين في الملتقى الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي في ستة أشكال رئيسية؛ وحمل الشكل الأول عنصرين؛ الأول يطالب المحافظة على تجمعات الدول الإسلامية، وذلك لصيانة حقوقها، والذود عن هويتها، والحفاظ على الحقوق المشتركة لها.

وحمل العنصر الثاني من القرار الأول للملتقى شكلا إيضاحيا ببيان أن مقومات الوحدة الإسلامية قائمة على وجدان شعوبها، وأنها ليست لاستجابة مصالح آنية، وتعود إلى ثوابت إيمانية في ثقافة المسلمين.

بالإضافة إلى الدعوة للتنسيق الكامل للوحدة في العالم الإسلامي باشتراط أن تتعارض مع الارتباطات الإقليمية والعالمية، والعمل التعاوني مع التجمعات الاقتصادية والسياسية الأخرى، وذلك لتحقيق السلام والاستقرار في العالم أجمع.

وتناول القرار الثاني للملتقى الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والتي قامت إحدى الصحف الدنماركية بنشرها أواخر سبتمبر (ايلول) 2005، رافضين تلك الهجمات الشرسة حسب وصفهم، ومؤكدين أن مقاصد الرسالات السماوية هي عبادة الله، وأنها نفس الرسالة التي بعث بها الرسول صلى الله وعليه وسلم. ودعا العلماء المشاركون في الملتقى العالم وشعوبه إلى احترام الإسلام وكتابه ونبيه، معتبرين الإساءات الصادرة هي من نفوس مشبعة بالكراهية للإسلام وأهله. وأضاف البيان الختامي للمشاركين «ونؤكد من خلال الملتقى أن مقاصد الإسلام مقاصد عالمية سامية، تسعى إلى تحرير البشر من عبادة غير الله إلى عبادة الله وحده، وتحقيق الرحمة والعدل والإحسان، والتسامح والأمن والسلام بين الناس».

ويطالب الملتقى المسلمين بالذود عن دين الله وعن كتابه الكريم، ونبيه صلى الله عليه وسلم، بعلم وبصيرة وحكمة، ويدعوهم إلى بيان محاسن الإسلام لغير المسلمين والتعريف بمبادئه العظيمة، والاعتزاز بالقرآن الكريم في كل مناسبة، وفي كل مكان.

وطالب المشاركون في البيان الختامي رابطة العالم الإسلامي أن تتابع المنظمات الدولية؛ وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان لإصدار قرار دولي يمنع المس برسالات الله وخاتمتها رسالة الإسلام، ويمنع التطاول على رسل الله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، ويجرم كل من يسيء إلى الرسالات والرسل، حماية للمجتمعات، وبتنسيق الجهود الإسلامية في إجراء الاتصالات بالجهات الإسلامية وغير الإسلامية.ودعا المجتمعون الرابطة إلى تكوين فريق عمل متخصص من رجال القانون والمحاماة المسلمين لمتابعة ما يحدث من إساءة إلى الإسلام ونبيه لدى المحاكم والمنظمات الدولية المعنية بحماية الحقوق الإنسانية والدينية.

كما ناشد المشاركون قادة الدول الغربية، إلى النظر في مقاصد الحق والخير والعدل والسلام التي يدعو إليها الإسلام، ويطالبهم بدعم الحوار بين شعوبهم والشعوب الإسلامية من خلال المؤسسات الثقافية والدينية والأكاديمية. كما يطالبهم بالنظر في خطورة دعوات الصراع بين الحضارات وآثارها السلبية على الحوار، وعلى العلاقات بين الأمم والشعوب المختلفة.

ويطالب الملتقى في هذا المجال بالتقيد بما أصدرته هيئة الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها بشأن منع إثارة الكراهية بين الناس، ويأمل أن يلمس المسلمون في أنحاء العالم استجابة قادة البلدان الغربية لهذا المطلب الذي تجمع عليه الشعوب والمنظمات الإسلامية.

وتناول القرار الثالث للملتقى الأول، والذي تم برعاية خاصة من الملك عبد الله بن عبد العزيز، قناعة المشاركين بما يمكن أن يقوم به المثقفون في مشارق الأرض ومغاربها فإنهم يذكرونهم بأن الوجدان الإنساني يستصرخهم ويدعوهم لتحمل مسؤوليتهم تجاه الإنسانية جمعاء.وأرجع المشاركون الدعوة إلى ذلك بسبب الأوضاع الحرجة التي يعيشها العالم، وذلك نتيجة المشكلات الدولية المتراكمة، والتي تأتي في مقدمتها الحروب المفروضة على بعض الشعوب بلا مبرر مشروع، والإرهاب الذي أصبح من أبرز مشكلات العصر، والسلام العالمي الهش، والذي لم يتمكن من منع الحروب التي نتج عنها آلاف القتلى والمعاقين والجرحى والمشردين من الأطفال والشيوخ والنساء، مما يخلف المزيد من المآسي والعداوات بين البشر.

وأعرب المشاركون من خلال قرارهم الرابع في الملتقى عن بالغ قلقهم من النزاعات بين بعض الجماعات والأحزاب المختلفة في بعض البلدان الإسلامية، وبالأخص ما يحدث في العراق من إراقة للدماء، وقتل للأبرياء، واعتداء على المساجد والأماكن المقدسة، والمطالبة بحل الأزمة بقيام منظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية بدورهما في متابعة ما يحدث، والعمل على معالجته.

وفي القرار الخامس، أوضح علماء العالم الإسلامي ومفكروه متابعتهم لأوضاع الشعب الفلسطيني، وما توصل إليه من اختيار لممثليه ولحكومته، ودعوتهم إلى مساعدتهم، والقبول بما نتج عن الانتخابات من خلال الممارسة الديمقراطية. ويطالب المنظمات الفلسطينية بالتعاون مع الحكومة والمجلس التشريعي الذي اختير من قبل شعب فلسطين.

وحثهم على التمسك بالوحدة الوطنية والعمل المشترك لتحقيق مصالح أهل فلسطين، الذين يعانون من الظلم والحصار والعدوان المستمر من قبل إسرائيل، ويهيب بسائر الفصائل الفلسطينية أن تبتعد عن الخلافات، التي لا يستفيد منها إلا أعداء فلسطين.

وطالب البيان الختامي للملتقى الدول الإسلامية بتقديم العون والمساعدة للشعب الفلسطيني ودعم وحدته، والاستمرار في تقديم المساعدات المالية التي يحتاج إليها لبناء المؤسسات وإيجاد بنى التنمية، التي تعين على تحقيق الحياة الكريمة له، ودعوة المجتمع والمنظمات الدولية إلى دعم حرية الشعب الفلسطيني، وتأييد ما توصل إليه بالوسائل الديمقراطية التي تعارفت عليها الأمم والشعوب في هذا العصر، وعدم الاستجابة للمساعي الإسرائيلية الهادفة لقطع المعونات الدولية عن الشعب الفلسطيني وحكومته.

وفيما يتعلق بمدينة القدس والمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في فلسطين، ناشد الملتقى الدول الإسلامية بالعمل على تنفيذ القرارات التي أصدرها قادة الأمة في مؤتمرات القمة الإسلامية، ولاسيما مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الثالث، والذي قرر أن مدينة القدس مدينة إسلامية والعمل على إعادتها إلى الحوزة الإسلامية عاصمة لدولة فلسطين.

بينما جاء القرار السادس والأخير في البيان الختامي للملتقى متناولاً النـزاع المسلح القائم بين عدد من الفصائل والأحزاب في الصومال، إذ يعرب عن ألم المسلمين من الصراع الدامي الجاري لأهالي هذا البلد الإسلامي حسب تعبير البيان.وطالب قادة الفصائل الصومالية المتنازعة بالكف عن النـزاع، وإيقاف الحرب، والعودة إلى الحوار لحل المشكلات وتحقيق الوحدة الوطنية لشعب الصومال. كما يطالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالعمل على تسوية النـزاع بين الفصائل الصومالية، ومساعدة شعب الصومال على تحقيق الوئام والأمن والسلام. ويدعو الدول والمؤسسات الحكومية والشعبية لمدّ يد العون للصوماليين في مجالات الإغاثة وتأمين الاحتياجات الضرورية. ويطالب الملتقى حكومات الدول الإسلامية بالإسهام في معالجة قضية دارفور بالسودان عن طريق الحوار، ويدعوها إلى التعاون في ذلك مع جامعة الدول العربية، ويعلن أن دارفور جزء من السودان، وهو أحد بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي، وهذا يوجب على البلدان الإسلامية الوقوف إلى جانبه ومساندته، ومشاركته في حل مشكلة دارفور حلاً إسلامياً يكون بديلاً عن الحلول والتدخلات الأجنبية.

وأثنى المشاركون في الملتقى على جهود رابطة العالم الإسلامي لحل مشكلة دارفور، وعلى الجهود التي بذلها وفدها خلال زيارته للإقليم من أجل حل المشكلة حلاً إسلامياً، ودعوته إلى تكوين وفد يمثل الملتقى لزيارة السودان وإقليم دارفور، للوقوف على حقيقة النزاع وبذل الجهود الممكنة في إطار تسوية إسلامية للمشكلة.