القضاء الإيطالي يقرر أن الإمام الصدر اختفى في روما وبيروت توفد المحقق العسكري للاطلاع على التحقيق

قاض لبناني يتوجه قريبا إلى روما للاطلاع على الحيثيات والموجبات

TT

اطلعت «الشرق الأوسط» أمس على معلومات من روما تفيد بأن القضاء الإيطالي حسم كلمته أخيرا حول قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، فبعث الى نظيره اللبناني بمذكرة قبل أسبوعين يعلمه فيها بأن الصدر، الذي زار ليبيا في منتصف 1978 مع اثنين من مرافقيه ولم يظهر لهم أثر بعد اليوم الخامس من وصولهم اليها، اختفى في الحقيقة داخل العاصمة الإيطالية وليس داخل الأراضي الليبية، بحسب التحقيقات الايطالية الجديدة.

وعلى أثر تلقي القضاء اللبناني هذه المعلومات كلفت الحكومة قاضيا للذهاب خلال الأيام القليلة المقبلة الى العاصمة الإيطالية ليطلع مباشرة على ما طرأ من جديد حول القضية. وقد أكد المحقق العسكري في لبنان، القاضي سميح الحاج، أن وزارة العدل في روما أبلغت الحكومة اللبنانية عن تطورات التحقيق، وقال القاضي الحاج لـ«الشرق الأوسط»، التي اتصلت به هاتفيا أمس، أنه سيتوجه قريبا الى روما، بتكيلف من مجلس الوزراء، للاطلاع على حيثيات التحقيق الإيطالي. وفيما قال الحاج لـ«الشرق الأوسط» انه لم يحدد بعد موعدا لسفره الى روما، قال انه علم بأن التحقيقات الايطالية استندت الى التحقيقات الليبية للتأكيد بأن الصدر ورفاقه «اختفوا» في ايطاليا وليس في ليبيا؟

ولم يعلق الحاج على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كانت نتائج التحقيق الإيطالي قد فاجأته، قائلا انه لم يصله شيء رسمي بهذا الخصوص بعد. وقد تسلمت الخارجية اللبنانية جوازي السفر، اللذين ذكرهما رئيس محكمة روما، لويجي سكوتي، وأحدهما جواز دبلوماسي يعود للصدر، صالح لمدة سنة واحدة بدءا من تاريخ صدوره في 4/1/ 1978 ببيروت، بينما جواز سفر الشيخ يعقوب الصادر في 11/3/1977 صالح لثلاث سنوات، وكان جوازا السفر يحتويان على تأشيرتي دخول الى ايطاليا وفرنسا مؤرختين في 31/8/1978 وهو اليوم الذي أعلن فيه عن انقطاع اخبار زائري ليبيا الثلاثة . ويبدو من الجوازين الممهورين بختمي دخول الى ليبيا مؤرخين في 25/8/1978 الى أن الصدر ويعقوب غادرا مطار طرابلس الغرب الدولي على متن طائرة تابعة لشركة «أليطاليا» في اليوم الذي حصلا فيه على التأشيرتين من سفارتي ايطاليا وفرنسا في طرابلس الغرب، وهو اليوم الذي انقطعت فيه اخبارهما، مما أثار آنذاك استغراب القاضي عدنان عضوم، النائب العام التمييزي السابق في لبنان، فتساءل حين تسلم الجوازين يوم تسلمهما وأحالهما الى المحقق العدلي في القضية، القاضي سهيل عبد الصمد: كيف يمكن لإنسان الحصول على تأشيرتي دخول من سفارتين في يوم واحد ويغادر البلاد في اليوم نفسه؟ وقد استمر نجل الصدر، وكذلك زوجتا مرافقي والده المختفي، في شكواهم القديمة التي سبق ان تقدموا بها ضد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وأعضاء حكومته بجرم «حجز» حرية الزوار اللبنانيين، فيما اعتبرت حركة أمل وحزب الله أن ظهور جوازي سفر الصدر والشيخ يعقوب والعثور عليهما ربما كان «مخططا مخابراتيا ليبيا، لأنه يمكن لأي أشخاص انتحال شخصيات الإمام والشيخ يعقوب ورفيقهما الثالث، الصحافي اللبناني عباس بدر الدين، بطريقة تظهر معها الأمور وكأنهم غادروا ليبيا حقيقة، وأن ما حدث على حال يدل على أن الامام كان موجودا في ليبيا يوم اختفائه، وهو اليوم الذي انقطع فيه أي اتصال معه»، طبقا لما ورد في بيانين منفصلين وقتها من الحزب والحركة لمناسبة العثور على جواز الرجلين المختفيين.

وخلال المؤتمر العربي العام الرابع للتضامن مع المقاومة، الذي عقد في فندق بريستول ببيروت قبل 10 أيام، ألقى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، خطبة تطرق فيها الى موضوع اختفاء الصدر وقال:«لدينا معلومات بأنه ما زال مع رفيقيه أحياء في ليبيا»، في ما بدا ردا على ما وصله من معلومات عن المذكرة القضائية الايطالية من أن الإمام ورفيقيه غادروا طرابلس الغرب واختفوا في روما. لكن التحقيقات الإيطالية تشير الى أن الإمام والشيخ وصلا باكرا الى روما، أي تقريبا قبل الواحدة فجرا، واستأجرا غرفتين في «فندق هوليداي إن» ودفعا مقدما أجرة الغرفتين «لكنهما لم يبقيا سوى 10 دقائق غادرا بعدها الى جهة مجهولة بعد أن استبدل أحدهم (الشيخ يعقوب) ثيابه الدينية بمدنية، ولم يعودا من بعدها قط» بحسب ما ورد في تحقيق ايطالي مع مدير الفندق آنذاك. لكن المدير نفسه، وكذلك عدد من العمال والموظفين نفوا بعد عرض صور الصدر ورفيقه عليهم من قبل المحققين الإيطاليين أن يكون أيا من صاحبي تلك الصور من بين من استأجروا الغرفتين.

أما الصحافي عباس بدر الدين فاتضح من سجلات السفارتين، الايطالية والفرنسية في ليبيا، وكذلك من سجلات الأمن العام الإيطالي أنه لم يحصل على تأشيرة الى ايطاليا أو فرنسا من بعثتيهما الدبلومايستين في الجماهيرية «بل حصل على تأشيرة دخول الى ايطاليا لمدة 48 ساعة فقط، ومن مطار روما» ، علما بأن المسافر لا يحصل على هذا النوع من التأشيرات الايطالية الا اذا اثبت أنه سيغادر البلاد في غضون يومين.