جولة ولي العهد تدعم التوجه السعودي لتنويع العلاقات

TT

توقع خبراء أن تلعب زيارة ولي عهد المملكة الأمير سلطان بن عبد العزيز لليابان وسنغافورة، دورا حيويا في مسارات متعددة، على اعتبار أن الزيارة تحمل أبعادا مختلفة تبدأ بالسياسة ولا تنتهي عند الاقتصاد وحسب.

وأوضح الدكتور صالح الخثلان أستاذ السياسة المشارك في جامعة الملك سعود لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن أبعاد الزيارة من الناحية السياسية تتفق مع توجه سعودي يرمي إلى التنويع في العلاقات مع أطراف متعددة، استدعت توجه البوصلة نحو آسيا، وهو توجه يدعمه الثقل الاقتصادي لمناطق لا يمكن تجاهل بروز دورها الفاعل على خريطة العلاقات الدولية.

ويرى الخثلان أن سياسات اليابان، التي تنتهج الدبلوماسية الهادئة في تعاملها مع النزاعات والقضايا الحساسة، تلتقي مع السياسة السعودية في الكثير من المواقف، خصوصا ما يتعلق بالقضايا العربية، على الرغم من أن الساسة اليابانيين يفضلون الابتعاد عن لعب أي نشاط سياسي حساس، أو اتخاذ موقف فردي، ويختارون التفاعل مع القضايا الدولية والنزاعات من خلال مؤسسات دولية، على حد قوله.

وفي ما يتعلق بأبرز المسائل السياسية، التي يتوقع لها أن تحظى بنصيب الأسد من التشاور في هذه الزيارة قال، إن «ملف سلاح إيران النووي يشكل تهديدا للمنطقة، وإذا تحدثنا عن اليابان أو سنغافورة فإن استقرار أسواقهما الاقتصادية سيتأثر بمدى استقرار المنطقة»، في إشارة منه إلى أن هذه الزيارة ستخدم الجانب الاقتصادي بشكل أكبر، لاسيما أن العلاقات اليابانية ـ السعودية التاريخية ترتكز بشكل أساسي على عنصر النفط، حسب رأيه. الاقتصاديون بدورهم يرون أن الزيارة ستصحح مسار العلاقة التجارية بين السعودية واليابان، التي بدأت تشهد نوعا من الانحسار في ظل اندفاع بعض الدول لتوسعة استثماراتهم في السعودية، فيما تلخصت رؤيتهم، في ما يخص الجانب السنغافوري، في أن الزيارة ستوجه المزيد من الاستثمارات السنغافورية للسعودية.

وبحسب رؤية اوكا، المتحدث باسم السفارة اليابانية، فإن الزيارة ستضاعف الحركة التجارية مع السعودية بشكل خاص، وهو ما يطمح إليه اليابانيون، لافتا إلى أن السعودية تتصدر قائمة الدول العالمية المهمة بالنسبة لليابان في الجانب الاقتصادي، حيث ترغب في تعزيز مكانتها كثاني أكبر مستثمر في السعودية، بعد الولايات المتحدة الأميركية.

وتوضح التقارير الرسمية السعودية، أن حجم استثمارات اليابانيين في السعودية 3.6 مليار دولار ( 13.6 مليار ريال)، في ما سجلت الإحصائيات الأخيرة حول حجم التبادل التجاري بين السعودية واليابان، أن الأخيرة تصدر نحو 14.3 مليار ريال، مقابل صادرات سعودية تتجاوز 49 مليار ريال. وتأتي زيوت النفط الخام وغازات النفط والبولي ايثيلين وزيوت المحركات على رأس صادرات المملكة لليابان، وتستورد منها السيارات الصغيرة والشاحنات والإطارات وقطع الغيار.

وعلى الطرف الآخر توقع الدكتور فهد العتيبي مساعد الأمين العام للشؤون الخارجية في الغرفة التجارية، أن تحفز الزيارة النشاط الاستثماري والتجاري بين السعودية وسنغافورة، خاصة في ظل مفاوضات تمت في وقت سابق تتعلق باتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين البلدين، التي تهدف إلى تشجيع وحماية استثمار مواطني الدولتين المتعاقدتين وشركاتهما على أرض أي من البلدين الصديقين. وبحسب مصدر، فإن حصة سنغافورة من إجمالي صادرات السعودية تبلغ 4.7 في المائة من إجمالي صادرات السعودية للعالم، وتحتل المرتبة السادسة من الدول المستوردة من السعودية.

وبشأن التجربة السنغافورية في الاستثمار، التي تعتمد على الإمكانيات البشرية بدلا من الموارد الطبيعة، التي لا تمتلك حصة كبيرة، علق العتيبي بقوله «هذه التجربة قد تكون دافعا لنا لبحث تطوير الموارد البشرية، لاسيما أن سنغافورة لا تملك موارد طبيعية وإنما استطاعت بإمكانياتها البشرية الدخول في سوق الاستثمار». من جانب آخر يرى مهتمون بالشؤون الثقافية أن أهمية الزيارة لن تقتصر فقط على الجوانب السياسية والاقتصادية، وإنما ستلمس الجانب الثقافي بين البلدين، الذين يعتبرون ان هناك قصورا في هذا الجانب، خاصة على الصعيد الإعلامي.

واعتبر الدكتور عبد الله بخاري عضو مجلس الشورى، أنه ومع تغطية وسائل الإعلام سواء في اليابان أو السعودية أو سنغافورة سيقع الضوء تلقائيا على الكثير من الجوانب الثقافية والتقاليد التي يتمتع بها كل بلد.

وأوضح قائلا، إن المعلومات التي يعرفها الشعب السعودي عن الشعب السنغافوري أو الياباني قد لا تكون عميقة، وذلك بسبب قصور بعض الجهات الرسمية لدى الجانبين في التعريف بشكل مكثف يضمن الوصول الى اتصال ثقافي بين مواطني البلدين، داعيا إلى ضرورة استغلال أي مناسبة لإقامة نشاطات ثقافية ومعارض ترويجية للتعريف بالحضارات.