مقتل 16 واعتقال 19 من المسلحين الموالين لطالبان

تشكيك في اختباء بن لادن قرب الحدود مع باكستان

TT

قتلت القوات الباكستانية، تدعمها مروحيات أمس الاربعاء، 16 مسلحا على الاقل، بعد ان سقط اربعة جنود ليلا في هجوم صاروخي شنه مسلحون، حسب ما أفاد الجيش. وأعلن عن اعتقال عدد من الموالين لـ«القاعدة» وطالبان في ميدان المناوشات القريب من افغانستان، في الوقت الذي تجدد فيه الجدال بشأن إمكان اختباء اسامة بن لادن في تلك المناطق النائية. واشارت مصادر رسمية امس، إلى أن 19 من المسلحين قد اعتقلوا، خلال العملية التي جرت في مناطق القبائل شمال وزيرستان قرب الحدود الافغانية. وصرح المتحدث باسم الجيش الجنرال شوكت سلطان لوكالة الصحافة الفرنسية «في عملية جاءت ردا على هجوم صاروخي الليلة الماضية على احدى نقاط التفتيش، قتلت قوات الأمن 16 مسلحا، والقت القبض على 19 آخرين».

واضاف أن القوات الباكستانية شنت العملية صباح امس، بعد ان اطلق مسلحون عدة صواريخ على موقف أمني في شاوال على بعد 50 كيلومتراً غرب ميرانشاه، مما أدى الى مقتل اربعة جنود واصابة ستة. وتابع ان المروحيات العسكرية استهدفت كذلك مسلحين كانوا يحاولون الفرار في اربع أو خمس عربات، مؤكدا استكمال القوات للعملية.

وجرت اشتباكات دموية بين قوات الجيش والمسلحين المتعاطفين مع تنظيم «القاعدة» وطالبان الشهر الماضي في منطقة شمال وزيرستان، مما أدى الى مقتل نحو 200 شخص. ويعتقد ان العديد من المسلحين المرتبطين بـ«القاعدة» وطالبان يختبئون في الجبال في المناطق القبلية منذ إطاحة نظام طالبان في أواخر عام 2001. ونشرت باكستان نحو 80 الف جندي على طول الحدود لمطاردة المسلحين في تلك المناطق.

واكد الجنرال سلطان لوكالة انباء رويترز، تعليقا على اعمال العنف هذه «حتى الآن تأكدت وفاة خمسة أشخاص من المتشددين.. ويمكن ان يكون العدد أكبر بكثير من ذلك». وقال ان القتال الضاري سيخرج المتشددين من أماكن تجمعهم الحصينة. من ناحيته، اوضح أحد المقيمين في ميرانشاه أن «طائرات الهليكوبتر كانت تحلق دخولا وخروجا من شاوال منذ الصباح». وذكر مسؤولون في المخابرات ان ثلاثة من أفراد القوات أصيبوا في هجوم منفصل على منطقة داتا خيل. وقتل خمسة أشخاص يوم الاثنين الماضي، بينهم امرأتان في انفجار لغم وقتل متشددان مؤيدان لطالبان، في اشتباك مع قوات الأمن في المنطقة نفسها. وفيما يسود الاعتقاد ان اسامة بن لادن يختبئ في المناطق الوعرة، التي تقطنها قبائل محلية عند الحدود الباكستانية الافغانية، يرى بعض الخبراء والدبلوماسيين، ان تلك الاراضي المعزولة، قد لا تكون ملجأ آمنا بالنسبة لزعيم شبكة «القاعدة». وإن كان العديد من المسؤولين وعلى الأخص في الادارة الاميركية، مقتنعون بأن بن لادن حل ضيفا في هذه المناطق الجبلية المتمردة على القبائل الباشتونية، التي تساند قضيته وتؤويه، ووفقا لتقاليد الضيافة الخاصة بها، فإن مصادر عدة قابلتها وكالة فرانس برس في باكستان وباريس، شككت في هذه الفرضية.

ويبقى أن الواقع اكثر تعقيدا من كل التصورات في هذه الوديان شبه الصحراوية، التي تخترقها دروب قليلة، تربط ما بين القرى والبلدات النائية، فأي خبر في هذه المنطقة ينتشر بسرعة. ويرى الخبراء أنه من المستبعد ان يكون شخص فار بأهمية اسامة بن لادن، تمكن من الاختباء مع حاشيته في هذه المنطقة بدون ان يتم رصده او الابلاغ عنه. فإن كانت عائلة أو عشيرة ما تؤوي شخصا، من المستحيل الا تعلم به العشائر المجاورة، التي قد تسعى الى القبض عليه او تسليمه لتسوية حسابات قديمة ربما او مقابل الحصول على مبلغ مالي ضخم، على حساب خصوم او اعداء لها.

وقالت مريم ابو ذهب الخبيرة السياسية المتخصصة في شؤون باكستان «يجب الا ننسى، ان المناطق القبلية صغيرة جدا من حيث المساحة، ومن المستحيل تماما، الا يلاحظ شخص ما هناك».

واكدت هذه الاستاذة في المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في باريس، التي جالت في بلاد الباشتون من انه «لا يمكن اطلاقا لأحد ما البقاء وحيدا هناك، لا يمكن ان يتنقل بدون ان يرافقه احد ما من العشيرة التي هو على ارضها. وبالتالي فإن الجميع يعرفون من هو، ومن أين أتى وأين يذهب». واوضحت «يمكن عبور المناطق القبلية لقاء مبلغ مالي، لكن لا يمكن البقاء فيها. فعندما يريد احد ما الاختباء يذهب الى مكان آخر. وافضل مدينة حتى لا يلاحظ اي كان وجودكم هي كراتشي المكتظة بـ15 مليون نسمة».

وكذلك اعرب دبلوماسي غربي يعمل في بغداد عن تأييده «فرضية المدن الكبرى». وقال الدبلوماسي الذي اشترط عدم ذكر اسمه «يغلب الاعتقاد بأن بن لادن يختبئ على الارجح في مدينة. لماذا؟ لأن كل الاعتقالات التي طاولت مسؤولين كبارا من «القاعدة» في باكستان تمت في مدن كبرى مثل كراتشي ولاهور وحتى روالبندي، المقر العام للجيش». واضاف «ان جميع المنظمات الاسلامية، موجودة هنا (في المدن)، ويمكن ان تقدم المساعدة والدعم». وذكرت مريم ابو ذهب بأن خالد شيخ محمد قائد عمليات «القاعدة» والمخطط لعمليات 11 ستمبر، الذي اعتقل في الاول من مارس (آذار) 2003 في روالبندي «كان متمركزا في كراتشي، ومكث هناك سنوات عدة. ان المدن الكبرى في باكستان تتضمن شبكات ومناصرين، ويمكنكم العيش فيها بأمان لفترة طويلة».

وفي بيشاور، يعتبر الصحافي والخبير الاقليمي رحيم الله يوسفزاي، الذي اجرى مقابلتين مع اسامة بن لادن انه «ان كان في المناطق القبلية، فإنه يحظى بحماية عدد ضئيل جدا من الاشخاص. وقبل 11 سبتمبر 2001، لكانت اي قبيلة قد اعتزت بتقديم المساعدة والحماية له، لكن هذا لم يعد صحيحا اليوم، فالأمر بات خطيرا للغاية». وأضاف «من المحتمل ان يكون في منطقة قريبة، لكنه في هذه الحال يتفادى لفت الانظار ولا يتحرك عمليا، لتجنب ان تتنبه اليه عشيرة منافسة قد تسلمه من اجل المال أ الانتقام».

وقال الباحث الفرنسي اوليفييه روا، الذي يعتبر أحد ابرز اختصاصيي المنطقة في العالم، ان «كل شيء في هذه المناطق ينتشر بسرعة، والسؤال الذي يمكن طرحه هو، ان كانت هناك رغبة حقيقية في القبض عليه. ألن يكون بن لادن اكثر نفعا لاسلام اباد، بدلا منه في السجن؟».