مصادر فرنسية لـ : شيراك يجري مشاورات لاستبدال دو فيلبان

النقابات الفرنسية تطالب بإلغاء عقد الوظيفة الأولى قبل 17 من الشهر الجاري

TT

افادت مصادر رسمية فرنسية بأن الرئيس جاك شيراك يجري مشاورات واتصالات سياسية واسعة لمعرفة ما إذا كان عليه التخلي عن رئيس حكومته دومينيك دو فيلبان وإبداله برئيس وزراء جديد يساعده على إنهاء ولايته الرئاسية الثانية التي تبقى منها 14 شهرا بسلام وبعيدا عن الأزمات الاجتماعية والسياسية.

وبحسب هذه المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» فإن المشاورات دخلت مرحلة البحث في الأسماء التي يبرز منها في الوقت الحاضر أربعة على الأقل هم: وزيرة الدفاع ميشال أليو ماري، وزير الداخلية نيكولا سركوزي، وزير الشؤون الاجتماعية جان لوي بورلو، وأخيرا وزير الخارجية فيليب دويت بلازي. وعلمت «الشرق الأوسط» أن أحد الوزراء الحاليين الغى كل مواعيده الخارجية ليبقى في باريس تحسبا لإمكانية حصول التغيير الوزاري في القريب العاجل، كما طلب من كبار معاونيه البقاء في العاصمة.

وتبدو وزيرة الدفاع ميشال أليو ماري الأوفر حظا في خلافة دو فيلبان إذا ما رأى رئيس الجمهورية أن تغييره أصبح امرا لا مفر منه، فهي قريبة من شيراك وتتمتع بثقته التامة كما أنها نجحت في مهمتها على رأس وزارة الدفاع منذ العام 2002. وشغلت أليو ماري رئاسة حزب التجمع من أجل الجمهورية وهو الحزب الديغولي الشيراكي قبل أن يندمج مع أحزاب أخرى لتشكيل التجمع من أجل حركة شعبية.

إلى ذلك طالبت النقابات الفرنسية أمس بإلغاء عقد الوظيفة الاولى قبل حلول 17 ابريل (نيسان)، المطلب الذي يؤيده أيضاً الحزب الاشتراكي. وجاءت المطالبة في بيان مشترك على شكل تحذير وقعته 12 نقابة واتحادا طلابيا قبل المباحثات المقررة مع الحكومة. واشترط البيان بدء المباحثات حول توظيف الشباب وتدريبهم التي دعا اليها الرئيس جاك شيراك، بالتصويت قبل الاجازة البرلمانية لعيد الفصح على قانون يلغي عقد الوظيفة الاولى. وأعلنت النقابات والاتحادات الطلابية غداة تظاهرات حاشدة في البلاد «استعدادها للدعوة الى التعبئة مجددا وعدم استبعاد اي شكل للتحرك، اذا لم يتم سحب القانون». وقال زعيم الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند «من الممكن انهاء النزاع بالتصويت على اقتراح قانون قبل 17 ابريل». واعلن دعمه لتعبئة الطلاب والتلامذة، مؤيدا بصورة خاصة تنظيم يوم احتجاجي جديد مقرر في 11 ابريل. وكان شيراك قد دعا في وقت سابق النقابات الى اجراء محادثات «بناءة» حول عقد عمل الشباب للخروج من الازمة التي اضعفت حكومة دومينيك دو فيلبان. وقال بحسب ما افاد المتحدث باسم الحكومة «على الكل ان يتحمل قسطه من المسؤولية حتى تكون المحادثات التي ستبدأ بناءة». وقال المتحدث ان الرئيس تمنى على الطلاب والتلامذة استئناف الدروس والتحضير لامتحانات نهاية السنة الدراسية بعد اشهر قليلة. غير ان الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا (اونيف)، النقابة الطلابية الرئيسية، دعت على عكس ذلك الى تكثيف التعبئة. وقال «يجب ان تستمر الاضرابات».

من جهة أخرى، يرى بعض مستشاري الرئيس أن الحل الأفضل يكمن في تعيين نيكولا سركوزي في رئاسة الحكومة لأنه خرج بشكل أقوى من الأزمة الراهنة، إذ التزم منذ البداية موقفا متحفظا من قانون دو فيلبان، وعندما تعقدت الأمور نصح شيراك بتعليقه لإعادة وصل خيوط الحوار مع الطلاب والنقابات. ولكن ليس واضحا ما إذا كان سركوزي سيقبل رئاسة الحكومة في حال طلب منه شيراك ذلك. ذلك أن مصلحته الانتخابية تستدعي أن ينأى بنفسه عن «الإرث الشيراكي» لا بل الابتعاد بأسرع وقت عن الحكومة للتحضير لحملته الانتخابية. وقد يرى سركوزي أن دوره ليس أن يكون «خشبة الخلاص» للرئيس الحالي بالنظر للتباعد والجفاء الذي يحكم علاقة الرجلين منذ سنوات. لكن دون تعيين سركوزي عقبات أولها «تحذير» شيراك منه لطمعه بالرئاسة التي أعلن أنه سيخوض غمار انتخاباتها بأي حال. وكان شيراك يأمل بأن ينجح دو فيلبان في فرض نفسه منافسا يتمتع بالمصداقية والوزن الكافي لمنع سركوزي من الوصول الى قصر الأليزيه. غير أن الأسابيع الأخيرة ربما تكون قد قضت على حظوظ دو فيلبان في ذلك الاتجاه. وإذا ما عمد شيراك الى إبعاده عن رئاسة الحكومة بعد أن سحب منه ملف قانون العمل فسيعني ذلك خروجه من السباق الرئاسي. ويفيد استطلاع للرأي تنشر نتائجه اليوم مجلة «أكسبرس» أن شعبية دو فيلبان تتدهور بشكل مثير للقلق إذ أنها تسجل خسارة 14 نقطة في شهر واحد بحيث لم يعد يحظى بتأييد سوى 28 في المائة من الفرنسيين. ويظهر استطلاع آخر للمجلة نفسها أن 45 في المائة من الفرنسيين يتمنون رحيل دو فيلبان عن قصر ماتينيون، مقر رئاسة الحكومة بينما يرغب 49 في المائة ببقائه رئيسا للحكومة. وبدأت أمس المشاورات والمفاوضات بين برنار أكوييه، رئيس مجموعة نواب حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» اليميني الداعم لشيراك والحكومة والنقابات العمالية بحضور نظيره في مجلس الشيوخ ووزيري الشؤون الاجتماعية جان لوي بورلو للبحث عن مخرج للأزمة المستفحلة ووضع بنود مشروع القانون الجديد. وحتى الآن لم تتكامل فصول الأزمة. فالغموض ما زال سيد الموقف حول ما سيطرحه برنار أكوييه على النقابات العمالية الخمس وعلى الاتحادات الطلابية. ونقل الناطق باسم الحكومة جان فرنسوا كوبيه أمس عن الرئيس شيراك دعوته في جلسة مجلس الوزراء جميع الأطراف الى تحمل مسؤولياتهم، متمنيا أن تجري المفاوضات في أجواء «بناءة». وتفيد آخر محصلة أن قوى الأمن ألقت القبض أمس على 352 شخصا في باريس وحدها بعد اندلاع اعمال شغب عقب انتهاء المظاهرة الكبرى في باريس.