دعوات للتسلح في مدارس العراق أمام تزايد الهجمات على العاملين بقطاع التعليم

وزير التربية: نرغب في تسليح جميع حراسنا

TT

أمام تزايد الهجمات التي تستهدف العاملين في قطاع التعليم، دعا وزير التربية العراقي فلاح السوداني وعدد من اهالي الطلاب والمدرسين السلطات الى تسليح حراس المدارس. وقال السوداني، «نعاني من مشكلة تسليح الحراس الامنيين، نرغب في تسليح كل حراسنا الامنيين او على الاقل تدريبهم على استخدام السلاح».

واضاف السوداني في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، «لدينا بين 20 و23 الف حارس امني في العراق، غالبيتهم في بغداد، خمسة الى عشرة في المائة منهم مزودون باسلحة خفيفة، اما الباقي فلا نستطيع ان نوفر لهم الاسلحة». وقال «تعرض نحو 500 شخص من العاملين في وزارة التربية للقتل او الاصابة بجروح»، مشيرا الى «تشريد مئات المدرسين والطلاب من مناطقهم بسبب الاعمال الارهابية». وقال متأسفا ان «القائمة تزداد يوما بعد يوم».

من جهتها، قالت واجدة شرهان، 50 عاما، مديرة مدرسة دجلة الابتدائية في منطقة المنصور (غرب بغداد) انه «سبق للمدرسة ان تعرضت الى قصف بالهاون في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، راح ضحيته طالب في الصف الخامس الابتدائي، فضلا عن جرح العشرات من الطلاب».

واكدت ان بعض المصابين من الطلاب فقدوا اطرافهم. واضافت شرهان ان «السلاح ضروري للحراس الامنيين، خصوصا بعد انتهاء الدوام الرسمي، حيث يبقى عدد من الطلاب بانتظار ذويهم او السائق، وحينها سيكون باستطاعة الحارس الدفاع عنهم، كونه يبقى برفقتهم». واكدت ان الادارة «تشعر بالارتياح عندما يكون حراس المدرسة مسلحين، لانها تشعر ان هناك من يدافع عنا وعن طلابنا». وتابعت شرهان، «هناك حاجة، فضلا عن ضرورة السلاح، الى زيادة عدد الحراس الامنيين، لان وجود حارسين اثناء الدوام الرسمي ليس كافيا في حال بروز اي خطر».

وقال رجل الاعمال عامر عبد الوهاب، 44 عاما، وهو والد ثلاثة طلاب في مدرسة ذي قار الابتدائية في منطقة نفق الشرطة (غرب)، «اعتمد على نفسي لايصال اطفالي الثلاثة الى مدرستهم والعودة بهم للمنزل (...) واذا انشغلت بشيء مهم فلا اسمح لهم يومها بالذهاب للمدرسة التي تبعد عنا 500 متر فقط». واضاف «اتمنى ان يكون هناك عدد كاف من الحراس الامنيين المسلحين، فمن غير المعقول ان يكونوا عزلا في هذه الظروف»، معربا عن امله في ان تقوم السلطات بتسليحهم.

وبدت المدرسة المسيحية الانيقة ايمان في مدرسة ذي قار، الواقعة في حي الامين (شرق)، واثقة من نفسها وقالت «نأتي الى المدرسة متكلين على الله، نصلي في الطريق ونقول لانفسنا: هذا واجبنا ويجب الا نترك الطلاب». واضافت «من الضروري ان نشعر بالامان في المدرسة، لذلك فان وجود حارس مسلح مدرب بشكل جيد على استخدام السلاح والفنون القتالية، امر ضروري جدا للدفاع عنا واخافة المجرمين والارهابيين».

من جهته، قال الحارس الامني محمد حسن، 28 عاما، من اعدادية الحريري للبنات في الاعظمية (شمال) وهو واقف خلف باب المدرسة الواقعة في الشارع الرئيسي من دون ان يفتحه، «انا او زميلي نقف خلف الباب دائما وننظر بحذر بين لحظة واخرى». واضاف «نتأكد من هوية القادم ونقوم بتفتيش الداخلين الى المدرسة ولا نسمح لاية طالبة بالمغادرة قبل انتهاء الدوام الرسمي، الا بأمر الادارة». وقال «ليس لدينا اي سلاح وكل ما نستطيع فعله هو غلق الباب الرئيسي وهذا غير كاف لحماية المدرسة والطلاب وحتى انفسنا».

واوضح حارس امني لمدرسة متوسطة للبنات في منطقة الوزيرية (وسط)، كان واقفا في مدخل المدرسة «علي التدقيق في الهويات، وهذا جزء من عملي». ورفض ذكر اسمه كما طلب عدم ذكر اسم المدرسة مؤكدا «لا اريد ان يعلم الاشرار والارهابيون اننا في هذه المدرسة من دون سلاح». واضاف «واجه الحراس الامنيون الكثير من حوادث الخطف او القتل ولم يستطيعوا فعل شيء، لانهم وبكل بساطة غير مسلحين».

وبدورها، قالت الموظفة سحر اللامي في القسم الاداري لاحد فروع جامعة بغداد ان «السلاح ضروري لكل حارس امني (..) ومن الافضل ان تكون هناك سيارة للشرطة او مفرزة امنية قرب كل مدرسة لتقديم المساعدة في هذه الظروف الامنية الصعبة». واوضحت «حين اعود الى المنزل وارى ابني الذي يدرس في المرحلة المتوسطة، قد عاد سالما احمد الله كثيرا، واشعر ان جبلا كبيرا ازيح عن صدري ذلك اليوم».

وقبل ايام هرول الطالب عبد الله كريم خلف معلمته وهي تخرج مسرعة من مدرسة «الرجاء» في الكرخ ومعها مئات الطلبة وعشرات المعلمات، بعد ان تلقت مديرة المدرسة تهديدا هاتفيا من احد الاشخاص ينذرها بالموت ومدرساتها ان استمرت في التعليم. وعبد الله الطالب في الصف الرابع الابتدائي كان خائفا عندما سألته «الشرق الأوسط»، ويبدو أن خبر التهديد قد وصل الى الطلبة الذين انتشروا في الشارع بحثا عن ذويهم لإعادتهم الى البيوت. وتقول مديرة مدرسة الرجاء، التي رفضت الكشف عن اسمها خوفا من القتل، ان هاتف المدرسة رن «وعندما اجبت قال المتحدث اذا كنت بطلة استمري بالتعليم انت ومعلماتك من السنة، وقال ان غدا لناظره قريب». وفي اتصال هاتفي مع احد المسؤولين في وزارة التربية العراقية، كشف ان حالات تهديد كثيرة قد وصلت الى بعض المدارس، وهي تحمل نفسا طائفيا غير معهود في العراق. مشيرا الى ان هناك تنسيقا بين وزارة الداخلية والتربية لحماية طلبة المدارس من الاعتداءات التي قد تحصل لهم، لكن حارس المدرسة المذكورة ابلغ «الشرق الاوسط» أن شخصا مجهول الهوية كان يتجول صباح امس امام المدرسة ولم نعرف هويته لأننا كنا مشغولين بإخراج الطلبة من المدرسة خوفا على حياتهم.

أحد أولياء أمور الطلبة في تلك المدرسة ابلغ «الشرق الأوسط» أنه قام بنقل اولاده من مدرسة تقع في اطراف بغداد الى هذه المدرسة لنفس السبب لأن هناك من هددهم باتخاذ العقوبات بحقهم لو استمروا في التعليم في تلك المدارس، بل ان عائلته ايضا تركت المنطقة التي كانوا يقطنون فيها بعد تلقيهم تهديدا مماثلا.