أهل جزر الكناري يخشون تخلي السياح عن جزيرتهم

40 ألف مهاجر أفريقي حاولوا التسلل بقوارب صيد صوب الجزر خلال السنة

TT

لوس كريستيانوس (جزر الكناري) ـ أ.ب: يتقاطر آلاف السياح البريطانيين والألمان الى جزر الكناري للعطلات والاستجمام على شواطئها الرملية البيضاء ويأكلون الأطعمة البحرية بمطاعم في الهواء الطلق، إلا ان هذه الجزر أصبحت خلال الاشهر الأخيرة وجهة لزوار آخرين هم المهاجرون الأفارقة الذين يصلون الى شواطئها على متن قوارب الصيد. ظلت هذه الجزر الاسبانية باستمرار معبرا لدخول المهاجرين الافارقة الى اوروبا، لكنها تعرضت خلال العام الحالي لوصول أعداد متزايدة من هؤلاء المهاجرين بسبب تشديد المراقبة على الخطوط الاخرى التي يسلكها المهاجرون صوب القارة الاوروبية.

هذا العدد المتزايد من المهاجرين أثار قلق السكان المحليين الذين يعتمدون في معيشتهم على الدخل الذي تدره السياحة، ويخشى المسؤولون من تزايد وصول المهاجرين على متن القوارب مع تحسن أحوال الطقس. ويقول المسؤولون ان ذلك إذا حدث فإنه لا يعني سوى أزمة اقتصادية وإنسانية على حد سواء. فاقتصاد جزر الكناري يعتمد بصورة كاملة تقريبا على الدخل الذي تدره السياحة، وإذا حدث تراجع ولو طفيف في عدد السياح الذين يقصدون الجزر، فإن أثر ذلك سيكون مدمرا على سكانها الذين يعتمدون على السياحة كمصدر دخل رئيسي. يقول ريكاردو فيرنانديز دي لا بينت، رئيس رابطة آسوتيل التي تضم أصحاب 290 من الفنادق والشقق السكنية في اربع من الجزر السبع التي تشكل جزر الكناري، ان هذه الظاهرة إذا ازدادت، فإنها من المحتمل ان تسفر عن إحجام السياح عن الإقبال على قضاء عطلاتهم في الجزر. فهؤلاء السياح، كما يقول دي لا بينت، لا يريدون مشاكل وبمجرد شعورهم بوجود أي نوع من المشاكل فإنهم يعدلون عن رأيهم ويتجهون صوب مكان آخر لقضاء عطلاتهم. جدير بالذكر، ان السلطات ألقت القبض على حوالي 40 ألف مهاجر افريقي حاولوا التسلل الى الجزر خلال هذا العام مقارنة بـ4751 العام الماضي، غالبيتهم من مالي والسنغال، كما اعتقلت السلطات ما يزيد على 125 مهاجرا منذ يوم الاثنين الماضي. وكان مسؤولو قطاع السياحة قد التقوا عددا من سكان الجزيرة ومسؤولي السلطات بغرض معالجة هذه المشكلة. وحث وزير العدل بجزر الكناري اسبانيا على تعزيز قوة شرطة الحدود وإقامة المزيد من أجهزة الرادار واستخدام المزيد من قوارب الدوريات مع موريتانيا، التي تعتبر نقطة انطلاق بارز لمهاجري القوارب الافارقة الى اوروبا. ويقدر عدد السياح الذين يقصدون جزر الكناري سنويا بحوالي 10 ملايين، 3.6 مليون منهم من بريطانيا، وحوالي 2.5 مليون من ألمانيا، فيما تعتمد نسبة 80 بالمائة من سكان الجزيرة، البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة، على النشاط السياحي بصورة مباشرة أو غير مباشرة. لم تؤثر هذه الأزمة حتى الآن بصورة خطيرة على السياحة في الجزيرة، اذ يصل النشاط السياحي الى ذروته في مايو (ايار)، ويتراجع العدد خلال اشهر الصيف التي ترتفع فيها درجات الحرارة بصورة كبيرة. هذه الظاهرة أضفت على الجزر مشاهد غير مألوفة. فمنتصف الاسبوع الماضي وصلت قوات خفر السواحل الى مرفأ محلي وهم يصطحبون 32 مهاجرا ألقي القبض عليهم خلال محاولتهم التسلل الى الجزر. حدث ذلك عندما كان أفراد مجموعة من السياح يجلسون قرب المرفأ، والتقط بعضهم صورا للمهاجرين الذين قضوا أياما في البحر على متن القارب وهم في طريقهم الى الجزر، فيما لوح أفراد مجموعة أخرى من السياح بأيديهم للمهاجرين المخفورين. وأبدى السياح الذين كانوا بالجزيرة وجهات نظر مختلفة تجاه ما يحدث. إذ قال السائح البريطاني سايمون جونز، 44 سنة، انه لم يكن يعرف ان المهاجرين يصلون الى هذه الجزر على متن قوارب، وأضاف معلقا انه لا يشعر بأي نوع من القلق، لكنه قال ان وصول المهاجرين الى هذه الجزر سيجعل بعضها، مثل تناريف، مكانا غير آمن. ويقول سياح آخرون ان وصول مهاجري القوارب الى الكناري، جعلهم يدركون انهم أكثر حظا من أناس مثل هؤلاء المهاجرين لا يترددون في المخاطرة بحياتهم هربا من أوضاع بائسة وبحثا عن حياة افضل. وتقول السائحة الألمانية دافني كاتسوروس ان شعورا غريبا ومحبطا انتابها وهي تنظر الى وصول هؤلاء المهاجرين وأدركت، كما تقول، مدى حظها ومدى بؤس وشقاء هؤلاء. ظل المهاجرون الأفارقة ينطلقون من المغرب على متن القوارب عبر مضيق جبل طارق باتجاه اسبانيا او غربا باتجاه جزر الكناري. إلا ان تشديد السلطات المغربية الإجراءات بغرض وقف هذه الرحلات، حمل المهاجرين على تغيير وجهتهم صوب جزر الكناري انطلاقا من موريتانيا. والمهاجرون الذين ينجحون في الوصول الى جزر الكناري يخضعون للحبس بواسطة السلطات في مراكز اعتقال بعيدة عن الفنادق الساحلية توطئة لترحيلهم الى الجهات التي وصلوا منها، وهو اجراء يتم عادة خلال 40 يوما. ويقول الهولندي فرانك جونسون، الذي يدير مطعما في واحدة من جزر الكناري، ان الضرائب التي يدفعها ستزداد لمقابلة الإنفاق على الاجراءات الخاصة برعاية المهاجرين وعلاجهم الى حين ترحيلهم. ويتوقع جونسون ألا تشكل هذه الظاهرة مشكلة خلال عامها الأول، ولكن من المحتمل، كما يتوقع، أن تصبح أزمة على المدى الطويل، وهذا ربما يدفع السياح الى الإحجام عن زيارة تينيريف.

ويقول سياح آخرون ان ظاهرة وصول المهاجرين الأفارقة الى جزر الكناري لن تحد من رغبة الاوروبيين في الاستمتاع بالطقس الرائع لهذه الجزر وشواطئها الجميلة. هذا هو رأي خافيير دي لا روزا، وهو صاحب مطعم، إذ يرى ان لا شيء يبعث على القلق، فهذه الجزر، على حد قوله، «ليس فيها مخاطر ولا تماسيح». وأضاف معلقا انه يشعر بالأسف ان تكون الاوضاع في القارة الافريقية طاردة الى هذا الحد، ولكن ما يحدث ليس ظاهرة تقتصر على جزء الكناري وحدها، وإنما ظاهرة تؤثر على العالم بأسره.