أغنياء عراقيون يتخفون في ثياب الفقراء خوفا على حياتهم

طلب من أحدهم بيع منزله لتسديد فدية

TT

لم تكن محض صدفة او للظرف المادي هو الذي جعل «ابو فراس» يقرر ان يغير نوع سيارته، أو أن يقوم بتأجير بيت متواضع في منطقة شعبية ببغداد. فهو من أشهر أغنياء المدينة، ولكن التهديدات بالقتل او الاختطاف التي طالت عددا من معارفه وأصدقائه الاغنياء، مقابل دفع عشرات الآلاف من الدولارات جعلته يسلك هذا المسلك.

وتقوم عصابات باستهداف الاغنياء وخطف أحد أفراد أسرهم مقابل ان يدفعوا «عشرين دفترا» مثلا، وهو تعبير يستخدمه المتعاملون بالدولار الاميركي وقيمة (الدفتر) عشرة آلاف دولار، أو قتل الرهينة. واختطف «ابو سفيان» وهو من التجار المعروفين في شارع الشيخ عمر ومن معارف ابو فراس، وبعد ان دفع أهله «اثني عشر دفترا» وجدوا جثته مرمية وقد ظهرت عليها آثار التعذيب. ويقول ابو فراس ان «الفقر في العراق صار وقاية لنا من الموت او الاختطاف، ولذلك قررت ان اغير سيارتي وان انتقل الى منطقة اخرى يغلب عليها طابع الفقر وأكون بينهم فقيرا». وقال «فقير حي أفضل من غني ميت لا محالة».

وحالة ابو فراس ليست الوحيدة في أسواق التجار في بغداد هذه الايام، فقد أغلقت محال كثيرة أبوابها بعد ان تلقى اصحابها تهديدات من مجهولين بدفع فدية بملايين الدولارات. ويقول احد تجار الشورجة المعروفين والذي رفض ذكر اسمه ان «معلومات دقيقة تصل تلك العصابات بحيث انهم يعرفون ماذا نملك من بضاعة وأموال وعقارات، وقد نصح احد افراد عصابة خطف أحد تجار الشورجة، بأن يقوم ببيع بيته الثاني في منطقة المنصور والذي لا يعلم به أحد حتى داخل أسرته وان يقوم بتسديد الفدية من قيمة البيت، وإلا يضع ولده الوحيد تحت رحمتهم. وفعلا قام ذلك التاجر ببيع بيته ليخلص ولده منهم وقد تم اطلاق سراحه بعد ان تلقى انواعا من التعذيب وقد غادر وأسرته خارج العراق بعد ان قام بتصفية كل اعماله».

وأشار صاحب محل للصاغة في منطقة شارع النهر، الى انهم بدأوا بعرض الحلي الفضية بدلا من الذهبية خوفا على سمعتهم من الغنى وان زبائنهم يعرفون كيف يتصلون بهم عندما يحتاجون للحلي الذهبية. وقد تعرض احد محال هذا التاجر للسرقة ولم يتمكن من اعادة اي من مجوهراته الثمينة التي سرقت بعد ان تعرض للتهديد بشكل مباشر.

ويبدو ان حال تجار بغداد واغنيائها هي حال تجار المحافظات والمدن العراقية الاخرى، فقد صار الفقر للكثير منهم وقاية من الموت، كما اكد لنا احد تجار مدينة البصرة؛ يقول ان رجال استخبارات العصابات المتخصصة بالأغنياء والتجار يقومون بجمع المعلومات عن كل شخص وعائلة تظهر عليها مظاهر الترف والغنى، ولذلك نجد ان الكثير من العوائل قد غيرت محال سكناها وقامت بتأجير بيوت متواضعة هربا من الموت.