الإيطاليون يتوجسون من تعادل اليمين واليسار وأصوات إقليم بيومونتي تحسم مصير برلسكوني

50 مليون ناخب يختارون اليوم وغدا 630 نائبا و315 شيخا وربعهم لم يحدد خياره بعد

TT

روما ـ وكالات الانباء: من المقرر ان تكون مراكز الاقتراع في إيطاليا قد فتحت أبوابها صباح اليوم لاستقبال نحو 50 مليون شخص يملكون حق التصويت لانتخاب برلمان جديد واختيار حكومة جديدة.

ومن المقرر أن تبقى أبواب نحو 60 ألف مركز من مراكز الاقتراع مفتوحة من الثامنة صباحا وحتى العاشرة مساء ثم من السابعة صباحا وحتى الثالثة بعد ظهر يوم غد بالتوقيت المحلي.

وذكرت وزارة الداخلية الايطالية أن الانتخابات تجرى على مدار يومين لتجنب التزاحم أمام أبواب مقار الاقتراع، بعد ان أدى إجراؤها في يوم واحد، عام 2001، إلى اصطفاف الناخبين أمام أبواب مراكز الاقتراع لساعات طويلة تجاوزت مواعيد إغلاق المراكز.

ومن المقرر أن يختار الناخبون نحو 630 عضوا بمجلس النواب و315 عضوا بمجلس الشيوخ في إطار نظام انتخابي جديد يعتمد نظام القائمة النسبية الكاملة.

ويتعين في إطار هذا النظام أن يحصل الائتلاف الفائز على 340 مقعدا على الاقل من مقاعد مجلس النواب مهما كان هامش فوزه في الانتخابات على ان تخصص للمعارضة المقاعد الباقية وعددها 290 مقعدا.

ولتحقيق هذا العدد من المقاعد يتعين على الائتلاف الفائز أن يحصل على 55 في المائة على الاقل من أصوات الناخبين.

وبسبب هذا النظام الانتخابي الجديد بات احتمال التعادل بين اليمين واليسار، أو ما يسميه الايطاليون «الباريدجو» احتمالا قائما ينظر اليه الايطاليون بجدية وانزعاج في آن واحد لانه يفتح الباب لعدة احتمالات: ائتلاف كبير او حكومة تكنوقراط او انتخابات جديدة.

معظم الايطاليين لا يريد هذه النتيجة الا ان كل القادة السياسيين يفضلون اذا ما حدث ذلك اعادة اجراء الانتخابات لان ايطاليا ستكون عندها «غير ممكنة الحكم» اذا لم يحقق اي ائتلاف الاغلبية في مجلسي البرلمان في وقت واحد.

وكان زعيم المعارضة رومانو برودي قد قال الاحد الماضي «اذا اسفرت النتائج عن تعادل، سيتعين اعادة التصويت». كما حذر رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني من انها «ستكون كارثة». الا ان قراره اعادة العمل بنظام الاغلبية النسبية قبل ستة اشهر من الانتخابات بعث احتمال فوز اليسار بمجلس النواب واحتفاظ اليمين بالهيمنة على مجلس الشيوخ.

وقال جانفرانكو فيني نائب رئيس الوزراء ورئيس حزب التحالف الوطني اليميني خلال لقاء مع مجموعة من المراسلين الاجانب في روما «بالنسبة لمجلس النواب النتيجة ستكون محسومة مع علاوة الاغلبية التي يحصل عليها الائتلاف الذي يأتي في الصدارة. لكن في مجلس الشيوخ تكون علاوة الاغلبية هذه على اساس اقليمي يكون فيه لنتائج ثلاثة اقاليم هي بيمونتي وبولييه ولاتيوم تأثير حاسم».

وتعتبر نتيجة الانتخابات غير مؤكدة في هذه الاقاليم الثلاثة ذات الكثافة السكانية العالية. وقال الخبير السياسي روبرتو التيمونتي ان «اقليم بيمونتي يمكن ان يكون حاسما بالنسبة لبرلسكوني كما كانت اوهايو الاميركية بالنسبة لبوش». واكد انه «اذا لم يفز برلسكوني في بيمونتي فانه سيفقد مجلس الشيوخ». ويفضل جانفرانكو «اعادة التصويت سريعا» في حال «الباريدجو» «لكن ذلك لن يكون ممكنا الا اذا وافق عليه رئيس الدولة».

ويريد الكثير من الايطاليين بقاء الرئيس تشامبي في هذا المنصب واطلقت قناة «السابعة» التلفزيونية الخاصة عريضة تواقيع تطالب بذلك.

وتاريخ الجمهورية الايطالية مليء بالحكومات التقنية التي قاد كارلو ازيليو تشامبي نفسه احداها لمدة عام من مارس (آذار) 1993 الى مارس (آذار) 1994.

ويغذي هذا الاحتمال امال العديد من الطامحين مثل انطونيو فاتسيو محافظ البنك الايطالي السابق الذي اعتبر في وقت ما رئيسا محتملا للحكومة اذا ما خسر برلسكوني. ويقول فيني «لدى امل في ان نخرج من مرحلة الحكومات التقنية هذه».

وقد انتهت الحملة الانتخابية المضطربة والتي لم تمنح اهتماما يذكر للازمة الاقتصادية التي تعاني منه البلاد، بدعوة مزدوجة للناخبين في التجمعات الانتخابية الاخيرة ليلة الجمعة، وظهور غير متوقع لبرلسكوني على التلفزيون في انتهاك للقوانين الانتخابية.

وأمضى الناخبون الايطاليون الذين دلت استطلاعات الرأي ان ربعهم تقريبا لم يحددوا بعد لمن سيصوتون، يومهم أمس في التفكير قبل ان تفتح مراكز الاقتراع ابوابها صباح اليوم. واستغل برلسكوني مهاراته الشهيرة في التواصل مع الناخبين اثناء تجمع ضم نحو عشرة الاف من انصاره كانوا يلوحون بالاعلام في مدينة نابولي الجنوبية، اول من امس، وظهر بصورة الشديد الثقة في النفس رغم ان استطلاعات الرأي اظهرت انه يأتي في المرتبة الثانية بعد برودي.

وشبه برلسكوني معارضيه اليساريين بستالين وبول بوت، وقال ان ايطاليا تواجه خيارا اساسيا ما بين ان تكون «ايطاليا الضرائب والتشاؤم... او ايطاليا الحرية والحقوق والتسامح... وفوق ذلك كله ايطاليا الحب... هذه هي ايطاليا التي نعرفها».

ويتزعم برودي تحالف احزاب متنوعة يشمل الاحزاب الليبرالية والشيوعية وهو التحالف الذي استغل برلسكوني الذي يكره الشيوعية، كل فرصة لمهاجمته واستنكاره.

وكان برودي، زعيم اليسار الوسط، وصل الى التجمع الانتخابي النهائي على ظهر دراجة نارية يقودها احد مساعديه، ربما في محاولة لاضفاء بعض البريق على حملته الانتخابية، وكان في انتظاره نحو 20 الفا من انصاره في ساحة ديل بوبولو وهم يهتفون «رومانو، رومانو، رومانو».

وقال برودي، 66 عاما، «اود ان اخاطب كافة الايطاليين، في البلد الذي تم تقسيمه»، مضيفا «نحن بحاجة شديدة الى الوحدة». واضاف «الايطاليون بحاجة الى التغيير، ونستطيع تحقيق ذلك بأكثر الطرق ديمقراطية: بقلم وورقة انتخابية».

ودلت استطلاعات الرأي على تفوق رومانو برودي، على منافسه برلوسكوني بنسبة 5% قبل ان تعلق الاستطلاعات منذ اسبوعين.

وتنجم المشاكل الاقتصادية التي تؤثر على الناخبين من عدة اسباب رئيسية هي تدني النمو الاقتصادي وارتفاع الدين العام والعجز في الميزانية وضعف الانتاجية والتنافسية وعدم الاستقرار في سوق العمل خاصة بين الشباب الذين يعانون من اهمال مزمن.