تقرير أميركي: الوضع في العراق قاتم.. و6 محافظات تحترق

قدم صورة حول الأوضاع بعد 3 أعوام من سقوط صدام

TT

قدم فريق من العاملين في السفارة الأميركية ببغداد، صورة قاتمة عن الوضع السياسي والاقتصادي للعراق، واضعا 6 من 18 محافظة بأن وضعها «خطير جدا»، بينما واحدة وضعها «حرج». وهذا التقرير يتضارب مع تلك التصريحات المتفائلة التي جاءت على لسان عدد من السياسيين الأميركيين والمسؤولين العسكريين الكبار.

ويتكون هذا التقرير من 10 صفحات ويحمل عنوان «تقييم استقرار المحافظات»، وفيه يسلط الضوء على التحول الذي حدث في طبيعة حرب العراق بعد ثلاثة أعوام على إسقاط صدام حسين. وقد تصاعدت التحذيرات من وقوع مواجهات اثنية وطائفية في الكثير من المناطق حتى في تلك المحافظات التي يصفها المسؤولون الأميركيون عادة بأنها غير عنيفة.

ويتضمن التقرير تحذيرات من تنامي الأحزاب الشيعية التي تسندها إيران والتي لعبت الولايات المتحدة دورا حاسما في إيصالها إلى الحكم، وخطر الميليشيات المتنافسة مع بعضها البعض في جنوب العراق. كذلك أشار المؤلفون إلى خط المواجهة العربي ـ الكردي في الشمال باعتباره مصدر قلق رئيسيا، حيث يسعى كلا الكيانين أن يوسعا من سلطتيهما في الموصل، حيث يتفشى العنف كثيرا، وكركوك التي تشكل حقول نفطها مصدرا أساسيا كي يبدأ الاقتصاد العراقي تناميه من جديد.

وحالة التنافر التي يؤكدها التقرير، تشير إلى أن التخندق أصبح قويا في الجزء الأكبر من البلد على أساس ديني واثني. حتى مع تناقص عدد الخسائر البشرية الأميركية شهريا. وهذه الإشارات تتماشى مع التهجير الجماعي الذي وقع في المناطق التي يسكنها خليط من الشيعة والسنة، وهذا ما يشير إلى أن العراق يمر في مرحلة التقسيم على أساس خطوط اثنية وطائفية، مع مواجهات أحيانا ذات طابع سياسي وأحيانا ذات طابع عنيف في المناطق التي يقيم فيها خليط من الكيانات المختلفة.

على عكس الاستنتاجات المتشائمة التي تضمنها هذا التقرير، وظلت تعليقات البيت الأبيض والبنتاغون العلنية تستند إلى الاحصائيات باعتبارها مقياسا للاستقرار في المحافظات العراقية. وقال الميجور جنرال ريك لينتش، المتحدث الرسمي باسم القيادة العسكرية الأميركية في بغداد، للصحافيين إن 12 من 18 محافظة تشهد «أقل من هجمتين في اليوم».

أما الجنرال بيتر بيس، رئيس قيادة الأركان فقد قال عبر محطة «أن بي سي» ضمن برنامجها «اللقاء بالصحافة» يوم الخامس من مارس(آذار) الماضي: إن الحرب في العراق تسير «بشكل جيد جدا» على الرغم من أنه بعد أيام قليلة على تصريحه اعترف بالمشاكل الكبيرة.

وفي مقابلات جرت خلال الفترة الأخيرة مع بعض المسؤولين الحكوميين، طرحت بعض المشاكل العميقة التي راحت تعرقل تنفيذ المشروع الأميركي في العراق، وفي مقدمة هؤلاء زلماي خليلزاد السفير الأميركي في العراق، الذي قال إن الغزو فتح «صندوق باندورا»، حيث أنه حذر من وقوع حرب أهلية في العراق، وهذه يمكنها أن تشعل كل منطقة الشرق الأوسط.

وأول من أمس أصدر خليلزاد والجنرال كيسي آمر القوات الأميركية في العراق، بيانا أطريا على بعض الأهداف السياسية والأمنية التي تم تحققها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، «لكن هناك عددا من المهام الأساسية التي يجب إنجازها».

وقال سبيكهارد، السفير المشرف على إعادة الإعمار في العراق، إن الوضع ليس سوداويا مثلما قد يوحي لأن «هناك حسب التقرير محافظة واحدة تشكل تحديا مستمرا. وهناك عدد آخر من المحافظات التي تم إنجاز أعمال مهمة فيها. بينما هناك محافظات أخرى في البلد تقوم بعمل أفضل بكثير من سابقتها».

ونفي عضو في جيش المهدي، طلب عدم الكشف عن هويته، الاتهامات بأن الجيش قتل افرادا ينتمون للسنة بعد تفجيرات سامراء، ووصف الادعاءات بأنها «شائعات من قوات الاحتلال لإدخال الشعب العراقي في حرب داخلية».

وكان قائد السرية التي تضم 200 رجل، يرتدي سترة ويجلس على مكتب خشبي كبير، ولم يكن يبدو مثل مقاتل خلال المقابلة التي أجريت صباح ذات يوم في مكاتب بمدينة النجف. وقال انه يتوقع مواجهة أخرى بين القوات الاميركية وجيش المهدي، الذي يتمتع بمجموعات كبيرة من الانصار، ليس فقط عن طريق محاربة القوات الأجنبية، ولكن عن طريق تقديم خدمات اجتماعية مثل تنظيف الشوارع وتقديم الغذاء.

وقال «الامر يبدو مثل النار والثلج، لا يمكن ان يتفقا معا، ونعتبر الاحتلال عدونا الأسوأ. ونتوقع الشهادة في أية لحظة. فعندما تأتي الاوامر للدفاع عن انفسنا، سنحارب بشجاعة ان شاء الله».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)