تساؤلات حول الأرقام الرسمية عن المصابين بالإيدز في العالم العربي

بعد دعوة رجال الدين للتوعية بخصوص المرض

TT

في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الصحة المصرية أن عدد حالات المصابين بفيروس نقص المناعة المسبب لمرض الإيدز لا يتجاوز ألف حالة في البلاد، اعتمد برنامج الأمم المتحدة للتعاون الإنمائي في الآونة الاخيرة سياسة الاستعانة بالأئمة في المساجد وبرجال الدين في الكنائس بهدف توعية الناس ضد انتشار المرض ودعوتهم لعدم نبذ المصابين بالمرض في المجتمع. وأثارت هذه الخطوة علامات استفهام حول صحة الأرقام المعلن عنها، اذ يرى البعض أن اللجوء إلى أئمة المساجد والقائمين على الكنائس لا يعكس سوى تزايد معدلات الإصابة بالمرض في مصر.

وتشير أرقام مقدمة من قبل منظمة الصحة العالمية إلى وجود نحو 450 ألف حالة اصابة بمرض الإيدز في الوطن العربي، إلا ان تقارير الأمم المتحدة تشير الى ان هذه الأرقام قد لا تكون دقيقة نتيجة اتجاه وزارات الصحة في البلدان العربية إلى عدم الإعلان عن الأرقام الحقيقية للمصابين بالمرض، إضافة الى أن بعض المصابين يتجهون لإخفاء مرضهم حتى عن أقرب المقربين لهم خشية نظرة المجتمع.

وجاءت هذه الاستعانة لمكافحة انتشار الإيدز والدعوة لعدم نبذ المصابين بالمرض من خلال ورشة عمل نظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمكافحة الإيدز، وتم خلالها دعوة عدد كبير من الأئمة المسلمين ورجال الدين المسيحيين من كافة البلدان العربية. وصدر عن هذا التجمع بيان أطلق عليه «بيان القاهرة» أكد فيه المشاركون دور الأسرة والمجتمع في حماية الشباب من الإصابة بالمرض. كما شددوا على حق الشخص المصاب بالإيدز في تلقي المساعدة من المجتمع، من دون نبذه أو إشعاره بالتميز. واكدوا حق المصاب في العطف والرحمة بغض النظر عن كونه مسؤولا عن الإصابة بالمرض ام انه ضحية ظروف تتعداه.

وتقول مها عون، إحدى العاملات في برنامج مكافحة الإيدز التابع للأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس لدى المنظمة معلومات عن عدد الإصابات الحقيقية بمرض الإيدز، ليس في مصر فقط وانما في كل الوطن العربي الذي يفرض نوعاً من السرية بخصوص التعامل مع هذا المرض على اعتبار انه مرتبط بانحراف أخلاقي. وأضافت: «لسنا بصدد تكذيب الأرقام المعلن عنها من قبل وزارات الصحة، لكننا نتعامل مع الحقائق المتوفرة لدينا، ونضع احتمالات تحدد مستوى الإصابات المتوقعة». وتتابع قائلة: «في مصر مثلاُ يبلغ عدد السكان 75 مليون نسمة، 56% منهم من الشباب غير القادرين على إتمام الزواج في المرحلة العملية من 25 – 35 سنة، مما يدفع البعض إلى ممارسة سلوكات جنسية خاطئة قد تؤدي إلى انتشار المرض، ولذا كان التفكير في اللجوء إلى الدعاة والأئمة ورجال الدين من كافة البلدان العربية لنشر الوعي بأهمية مكافحة الإيدز، إلى جانب نشر الوعي بحق المريض في التعاطف معه»، وهو ما تحقق خلال ورشة العمل التي أجريت بالقاهرة، وألقيت فيها كلمات من قبل عدد من العلماء؛ أبرزهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، والأب هادي الأنطوني رئيس دير مارلياس في لبنان.

وإذا كان المشاركون قد اتفقوا على ضرورة حماية المريض بالإيدز من نظرة المجتمع السلبية تجاهه، فإنهم رفضوا البت في قضية الواقي الذكري التي ناقشتها ورش العمل المنظمة من قبل الأمم المتحدة، مؤكدين أن الواقي وسيلة تحدد مشروعيتها أسباب الاستخدام، كما افادوا بأنهم لا يستطيعون إباحة استخدامها على المطلق حتى لا يتم اللجوء اليها على حساب الأخلاق والفضيلة.