أحمدي نجاد: إيران دخلت النادي النووي

طهران تبدأ بإنتاج يورانيوم مخصب وتقترح على المنطقة معاهدة «عدم اعتداء» * واشنطن غاضبة وتلمح لخطوات تالية

TT

قال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ان «ايران ستنضم قريبا الى نادي الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية» حسبما ذكر التلفزيون الرسمي الايراني امس. وأدلى الرئيس الايراني بهذا التصريح في محافظة خورسان بشمال شرقي البلاد حيث كان مقررا ان يعلن للشعب الايراني «نبأ سارا» حول البرنامج النووي الايراني على ما اوضح التلفزيون. وتكهنت وسائل الاعلام الايرانية بأنه سيعلن انتاج يورانيوم مخصب بدرجة منخفضة يمكن استخدامه في تشغيل محطات الطاقة النووية.

وأكد أحمدي نجاد أن بلاده مصممة على الوصول الى المستوى الصناعي لتخصيب اليورانيوم.

وقال أحمدي نجاد في خطاب تلفزيوني من مدينة مشهد بشمال شرقي ايران: «انني أعلن رسميا انضمام ايران الى تلك المجموعة من البلدان التي تمتلك التكنولوجيا النووية. هذه نتيجة مقاومة الأمة الإيرانية».

وأضاف: «على أساس الضوابط الدولية سنواصل طريقنا حتى نحقق التخصيب على المستوى الصناعي». قائلا ان على الغرب أن يحترم حق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية. وقال احمدي نجاد ان ايران لن تذعن أبدا للضغوط الدولية الرامية الى حملها على التخلي عن عملها النووي. وطالب مجلس الأمن الدولي إيران بوقف كل انشطة تخصيب اليورانيوم بحلول 28 ابريل (نيسان). ورفضت ايران هذا المطلب مرارا.

وقال أحمدي نجاد: «إنني أنصحهم باحترام حق الامة الايرانية في امتلاك التكنولوجيا النووية والا يخلقوا لانفسهم كراهية لا تنتهي بين ابناء شعبنا».

وتقول ايران ان برنامجها النووي لا يستهدف سوى توليد الكهرباء، وليس غطاء لصنع قنابل نووية، كما تقول واشنطن والاتحاد الاوروبي. وقال احمدي نجاد: «قلنا مرارا ان ايران لا تحتاج الى اسلحة دمار شامل».

من جانبه، قال غلام رضا أغا زادة، رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية، أمس، ان ايران أنتجت 110 أطنان من غاز سادس فلوريد اليورانيوم، المادة الخام للوقود المخصب. وقال دبلوماسيون في فبراير (شباط) الماضي، ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة ذكرت أن ايران لديها مخزون قدره 85 طنا من الغاز. وقال خبراء ان هذه الكمية كافية لإنتاج 12 قنبلة نووية. وقال أغا زادة في خطاب أذاعه التلفزيون: «أنتجنا الى الان 110 أطنان من غاز سادس فلوريد اليورانيوم». كما أكد أن ايران قامت بتخصيب اليورانيوم عند مستوى منخفض مناسب لمحطات الكهرباء. وغاز سادس فلوريد اليورانيوم، هو المادة الخام للوقود المخصب الذي تنتجه أجهزة الطرد المركزي.

وقال دبلوماسي بالاتحاد الاوروبي معتمد لدى وكالة الطاقة لدى سؤاله عن الأنباء السارة التي أعلن عنها احمدي نجاد «ربما تكون عملية بدء تغذية الاجهزة البالغ عددها 164. قد يكون هذا التطور المنطقي للتقدم منذ اواخر مارس (آذار) الماضي. لن تكون هذه مفاجأة». وقد أثار اعلان الرئيس الايراني استياء فوريا في البيت الابيض الذي قال ان تصريحات ايران النووية تظهر أنها تسير في الاتجاه الخاطئ. ويأتي ذلك فيما اعلن الرئيس الايراني الاسبق علي اكبر هاشمي رفسنجاني أن ايران بدأت امس بنجاح انتاج يورانيوم مخصب من 164 جهازا للطرد المركزي. وقال رفسنجاني في مقابلة مع وكالة الانباء الكويتية «قمنا بتشغيل الوحدة الاولى التي تتكون من 164 جهازا للطرد المركزي وتم ضخ الغاز وحصلنا على المنتج الصناعي. ينبغي زيادة العمليات اذا اردنا الحصول على وحدة صناعية كاملة ويجب الحصول على عشرات الوحدات لانشاء محطة لتخصيب اليورانيوم». ويخشى الغرب من أن ايران تستخدم برنامج محطاتها النووية كواجهة لإنتاج اسلحة نووية وهو اتهام تنفيه طهران. وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مارس الماضي، ان ايران بدأت اختبار 20 جهازا للطرد المركزي. وفي فبراير (شباط)، قال غلام رضا اغا زادة، رئيس هيئة الطاقة النووية الايرانية، ان ايران بدأت العمل في انتاج وقود اليورانيوم باستخدام بضعة أجهزة فقط من اجهزة الطرد المركزي. وذكر حينها ان ايران لم يعد امامها سوى أشهر معدودة لتشغيل السلسلة الانتاجية الكاملة. وتشتمل كل سلسلة على 164 جهازا للطرد المركزي. وتعمل هذه السلاسل على تنقية غاز اليورانيوم لتحويله الى وقود لمحطات الطاقة أو لإنتاج اسلحة اذا كان عالي التخصيب. ويقول خبراء ان التشغيل الأمثل لنحو 1500 جهاز للطرد المركزي سنويا يتيح كمية كافية من المادة لإنتاج قنبلة. من ناحيته، قال تيمور علي أصغري، عضو البرلمان الايراني، وهو من مدينة مشهد التي يزورها احمدي نجاد لـ4 ايام لوكالة مهر للانباء ان الرئيس الايراني أبلغ اجتماعا لعلماء الدين أن أركان عملية التخصيب اكتملت «بحيث أصبحت ايران بين الدول الاعضاء في نادي الطاقة الذرية». وقال مسؤولون نوويون ايرانيون في وقت سابق ان تنقية اليورانيوم الى نسبة 3.5 في المائة تتطلب تشغيل 164 جهازا للطرد المركزي تقوم بتدوير اليورانيوم بسرعة تفوق سرعة الصوت لزيادة تركيز أعلى نظائرها المشعة نشاطا وهو «يو ـ 253». وقال دبلوماسيون ان مستوى التخصيب اللازم لإحداث تفاعل متسلسل قادر على تفجير القنابل أعلى من ذلك بكثير، وانه يصل الى نحو 90 في المائة ولكن الدول الغربية لن تقبل حتى بإعلان ايران قيامها بعمليات تخصيب منخفضة المستوى. وأضاف الدبلوماسي الأوروبي «لا يستطيع 164 جهازا للطرد المركزي انتاج يورانيوم مخصب بكميات كبيرة لفترة مستدامة. ولكن كلما أنتجوا يورانيوما مخصبا سيتعلمون المزيد من التقنية لذا فان أي شكل من أشكال التخصيب يمثل خطا أحمر بالنسبة لنا». وستستغرق ايران أعواما قبل أن تنتج الكم الكافي من اليورانيوم المخصب لانتاج قنبلة واحدة مع هذا العدد الضئيل من أجهزة الطرد المركزي، لكن طهران أبلغت وكالة الطاقة أنها ستبدأ تركيب 3000 جهاز للطرد المركزي في وقت لاحق هذا العام، وهو عدد كاف لانتاج رأس حربية خلال عام. وقال غلام رضا مصباحي، عضو البرلمان في جلسة عقدها المجلس، امس «بعد الانباء النووية الطيبة ستبدأ الحرب النفسية ضدنا». وأضاف «يمكنني القول انه ستكون هناك حملة اعلامية دولية ضدنا في الايام القليلة المقبلة بسبب الانباء التي أعلنها الرئيس». وقد توجه فريق خاص من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى ايران يوم الجمعة لجمع معلومات جديدة من مواقع نووية من أجل تقرير محمد البرادعي الذي يرفعه الى مجلس الامن. وامتنع مسؤولو وكالة الطاقة عن الكشف عن أي اكتشافات حتى الآن. وعلى صعيد ذي صلة، من المقرر ان يصل رفسنجاني اليوم الى دمشق في زيارة رسمية تستمر اربعة ايام، يلتقي خلالها عددا من المسؤولين السوريين، وفق ما ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا). وقالت الوكالة ان «رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الايرانية يصل الى دمشق الاربعاء (اليوم) في زيارة رسمية تستغرق اربعة ايام يلتقي خلالها عددا من المسؤولين السوريين». وقال مصدر ايراني لوكالة الصحافة الفرنسية ان «رفسنجاني سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع وسيبحث معهما سبل تطوير العلاقات بين البلدين، اضافة الى التطورات الاقليمية، وخصوصا فلسطين ولبنان والعراق». وأوضح ان «رفسنجاني سيلتقي الخميس رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ووزير الخارجية وليد المعلم ومفتي سورية العام احمد حسون، على ان يزور الجمعة بلدة القرداحة حيث سيضع اكليلا من الزهر على ضريح الرئيس الراحل حافظ الاسد». وتشهد العلاقات بين سورية وايران تقاربا لافتا في ضوء الضغوط الاميركية والغربية، واللتين تتعرضان لها، الاولى لعدم ضبطها الحدود مع العراق واستمرار تدخلها في الشؤون اللبنانية، والثانية لطموحاتها النووية.

الى ذلك، قال وزير الدفاع الايراني، مصطفى محمد نجار، ان بلاده مستعدة لتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول المنطقة، وذلك بعد مرور اسبوع على انتهاء مناورات عسكرية ايرانية ضخمة في الخليج. ووفقا لوسائل الاعلام الايرانية، فإن نجار قال امس «قوبلت مناوراتنا بالترحيب من قبل العالم الاسلامي وأثارت حفيظة اعدائنا. بما ان هذه المناورات تحمل رسالة سلام وصداقة نحن مستعدون لتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول المنطقة». واستمرت المناورات الايرانية من 31 مارس الى 6 ابريل (نيسان) الحالي أعلنت ايران اثناءها تجربة اسلحة جديدة، قالت ان طبيعتها دفاعية. واعتبرت هذه التصريحات بمثابة تحذير للولايات المتحدة بعدم شن هجوم عسكري على ايران مع استمرار الخلاف الدائر حول برنامجها النووي الاشكالي. وقال وزير الدفاع ايضا «تكرر ايران استعدادها القيام بمناورات عسكرية مشتركة مع دول المنطقة».