الأمير سلطان في سنغافورة: الإرهاب انتهاك لقيم الإسلام ومبادئه

أكد استمرار انتهاج بلاده سياسة بترولية متوازنة تهدف لتعزيز نمو الاقتصاد العالمي

TT

جدد الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي التأكيد على أن الإرهاب «آفة تهدد العالم أجمع»، معتبرا أن الإرهاب يعد «انتهاكا لقيم الإسلام ومبادئه». وأوضح أن بلاده وسنغافورة اتفقتا على تعزيز تعاون الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب في كلا البلدين، وقال «إن مباحثاتي مع رئيس الوزراء السنغافوري تناولت هذا الاتفاق».

وأوضح الأمير سلطان الذي كان يجيب على أسئلة الحضور في اللقاء الذي نظمه معهد دراسات جنوب شرقي آسيا في مركز المؤتمرات أمس بالعاصمة السنغافورية، أن السعودية ترحب بدخول الشركات ورجال الأعمال في سنغافورة كمستثمرين في المشاريع التنموية المختلفة في المملكة. وقال «من المناسب التعرف على الفرص الاستثمارية عن قرب والدخول مع الشركات ورجال الأعمال السعوديين في مشاريع مشتركة سواء في المملكة أو سنغافورة».

وأضاف «نأمل أن يتم تفعيل مجلس الأعمال الذي شهدنا يوم أمس التوقيع على اتفاقية انشائه ليقوم بدوره في هذا المجال».

وكان ولي العهد السعودي قد القى كلمة في اللقاء، أكد فيها ان السعودية تسعى وما زالت لانتهاج سياسة بترولية متوازنة، ترمي لاستقرار الأسواق البترولية وتعزيز نمو الاقتصاد العالمي. وفي ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط بين الأمير سلطان أن النزاع العربي الإسرائيلي ينتظر الحل العادل والشامل المستند إلى الشرعية الدولية، مجددا أمله في ان يتحقق ذلك وفقاً لما نصت عليه كل من مبادرة السلام التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وتبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 وخريطة الطريق، كما قال إنه يتطلع إلى «استتباب الأمن والاستقرار في ربوع العراق مع المحافظة على وحدته واستقلاله وسلامة أراضيه»، وفي ما يلي أهم ما جاء في نص الكلمة:

«أود أولاً أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الحكومة السنغافورية والشعب السنغافوري الصديق على ما لقيناه والوفد المرافق من حفاوة وتكريم، ويطيب لي أن أعرب عن سرورنا بتوسيع دائرة التعاون الثنائي بين بلدينا، من خلال التوقيع يوم أمس على عدد من الاتفاقيات والمذكرات التي شملت التعاون التجاري وتشجيع وحماية الاستثمار والتشاور الثنائي السياسي وتأسيس مجلس الأعمال السعودي السنغافوري». وأضاف «إننا في بداية حقبة جديدة من التعاون الآسيوي العربي فالعلاقات بين دول المنطقتين تشهد تطوراً مرموقاً، كما أن حجم التجارة بينهما قد تضاعف في السنوات القليلة الماضية أكثر من ثلاث مرات، وقد جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لعدد من الدول الآسيوية أخيرا، لتؤكد دعم المملكة لهذا التوجه، كما جاءت مبادرة دولتكم الصديقة لإطلاق الحوار بين دول آسيا ودول الشرق الأوسط العام الماضي بهدف تفعيل الترابط وتعزيز فرص التعاون المشترك لخدمة المصالح المشتركة».

وقال الأمير سلطان «إن ما تشهده اقتصادات العديد من الدول الآسيوية والدول العربية وبخاصة الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية من معدلات نمو متزايدة هي من بين الأعلى في العالم، يحتم علينا تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات وتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة لتحقيق المصالح المشتركة. فعلى صعيد التبادل التجاري والاستثماري بين المنطقتين، فإنه يتوقع تحقيق تطورات كبيرة. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى ما تشهده العديد من الدول العربية والدول الآسيوية من برامج متسارعة للتخصيص. ففي المملكة العربية السعودية يتم في الوقت الحاضر تنفيذ برامج ضخمة في هذا المجال ويشمل ذلك قطاعات مثل تحلية المياه ومعالجتها وتوليد الكهرباء واستكشاف الغاز والمعادن والاتصالات والنقل الجوي والمطارات والموانئ بالإضافة إلى ما توفره قطاعات الخدمات من فرص حقيقية في مختلف المجالات».

واستطرد بالقول «إن التنمية البشرية والازدهار الاقتصادي هما المفتاح الرئيسي نحو مستقبل أفضل للدول النامية. وفي هذا السياق لا بد من الإشادة بالتجربة الفريدة لجمهورية سنغافورة الصديقة التي تعتبر نموذجاً تنموياً متميزاً بكل المقاييس»، وقال «إن جمهورية سنغافورة وعددا من الدول الآسيوية الأخرى التي حققت نجاحات مشابهة تستطيع أن تسهم في هذا المضمار من خلال التعاون مع الدول التي تخطط وتسعى لتطوير اقتصاداتها وتعزيز أداء القوى البشرية فيها». وأضاف ولي العهد «إنطلاقاً من موقع المسؤولية ودور المملكة العربية السعودية المؤثر في السوق البترولية العالمية، فقد سعت المملكة ولا تزال لاستقرار الأسواق البترولية وذلك تعزيزاً لنمو الاقتصاد العالمي. ولذلك فقد بادرت المملكة بتنفيذ برنامج طموح لزيادة طاقتها الانتاجية، تلبية للطلب المتزايد على البترول، تبلغ تكلفته أكثر من خمسين بليون دولار أميركي. وعندما يكتمل هذا البرنامج ستصل الطاقة الإنتاجية للمملكة إلى إثني عشر مليونا ونصف مليون برميل في اليوم». وقال «إن عالمنا المعاصر يحتم تضافر الجهود الدولية في مجابهة التحديات، ففي منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال لا يزال النزاع العربي الإسرائيلي ينتظر الحل العادل والشامل المستند إلى الشرعية الدولية. وإننا نأمل أن يتحقق ذلك وفقاً لما نصت عليه كل من مبادرة السلام التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وتبنتها القمة العربية الرابعة عشرة في بيروت عام 2002 وخريطة الطريق». واضاف «كما أننا نتطلع إلى استتباب الأمن والاستقرار في ربوع العراق والمحافظة على وحدته واستقلاله وسلامة أراضيه حتى يستطيع وبمشاركة كافة فئاته أن ينهض ويتبوأ مكانه المناسب ضمن الأسرة العربية والدولية». وشدد القول «إن آفة الإرهاب من أهم التحديات التي تواجهنا جميعاً في الوقت الراهن وقد أكدت المملكة العربية السعودية في كافة المحافل الدولية رفضها وادانتها واستنكارها وشجبها للإرهاب بكافة أشكاله، باعتبار الإرهاب انتهاكاً لقيم الإسلام ومبادئه، كما أكدت عزمها على الاستمرار في بذل كل جهد ممكن في سبيل التصدي لهذه الآفة وكل من يساعد في تمويلها أو يحرض عليها». وقال الأمير سلطان «في إطار جهود المملكة في هذا المجال فقد دعت إلى مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب عقد في مدينة الرياض عام 2005، وصدرت عن المؤتمر توصيات مهمة منها تبني مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب والذي نأمل أن تقوم الأمم المتحدة بتبنيه». وقال «بالنظر إلى ما يشهده المجتمع الدولي من تطورات واحداث متسارعة، فإن العالم اليوم هو أحوج ما يكون إلى تضافر الجهود الدولية والعمل الجاد من أجل تعميق مفاهيم الحوار ورفع مستوى التفاهم والتعارف والتواصل بين الأمم والحضارات وإشاعة ثقافة السلام وترسيخ مبادئ العدالة والتسامح والمساواة ونبذ العنف».

واختتم كلمته قائلا «إن تجربة بلدينا الصديقين في التنمية والتغلب على التحديات تجعلنا على يقين بأن مستقبل الروابط الآسيوية العربية هو مستقبل واعد. كما أننا على ثقة بأن العلاقات بين دول المنطقتين ستشهد مزيداً من النمو والإزدهار في كافة المجالات». وكان اللقاء الذي نظمه معهد دراسات جنوب شرقي آسيا في مركز المؤتمرات بسنغافورة، قد شهد كلمة القاها كبير الوزراء السنغافوري قوه شوك تونغ، استعرض فيها السيرة الذاتية للأمير سلطان بن عبد العزيز، والمساعي الخيرة التي قام ويقوم بها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

كما ألقى مدير معهد جنوب شرقي آسيا كيه كيسافابان كلمة أعرب فيها عن شكره وتقديره لولي العهد السعودي على حضوره اللقاء، متمنياً له طيب الإقامة في بلاده، وفي نهاية الاحتفال الذي حضره الوفد الرسمي المرافق، إضافة إلى كبار الشخصيات والفعاليات السنغافورية، تسلم الأمير سلطان هدية تذكارية من كبير الوزراء السنغافوري.

يذكر أن كلمة ولي العهد السعودي تعد الكلمة الثامنة والعشرين ضمن الكلمات التي يلقيها في كل عام أحد قادة دول العالم في معهد دراسات جنوب شرقي آسيا.

من جهة ثانية استقبل رئيس جمهورية سنغافورة إس آر ناثان أمس في قصر الاستانة الأمير سلطان بن عبد العزيز حيث رحب به ومرافقيه، متمنيا له طيب الاقامة في سنغافورة، وتم في اللقاء تبادل الاحاديث الودية واستعراض التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها في كافة المجالات.

كما استقبل الأمير سلطان أمس في مقر اقامته في سنغافورة، الوزير الناصح في سنغافورة لي كوان يو، وتم في اللقاء استعراض الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الصديقين خاصة ما يتعلق منها بالجوانب الاقتصادية.

وقد بين الأمير سلطان أن هذه الزيارة تأتي في اطار حرص المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على تعزيز العلاقات الثنائية مع سنغافورة وذلك لتلبية مصالح البلدين المشتركة.

من جانبه عبر الوزير الناصح عن اهتمام بلاده بتعزيز التعاون مع السعودية لا سيما في المجالين الاقتصادي والتجاري بما يحقق مصلحة الجانبين من خلال تشجيع وزيادة حجم الاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين.

من جانبه كرم كبير الوزراء في جمهورية سنغافورة قوه شوك تونغ ضيف بلاده الأمير سلطان بن عبد العزيز ومرافقيه، وأقام له مساء أمس مأدبة عشاء بمناسبة زيارته للبلاد.