ضباط في الجيش الإسرائيلي يشككون في جدوى قصف المدنيين ومظاهرة في تل أبيب تطالب بوقف حمام الدم الفلسطيني

موفاز يعتذر عن قتل الأطفال الفلسطينيين ويأمر بتصعيد العدوان

TT

خلال جولة تفقدية لمعسكرات الجيش على حدود قطاع غزة مع رئيس الاركان دان حلوتس وكبار الجنرالات، أعرب وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، عن أسفه واعتذاره لمقتل الأطفال وسائر المدنيين الفلسطينيين من جراء القصف المدفعي الاسرائيلي على قطاع غزة، لكنه القى بمسؤولية سفك الدماء على السلطة الفلسطينية «التي لا تفعل شيئا لوقف قصف المدن الاسرائيلية بصواريخ قسام»، على حد قوله. ثم أمر قيادة الجيش الى الاستمرار في القصف وتصعيد العدوان حتى يتوقف تماما القصف الفلسطيني.

وادعى موفاز أن العمليات العسكرية الاسرائيلية هي دفاع عن النفس، مع العلم بأن الصواريخ الفلسطينية بدائية؛ وقسم منها يقع في الأراضي الفلسطينية، وما يسقط منها في اسرائيل لا يؤدي الى اصابة اسرائيليين الا في ما ندُر. وفي الوقت نفسه، فإن قواته تطلق معدل 300 قذيفة باتجاه قطاع غزة، غالبيتها تصل الى المناطق المأهولة بالسكان وتسقط الضحايا من المدنيين؛ بمن في ذلك الأطفال. وتبين ان قيادة الجيش غيرت أسلوب القصف وبدلا من القرار السابق الذي يجيز للجنود قصف أهداف تبعد 300 متر عن البيوت الفلسطينية أصدروا تعليمات بتقليص المسافة الى 100 متر، مما يزيد من خطر اصابة هذه البيوت ثلاثة أضعاف ويهدد حياة المواطنين وهم في البيوت.

ولم يُخفِ المسؤولون العسكريون الاسرائيليون ان المساس بالمدنيين هو أحد أهداف عمليات القصف، إذ انهم يريدون تفعيل ضغط مباشر عليهم حتى يردوا بالضغط على المسلحين الفلسطينيين ليوقفوا اطلاق صواريخ القسام وبالضغط على حكومة «حماس» حتى تضبط الأمور وتوقف فوضى السلاح. وقال ناطق بلسان الحكومة ان المواطنين الفلسطينيين هم الذين انتخبوا حكومة «حماس» على أمل أن توقف الفوضى وتوفر الأمن وعليهم أن يدركوا انهم أخطأوا في هذا الانتخاب وأنهم لا يقدرون أو لا يريدون وقف الفوضى.

وكانت العمليات العسكرية الاسرائيلية قد بدأت تثير معارضة في اسرائيل نفسها من عدة قوى، بينها سياسيون وعسكريون ومواطنون من أنصار السلام وتطالب بوقف حمام الدم الفلسطيني. فقد انتقدها بشدة النائب شيمعون بيريس، الذي سيتولى منصب نائب رئيس الحكومة ووزير شؤون التطوير الإقليمي في الحكومة المقبلة، فقال ان الجيش يستخدم القوة العسكرية بشكل مبالغ فيه وانه بدلا من تحقيق الهدوء يخلق أجواء مفعمة بالعداء من كل فلسطيني ويثير العالم ضد اسرائيل. وأكد انه سيعمل كل ما في وسعه لوقف هذا القصف وتغيير مفاهيم الجيش الاسرائيلي في التعامل مع الفلسطينيين وسلطتهم الوطنية. ونقل على لسان قائد قوات الاحتلال الاسرائيلي، المسؤول عن منطقة قطاع غزة، انه اجتمع مع موفاز مساء اول من أمس، وقال له ان جنوده وضباطه محبطون. فالعمليات العسكرية التي ينفذونها اليوم لا تجدي نفعا لوقف اطلاق صواريخ القسام، ولكنها تخلق الاحباط لدى معظم الجنود. فهم لا يريدون أن يخرجوا من هذه العمليات قتلة أطفال. فأجابه موفاز بأن الإحباط لا يشكل برنامج عمل بالنسبة لجيش يدافع عن مواطنيه، وأن عليه أن يواصل العمليات العسكرية ويصعدها أكثر «فقد بدأت تؤتي ثمارها في تجنيد ضغط جماهيري على المسلحين الفلسطينيين وعلى حكومة «حماس» لوقف القصف باتجاه اسرائيل».

وفي صفوف قوى السلام وكذلك في وسائل الاعلام، تنشر مواد عديدة تعترض على هذه العمليات وتشكك في نوايا رئيس الوزراء بالوكالة، ايهود أولمرت، بالنسبة للعملية السلمية، وتطالب حزب العمل الاسرائيلي بأن يضع شرطا أمام حكومة أولمرت بأن تتجه نحو لغة الحوار مع الفلسطينيين بدلا من لغة المدافع. وكما كتب المعلق السياسي عقيبا الدار (صحيفة »هآرتس»، اول من أمس)، فإن «أولمرت، كما يبدو، لم يفهم بعد نتائج الانتخابات الاسرائيلية كما يجب ويحسب ان الجمهور منحه صلاحيات بلا حدود. والحقيقة ان المواطن الاسرائيلي قرر توجيه ضربة لفكر اليمين المتطرف عندما اختار أولمرت لتشكيل الحكومة القادمة. وقال انه يريد حكومة شراكة مع حزب العمل حتى يحدث انعطافا في السياسة الاسرائيلية باتجاه السلام وليس الحرب».

ونظمت في تل أبيب، مساء أمس، مظاهرة لتجمع حركات السلام في اسرائيل، الذي يضم 35 منظمة وحركة يهودية وعربية، تحتج فيها على العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. ومن بين الشعارات التي رفعت، ظهر شعار يقول: «في عيد الحرية (يقصدون عيد الفصح لدى اليهود)، تضع اسرائيل قطاع غزة في سجن كبير وتسكب دماء الفلسطينيين».

وحرصت وسائل الاعلام الاسرائيلية على الاشارة الى أن «حماس» تلتزم بالهدنة طول الوقت ولا تستحق التعامل الاسرائيلي الحالي. وحسب احصاءات نشرتها أمس صحيفة «معاريف» العبرية، فإن هذه الحركة هي التنظيم الفلسطيني الوحيد الذي ما زال ملتزما بالتهدئة، وحتى قبل الانتخابات الفلسطينية لم يطلق أي رصاصة. ولذلك فلا بد من احترام توجهه وتشجيعه على الاستمرار في هذا النهج. ورد موفاز بنفسه على هذا الانتقاد فقال ان «حماس» لا تبادر الى أي نشاط لوقف العمليات ضد اسرائيل، مع انها وعدت بفعل ذلك في وقت سابق.