وزير الداخلية اللبناني: مخابرات الجيش أبلغتني أن ما نشر عن محاولة اغتيال نصر الله «تم تضخيمه»

مصادر قضائية تفيد بأن المعتقلين كانوا «يتجهزون» تحسبا لفتنة مذهبية في ظل التشنجات السياسية في لبنان

TT

وضع القضاء العسكري اللبناني يده على ملف الشبكة المتهمة بالتخطيط لاغتيال الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله، واصدر قاضي التحقيق العسكري الاول، القاضي رشيد مزهر، امس مذكرات توقيف وجاهية بحق تسعة من افراد الشبكة اعتقلتهم القوى الأمنية الاسبوع الماضي، ومذكرات غيابية بحق خمسة ما زالوا متوارين. وأرجأ الى اليوم استجواب الموقوفين للافساح لهم في المجال لتوكيل محامين للدفاع عنهم.

في غضون ذلك، قوبلت انباء الكشف عن محاولة اغتيال نصر الله بموجة واسعة من الاستنكار. ورأت فيها فاعليات سياسية عدة محاولة لاحداث فتنة «في وقت لا يزال لبنان يتعرض لمكائد تهدد المصير»، كما قال الرئيسان السابقان للحكومة، سليم الحص وعمر كرامي. كما قوبل تمكن القوى الأمنية من كشف الشبكة واعتقال افرادها باجواء من الارتياح. وهنأ الكثيرون هذه القوى على يقظتها وجهودها.

على صعيد التحقيقات، اصدر قاضي التحقيق الاول رشيد مزهر مذكرات توقيف وجاهية بحق ثمانية لبنانيين وفلسطيني واحد كانت الاجهزة الأمنية اعتقلتهم بناء لمعلومات توافرت لديها عن حيازتهم اسلحة حربية وذخائر وقاذفة صاروخية من نوع «لاو». وتردد انهم كانوا يخططون لعملية اغتيال تستهدف الامين العام لـ «حزب الله». كما اصدر القاضي مزهر مذكرات توقيف غيابية بحق خمسة اشخاص متوارين عن الانظار، علما انه لم يستجوب الموقوفين التسعة. وارجأ ذلك الى اليوم بعدما استمهلوا لتوكيل محامين للدفاع عنهم.

وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد ادعى على الموقوفين التسعة والخمسة المتوارين بجرائم «تأليف عصابة مسلحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والممتلكات والنيل من سلطة الدولة وهيبتها واقتناء اسلحة حربية وذخائر ومحاولة القيام بأعمال ارهابية»، وأحال الموقوفين مع الملف الى قاضي التحقيق لاجراء المقتضى القانوني.

وكانت مصادر قضائية مطلعة على مسار التحقيقات الاولية مع الموقوفين قللت من اهمية المعلومات التي نشرت ووصفتها بـ«المبالغ فيها». واعتبرت ان افعال الموقوفين «لم ترق الى مستوى ما قيل عن التخطيط لمحاولة اغتيال نصر الله، انما كانوا في طور التسلح والجهوزية تحسبا لحصول فتنة مذهبية بين السنة والشيعة في ظل التشنجات السياسية التي يشهدها لبنان».

ونفت المصادر التي وفرت هذه المعلومات انصراف المجموعة الى مراقبة موكب نصر الله، مشيرة الى ان هذا الامر ورد على لسان مخبر، وهو سائق تاكسي، اوصل هؤلاء الاشخاص الى قبضة القوى الأمنية. الا ان الموقوف نفى هذه الواقعة بالمطلق وعزا الامر الى خلاف شخصي بينه وبين المخبر المشار اليه. اما مفوض الحكومة القاضي جان فهد فرفض الافصاح عن اي شيء في هذا الموضوع. وقال ان التحقيقات سرية وان تفاصيل القضية يعلنها قاضي التحقيق في قراره الاتهامي.

من جهته، دعا وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت الى انتظار نتائج التحقيقات القضائية و«عدم الانجرار وراء الشائعات». وقال في تصريح لإحدى الاذاعات الخاصة: «ان مخابرات الجيش هي التي اوقفت هذه المجموعة. والمعلومات التي وصلتني من مخابرات الجيش ان ما نشر في الاعلام تم تضخيمه. والموضوع جدي لكنه لم يصل الى هذه الدرجة من الخطورة. هناك مجموعة تحاول جمع السلاح وتبحث في امكان حصول اغتيالات كردة فعل على وضع معين. وهذا بالتأكيد غير مقبول ويجب قمعه في المهد. وهذا ما حصل».

وعلى صعيد المواقف المستنكرة للقضية، قال الرئيس الاسبق للحكومة اللبنانية سليم الحص: «ان كشف النقاب عن مؤامرة رهيبة كانت تستهدف الامين العام لحزب الله اصاب الجميع بالذهول والوجوم. وكان ارتياح عارم لتمكن الاجهزة الأمنية من القبض على المجرمين وتجنيب البلاد كوارث لا حدود لها. الكل مفجوع بما يجري على ساحة العراق من مآس رهيبة بفعل محاولات يومية لاشعال الفتن المذهبية في ظل الاحتلال الآثم. والكل يتوجس ان يكون في لبنان من يريد ان ينقل العدوى الى بلدنا».

الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي، قال في تصريح له: «السيد نصر الله معرض، وكلنا يعرف ان الدور الوطني والجهادي الكبير الذي يقوم به يجعله في الصف الاول لتشكيل الخط الدفاعي الاول عن لبنان ومواجهة المخطط الاسرائيلي الاستعماري». واضاف: «نحن نقول ان القضاء العسكري وضع يده على هذه العصابة. وواضح تماما ان هناك تناقضا في الاقوال. لكن نحن اكيدون ان هذه العصابة سينكشف امرها بواسطة القضاء الذي سيكون ردا على الجميع».

وأجرى المرجع الشيعي اللبناني الشيخ محمد حسين فضل الله اتصالاً بنصر الله هنأه فيه بسلامة النجاة من المخطط الذي كان يسعى للنيل منه ومحاولة اغتياله».

وعلق النائب نعمة الله ابي نصر فقال: «نحن استنكرنا ونستنكر. ونهنئ مديرية مخابرات الجيش اللبناني. لذلك ندعم كل خطوة أمنية في اتجاه احباط مثل هذه المؤامرات ونهنئ الذين يحبطون مثل هذه العمليات الاجرامية».

واثنت «الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية» في بعلبك، في بيان اصدرته بعد اجتماع استثنائي عقدته امس، على الجيش اللبناني لكشفه الشبكة الارهابية. ودعت اللبنانيين الى «التنبه والوقوف صفاً واحداً في وجه مشاريع الفتنة».

الى ذلك، تظاهرت مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين ليل امس الاول في محلة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية للتنديد بمحاولة اغتيال نصر الله.