مخيم «سونابور» يعكس الوجه الآخر لدبي

TT

دبي – أ.ف.ب: خلف ناطحات السحاب في دبي يقع مخيم «سونابور»، حيث يتكدس آلاف العمال الآسيويين الذين يشيدون المشاريع الضخمة في هذه الامارة الخليجية. وتعني «سونابور» بالهندية «المنطقة الذهبية»، لكن مخيم «سونابور» الذي اقيم على انقاض مقبرة قديمة في منطقة صحراوية خارج مدينة دبي، يشكل سلسلة بيوت تؤوي 150 الف عامل، اغلبهم من الهنود والباكستانيين، بحسب منظمة هندية تتخذ من الامارات مقرا لها.

صادفنا غلام مصطفى، 35 عاما، عند مدخل جزء من المخيم يضم 35 غرفة يسكنها نحو 600 عامل، فقال مبتسما «اهلا بكم في هذا المخيم الخربة». وخلف بوابة معدنية برتقالية تالفة، جلس عشرات الرجال في باحة يتكدس فيها الاثاث المحطم واكياس النفايات. وفي هذا البناء المؤلف من طبقة واحدة، سلسلة غرف ضيقة تمتد الواحدة تلو الاخرى في رواق مظلم ورطب، ويتم تحضير الطعام بواسطة سخانات موصولة باسطوانات غاز. ويتقاسم نياز حسين، 24 عاما، غرفة مع 14 شخصا آخرين ينام معظمهم على الارض، كون الغرفة لا تحوي اكثر من سريرين. ويعيش حسين المولود في ولاية السند الباكستانية (جنوب شرق)، في دبي منذ 13 شهرا ويعمل ليؤمن قوته وقوت زوجته وابنته ووالديه الذين بقوا في وطنه الام. اجره اربعة دراهم (1.1 دولار) عن كل ساعة عمل. وفي حال حالفه الحظ يتقاضى الف درهم شهريا ينفق 342 منها على الطعام والايجار ويدفع نفقات وكالة التوظيف التي وفرت له اذن العمل، علما بان هذه المصاريف قد تناهز 12 الف درهم. وهو يعمل في ورشة لشق طريق لكنه لم يتقاض راتبه منذ اكثر من شهر. وعلق قائلاً: «انه امر لا يطاق، ولا انفك اسأل نفسي كيف تعيش اسرتي؟».

وبرز وضع العمال الآسيويين في الامارات مجددا بعد اضراب استمر 48 ساعة نفذه 2500 عامل آسيوي كانوا تظاهروا في مارس (آذار) الماضي في موقع بناء «برج دبي»، وحطم بعضهم سيارات ومعدات. و«برج دبي» هو احد اهم مشاريع شركة «اعمار» العملاقة في دبي، ويتوقع ان يصل ارتفاعه الى اكثر من 700 متر (الارتفاع النهائي لم يكشف بعد) ليكون اعلى برج في العالم. وعزت الشركة الاماراتية البريطانية التي تشغل العمال المضربين، تحركهم الى «نقص في المعلومات وسوء تفاهم»، فيما اكتفت «اعمار» بالاشارة الى ان بناء المشروع لم يتأثر بالاضراب. وقال بي اس مبارك المسؤول عن الشؤون الاجتماعية والعمل في القنصلية الهندية في دبي، انه يتلقى عشر شكاوى على الاقل شهريا، اغلبها تتصل بعدم دفع رواتب او تأخرها.

ويشكل الهنود والباكستانيون نحو 45 في المائة من سكان الامارات البالغ عددهم اربعة ملايين نسمة، في مقابل اقل من 20 في المائة من الامارتيين. واثر حادث «برج دبي»، دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات الاماراتية الى وقف استغلال العمال الاجانب ووصفت ظروف عملهم بانها غير انسانية. لكن وزير العمل الاماراتي علي الكعبي اعتبر ان تقرير «هيومن رايتس ووتش» لا يقبله المنطق والعقل. وتزايدت الاضرابات العشوائية في دبي منذ عام 2005. واكد كومار، 57 عاما، الذي يرأس لجنة المساعدة الاجتماعية للجالية الهندية ان المشكلة جدية جدا. ويسود التوتر عموما حين تعاني الشركات التي تسند اليها عقود فرعية ضمن المشروع صعوبات مالية او عندما لا يقبض عمالها رواتبهم في الموعد المحدد. واوضح كومار ان العمال يشكلون الحلقة الاخيرة في السلسلة وهم اكثر المتضررين. وقد شكلت السلطات الاماراتية العام الماضي لجنة مكلفة حل المشاكل العمالية.