حلب السورية: سياحة الاستجمام والثقافة و«الصفقات»

TT

فتحت الخطوط الجوية الكويتية أمام رجال الأعمال الكويتيين والخليجيين باب مدينة حلب السورية للسياحة المتعددة الأغراض والتي تجمع بين العمل والاستجمام والاطلاع على الآثار والثقافة، فقد افتتحت «الكويتية» أخيرا خطاً مباشراً لتلك المدينة المعروفة بالعاصمة الصناعية لسورية والغنية بالآثار والثقافات الأدبية والفنية. ويقول خلف المانع مدير برنامج العطلات في الخطوط الجوية الكويتية لـ«الشرق الأوسط» إنه بافتتاح هذا الخط تكون «الخطوط الكويتية» قد جعلت من مدينة حلب معرضاً صناعياً وتجارياً وثقافياً مفتوحاً للخليج على مدار السنة لاستقبال رجال الأعمال، حيث تضم هذه المدينة 29548 منشأة صناعية وحرفية منها 5171 مصنعاً نسيجياً والباقي مصانع هندسية وكيماوية وغذائية إلى جانب المنشآت الحرفية. وقد اشتهرت مصانع هذه المدينة على مر التاريخ بصناعة السجاد والحرير والقطن والصوف والنسيج بأنواعه والمعدات والآلات والمنتجات المعدنية والجلدية. وتوقع المانع أن يجتذب الخط المباشر من الكويت لحلب رجال الأعمال الخليجيين والعائلات الخليجية التي تبحث عن الاستجمام والتسوق في آن واحد خاصة وأنها مشهورة بأسواقها وبمأكولاتها وطيبة أهلها. هذا عدا جوها المعتدل وحدائقها وبساتينها العامرة بأشجار الفاكهة والفستق الحلبي.

ومما يغري رجال الأعمال والتجار في زيارة هذه المدينة والاستثمار فيها أو التجارة معها أنها إلى جانب ما تنتجه مصانعها من منتجات رائعة وفريدة، فإنها بوابة آسيا إلى أوروبا بحكم وقوعها شمال سورية، وكانت في السابق إحدى محطات طريق الحرير من الشرق إلى الغرب وبالعكس. كما أن السهول الشاسعة التي تحيط بها والتي ترويها التحويلة الجديدة من نهر الفرات جعلت هذه السهول سلة خضار وفاكهة سورية التي تستهلك محلياً ويصدر منها للخارج، وتحتاج لمستثمرين يحولون هذه المواد الغذائية إلى منتجات غذائية مصنعة ومحفوظة وقابلة للتصدير. تتألف حلب من مدينة قديمة وأخرى حديثة. ما زالت المدينة القديمة محاطة بأسوار تعود إلى العصور الوسطى. أشهر معالمها على الإطلاق قلعة حلب، والجامع الكبير الذي يحتوي ضريح النبي زكريا عليه السلام (والد النبي يحيى أو القديس يوحنا المعمدان). والسوق القديم المسقوف الذي يعود تاريخه لمئات السنين ويمتد لحوالي 13 كيلومترا. وفي حلب أيضاً العديد من الكنائس ومدارس البعثات الأوروبية التبشيرية. وجامعة حلب التي أنشئت عام 1960. وترتبط هذه المدينة بسكك حديدية مع العاصمة دمشق، وبيروت (لبنان) والموصل (العراق). ويذكر في هذا المجال أن عمر السكك الحديدية في حلب يزيد عن 100 سنة، وكان يمر بها قطار الشرق السريع، وقد أقامت الكاتبة أجاثا كريستي في حلب مع زوجها فترة من الزمن خلال أو قبيل كتابتها لقصتها المشهورة «جريمة في قطار الشرق السريع» يحكي تاريخ المدينة أن الحثيين قد استوطنوها في الألف الأول قبل الميلاد. وقد ذكرت مدينة حلب في العديد من الحضارات القديمة في العالم وارتبط اسمها بالامبراطوريات الكبرى التي تكوَّنت بعد فتوحات الإسكندر المقدوني في المشرق العربي. كما احتل المصريون حلب حيث فتحها تحوتمس الثالث فرعون مصر (1473) ق.م ثم عادت عاصمة للحثيين (1370) ق.م. وبعد ظهور الآشوريين خضعت سورية كلها لحكمهم، ووقعت في وقت لاحق تحت حكم البابليين بعد انهيار دولة الآشوريين عام 612 قبل الميلاد، وبعد أقل من قرن فتح الفرس حلب، ولم يهمل الفرس المدينة فقد أقاموا المحطات على طول الطرق وحفروا الأقنية وأقاموا السدود لتوسيع رقعة الري. ثم آل حكم حلب للمقدونيين، ثم السلوقيين وغيرهم حتى جاءها الفتح الإسلامي على يد خالد بن الوليد. وتعاقبت عليها الخلافات الراشدية والأموية والعباسية في عصرها الذهبي، وشهدت في نهايات العصر العباسي فترة ازدهار ورقي ثقافي وفكري وحضاري شمل جميع الميادين وأبدع أبناء المنطقة في صناعة الألبسة وبناء المساكن الضخمة والمساجد الشهيرة. خاصة حينما اتخذ سيف الدولة الحمداني مدينة حلب مقراً له، لتمر بعده بعدة عهود من الفوضى والضياع حتى ظهور الأمير عماد الدين وابنه نور الدين زنكي حيث بدأت أحوالها بالتحسن لتأخذ شكلها الحالي.

أما حلب الحديثة فتضم مطاراً دولياً يستقبل سنوياً أكثر من 1.5 مليون مسافر، وهو مجهز بأحدث التقنيات التي تسهل دخول وخروج المسافرين. وسوق حرة ومطاعم وكافتريات. كما يوجد في حلب العديد من الفنادق ذات الخمسة نجوم والفنادق المتوسطة المستوى، والمطاعم التي تقدم الأطباق الحلبية المشهورة والمتعددة الأصناف والتي حولت البيوت القديمة الحلبية إلى مطاعم تفوح بعبق التاريخ. وعلى صعيد المشتريات التي يمكن أن يحملها السائح من حلب، فهناك مفارش الأسرة والطاولات، والمصنوعات النحاسية، والملابس الرياضية، وفساتين الأعراس، والسجاد، والزعتر الحلبي، وصابون الغار، والفاكهة المجففة، والموزاييك، والمشغولات الذهبية، والحلويات العربية والعديد من الصناعات الحلبية الفريدة.