نشرة الأحوال الجوية في مصر تحدد وجهة المصريين في اليوم التالي هربا من الحر

TT

في ظروف الموجة الحارة التي تضرب القاهرة هذه الأيام أصبحت «نشرة الأخبار الجوية» التي تذاع في نهاية نشرة التاسعة في التلفزيون المصري يومياً تحدد وجهة المصريين وارتباطات اليوم التالي حسب ما تعلنه هيئة الارصاد الجوية عن طقس اليوم التالي، وفي أغلبها تدفعهم الى الهرب من منازلهم تفادياً لشدة الحر وارتفاع درجات الحرارة التي أصبحت تنافس مثيلاتها في بعض الدول العربية خاصة دول الخليج التي كانت حتى سنوات قريبة مضرباً للمثل عند المصريين في شدة الحرارة هناك.

وتواكبت الحرارة الشديدة التي يعاني منها المصريون في هذا الصيف مع حالة من نقص السيولة في السوق المصرية أدت الى ضعف القدرة على الشراء والتعامل مع منتجات الصيف المختلفة مثل المشروبات الغازية وأنواع الآيس كريم وحتى أجهزة التكييف، وهي المنتجات التي سجلت ـ على الرغم من استمرار الإقبال عليها ـ معدلات أقل من مبيعاتها في مواسم الصيف السابقة، مما اضطر المصريين الى البحث عن بدائل أرخص لقضاء الصيف.

أما بالنسبة للخروج للمصايف الساحلية ـ وهي عادة مصرية في فصل الصيف مثل الاقبال على المصايف المعتدلة الأسعار ـ فقد شهدت هي الأخرى أشكالا أقل من الإقبال، ان كانت لم تنقطع، وفي الوقت الذي هرب فيه الأغنياء الى القرى السياحية التي تملأ الساحل الشمالي، وعلى رأسها قرية «مارينا» مصيف الوزراء ورجال الأعمال والمشاهير، فراراً من شدة الحرارة فقد آثر عدد كبير من المصريين خاصة سكان القاهرة في هذا الصيف قضاء ليالي اجازتهم على شاطىء النيل الذي يقطع مصر من الشمال الى الجنوب.

فما ان تقترب عقارب الساعة من السادسة بعد العصر حتى يتوافد سكان القاهرة على شاطىء نهر النيل يفترشون سجاجيد أو ملاءات بسيطة على الكورنيش الممتد من شبرا الخيمة شمالا حتى حلوان جنوبا لمشاهدة الشمس في ساعة الغروب ويستغرقون في أحاديث تمتد حتى ساعات متأخرة من بعد منتصف الليل.

وبامتداد الكورنيش تروج تجارة التسالي المتنوعة التي يستغلها «السائحون الفقراء» للاستمتاع بالوقت، وبخلاف المشروبات المثلجة التي تنتجها الشركات العالمية هناك مثلجات أخرى من الصناعة المحلية حيث ينتشر باعة العرقسوس والتمر الهندي، اضافة الى المشروبات الساخنة كحمص الشام والشاي والحلبة والينسون والمأكولات من نوعية الذرة المشوية والبطاطا والسميط والبيض والفطير وأنواع اللب والفول السوداني والترمس والحمص.

وتقوم أغلب الأسر المصرية التي تجلس على شاطىء نهر النيل باصطحاب أبنائها في نزهة نهرية رخيصة إما باستخدام الاتوبيس النهري وهو وسيلة انتقال حكومية خصصت بعض خطوطه أخيرا للخروج في نزهات قصيرة لهؤلاء السائحين الأجانب أو باستخدام المراكب الشراعية المنتشرة على ضفتي نهر النيل التي يتم تأجيرها بالساعة أو بتذاكر للأفراد لا تتعدى جنيها واحدا للفرد في النزهة الواحدة. الظاهرة أيضا امتدت الى الكباري المنصوبة فوق ضفتي النيل لتربط بين حدود محافظتي القاهرة والجيزة فيما يعرف بالقاهرة الكبرى حيث أصبح من عادة المصريين ان يتخذوا من أرصفة هذه الكباري وخاصة كوبري 6 اكتوبر وقصر النيل وامبابة مكانا لقضاء الوقت حيث يضع بعض الباعة الكراسي لاستقبال «المصطافين» وينتشر باعة التسالي وباعة الورد والفل والمصورون الذين يعرضون على الجمهور تسجيل هذه اللحظات في صورة تذكارية.

واذا كان شائعا منذ سنوات طويلة ان النيل كان مكانا لنزهة العاشقين الذين يجدون فيه فرصة للخلوة والطبيعة الخلابة فإن التطور الذي شهده هذا العام وبدأت بوادره منذ عدة أعوام كان هو إقبال الأسر المصرية على النهر بعد أن جمع الحر شمل معظم أفرادها لتتغير صورة المكان ويأخذ طابعا اجتماعيا جميلا.

الطريف ان كورنيش النيل لم يعد فقط مركزا لسياحة المصريين من الأسر المتوسطة والفقيرة، فقد أصبح شائعا ان ترى أسرا كاملة من السائحين العرب يفترشون ملاءة بجوار الشاطىء أو يتراصون بمحاذاة سور أحد الكباري، أما الأغنياء فلهم أيضا نصيبهم في السياحة النيلية حيث تنتشر على شاطىء نهر النيل العوامات من فئة الخمسة نجوم والتي تضم معظمها مطاعم سياحية وملاه ليلية عائمة تجوب صفحة النيل طوال الليل، كما يحرص المتزوجون حديثا على التقاط الصور التذكارية أمام النيل وفوق الكباري العلوية بل تقام «زفة العروس» أحيانا فوق هذه الكباري.