يريد سكان كارتاهانا من العالم أن يعرف أن مدينتهم ليست شبيهة ببقية مدن كولومبيا. وكارتاهانا، التي تقع في أعلى اميركا الجنوبية على الامتداد الجنوبي من البحر الكاريبي، تبدو بعيدة بمليون ميل عن أي شيء ذي علاقة بحرب العصابات أو القوات شبه العسكرية أو المخدرات أو عمليات الاختطاف.
وهذه المدينة، التي هي محور سابق للامبراطورية الاسبانية، وميناء الشحن الرئيسي لكنوز العالم الجديد، وسوق العبيد، ومركز محاكم التفتيش، محاطة بجدران حجرية هائلة تقوم وراءها مئات المباني الجميلة من البيوت والكنائس والساحات والمتنزهات. وتمتلئ المدينة القديمة، وهي من مواقع التراث العالمي وفقا لتصنيف منظمة الـ «يونيسكو»، بالناس الودودين وباعة الهدايا التذكارية.
والحقيقة أن مستوى الجريمة في كارتاهانا ليس مرتفعا بالمقارنة مع مدن كاريبية أخرى، غير أن وزارة الخارجية تواصل تحذيرها من مخاطر السفر الى كولومبيا، وتقول إن «العنف في السنوات الأخيرة قد تقلص بصورة ملحوظة في معظم المناطق المدينية»، بما في ذلك كارتاهانا التي تعتبر مدينة عصرية مملوءة بالحيوية ذات تاريخ آسر، ويسهل الوصول منها الى جزر الكاريبي، بل ان هناك بنية تحتية للسياحة متطورة الى حد ما، على الرغم من انها معدة بصورة رئيسية للناطقين بالاسبانية، لكن اذا اخذ المرء معه كتاب عبارات اسبانية للسياح ولديه شهية للأطعمة اللاتينية والأفروكاريبية ورغبة في التعرف على هذه الثقافة، فإنه لن يشعر بالاحباط.
أماكن الإقامة: يبقى معظم السياح الكولومبيين في جزيرة بوكاغراند، وهي منتجع على الساحل جنوب المدينة القديمة التي تصطف فيها البنايات العالية القديمة للفنادق والمجمعات السكنية، لكن الحقيقة هي ان الساحل المزدحم هناك أقل جاذبية. أما المدينة القديمة، حيث كل شيء يمكن الوصول إليه مشيا على الأقدام، فأكثر جاذبية.
وفي النهاية العليا لصف المباني هناك سوفيتيل سانتا كلارا، المبني على طراز القرن السابع عشر، وفيه 19 شقة مفروشة بالأثاث القديم في الجناح الذي يحمل اسم الكولونيالي، وغرف اثاثها من الخشب الاستوائي في الجناح الذي يحمل اسم الجمهوري. والشرفات مطلة على البحر أو المدينة القديمة أو فناء تنتشر فيه طيور الطوقان. اما اسعار الغرف الـ 96 في الجناح الجمهوري، فتتراوح بين 515 الف بيزو الى مليون و100 ألف بيزو (ما يعادل 232 الى 495 بالدولار الأميركي).
وهناك فندق تشارلستون كارتاهانا، الذي يضم 91 غرفة. وفيه فناءان يبرزان الفن الديني الكولونيالي وحوض سباحة ومطعم يطل على المدينة والساحل بمشاهد رائعة. ويبلغ سعر الغرفة المزدوجة 598 ألف بيزو.
وهناك فندق أغوا الصغير، الذي يقدم وجبة فطور أيضا، لكنه يبدو مثل فندق صغير تملأ جدرانه الصور الفوتوغرافية، وفيه مكتبة وحوض سباحة. وتبدأ الغرف الست المؤثثة بطراز استوائي بسعر 497 ألف بيزو.
ومن بين الفنادق الجديدة فندق كازا لا في، وقد افتتح العام الماضي من جانب الانجليزي جيف تشيو وزوجته كارمن ماروغو، وهي من كارتاهانا. والفندق مريح ومشيد حول فناء صغير وفيه حوض سباحة ويتراوح سعر الغرف الكبيرة الـ 11 بين 150 ألفا الى 220 ألف بيزو، اعتمادا على الموسم ويتضمن ذلك إفطارا. وهذا الفندق شأن فندق أغوا يوفر قاربا خاصا للتنقل في الجزيرة.
المطاعم: الأسماك هي الشائعة هنا، سواء كانت مطبوخة بالبخار أو مشوية أو مطبوخة بصلصة جوز الهند أو على نار هادئة بطريقة كولومبية تعرف بالسانكوتشو. ويعتبر افضل مكان في المدينة كالي ديل سانتيسيمو، حيث الأطعمة المعدة بطرق مبتكرة تقدم في فناء جذاب مزين بأعمال الفن الشعبي المعاصر. ويستخدم الطاهي وصاحب المطعم فيديريكو فيغا طرق كوردن بلو في اعداد مكونات الأغذية مثل جوز الهند ولسان الحمل (البلانتين) والكزبرة. ويمكن ان يتناول المرء سمك السلمون الطازج المنكه بالخردل، أو حساء السمك بجوز الهند، أو الروبيان بالمانجا أو صلصة التمر الهندي، أو حلوى المانجا والمحار.
وهناك مطعم دوندي أولانو، حيث يقدم السمك على الطريقة الفرنسية في هذا المكان الصغير الذي يستمتع فيه المرء بعزف مقطوعات رومانتيكية على الجيتار، كما يمكن تناول الكامارونز اولانو، وهو روبيان يقدم مع اربعة انواع من الصلصة، وفاكهة زهرة الآلام.
أما الفناء الجميل والفرقة الموسيقية في ايلمار دي خوان فتقدم لك أمسية جذابة. وتجد في هذا المطعم بيسكادو ألامارينارا، وهو سمك مشوي مع صلصة منكهة بالكاري الخفيف مع بعض من الروبيان والكالاماري. والى جانبه يوجد مطعم بازا لونا، الذي يملكه صاحب بيسكادو، وفيه تقدم البيتزا.
ويمكنك تناول العشاء مع تشي وفيدل، أو على الأقل صور لهما، في مطعم لابوديغيتا ديل ميديو. وتعبر وجبة الماجيتوس، وهي من نبتة اليوكا مقلية، من الوجبات الشهية، كذلك الحال بالنسبة لسولوميلو سانتيرون، وهي قطعة لحم مشوية مع صلصة الروكفورت.
وبالنسبة لتناول طعام الغداء هناك لونشيريا بوليفار، حيث اللحم أو الدجاج المشوي، وهذا المكان جيد ايضا لتناول عصائر الفواكه الطازجة.
التمتع أثناء النهار: من اجل معرفة تاريخ المدينة يمكنك الذهاب الى متحف بلاسيو دي لا انكويزيشن، وكانت هذه المدينة قد تأسست عام 1533 من قبل الفاتح بيدرو دي هيريديا، وهي الموقع الثالث والأخير لمحاكم التفتيش في العالم الجديد. وهنا عذب واعدم المئات من الساحرات والهراطقة الآخرين.
وكل كنيسة في كارتاهانا جديرة بالزيارة، خصوصا كنيسة سانتو دومينغو التي جرى تجديدها، وهي مشيدة في القرن السادس عشر وتستخدم ايضا للحفلات الموسيقية وعروض الفن المعاصر، وهناك ايضا كنيسة سان بيدرو كالفار.
ومن اجل التمتع بالمنظر خارج المدينة القديمة يمكنك القيام بجولة سياحية بالباص في فترة ما بعد الظهيرة. وتتوقف هذه الجولة التي يمكن ان ينظمها أي وكيل سفر او فندق، في بوكاغراند في طريقها الى كونفينتو دي لا بوبا، وهو دير يقع على قمة تل، وكذلك كاستيلو التي يقال إنها أكبر حصن في المستعمرات الاسبانية السابقة.
ومن أجل قضاء يوم على الساحل يمكنك التوجه الى روزاريو آيلاندز، وهي مجموعة من 27 جزيرة صغيرة تقع على بعد ساعتين بالقارب.
التمتع أثناء الليل: عند غروب الشمس وهبوب الرياح الكاريبية المنعشة وأصوات الموسيقى الحية يجد الزائر نفسه منجذبا نحو بلازا سانتو دومينغو. وهناك عروض منتظمة يقدمها الراقصون الأفروكاريبيون، وتعتبر مقاهي الهواء الطلق مكانا مثاليا لمشاهدة الناس.
أماكن التسوق: تضم سراديب القصور القديمة، التي كان بعضها سجونا، والموجودة داخل الجدران الشمالية للمدينة، بعضا من افضل محلات بيع المصنوعات اليدوية في كارتاهانا. وتبيع محلات بوفيداس قبعات القش والمجوهرات والزمرد والتذكارات السياحية الأخرى بأسعار مناسبة. وهناك تجد موسيو تورينو، وهو حانة كانت متحفا لمصارعة الثيران يديرها حكواتي.
ومن أجل الحصول على المصنوعات اليدوية الكولومبية العالي النوعية يمكنك زيارة غاليريا كانو، وهو محل يعرض بعضا من افضل ابداعات الحرفيين الهنود. ويمكنك ان تجد القبعات المنسوجة يدويا، والأراجيح الشبكية الملونة، ونسخا من المجوهرات الكولومبية القديمة.
كما يمكنك الحصول على الملابس والاكسسوارات من المصممين المحليين في الشوارع المتفرعة من بلازا سانتا دومينغو وبلازا سانتا تيريزا، وبينها ماريا كاميلا ميسا، الذي يبيع طواقم القلادات والحلق المطعمة.
خدمات أخرى: تقدم جدران المدينة، التي شيدت لحمايتها من القراصنة، مشاهد رائعة للكاريبي والأفق الذي تمتد فيه المدينة. وهناك نصب كاتالينا، وهو هندي كاريبي عمل مترجما لدى الفاتحين، وهناك البقايا الخشبية من حلقة لمصارعة الثيران، اضافة الى بيت غابريل غارسيا ماركيز الحديث الواقع على ساحل البحر.
ومن اجل تجربة سياحية مثالية في كارتاهانا يمكنك قضاء امسية في بارك دي سان دييغو، وسط المدينة القديمة. فهناك المناضد الموضوعة خارج المطاعم، وعازفو الجيتار الذين يقدمون الأغاني الكولومبية الشهيرة، والفنانون الذين يعرضون المجوهرات، والنساء اللواتي يقلين الأريباس الكولومبي بالبيض. والحشد هناك مزيج حي من العائلات والشباب المتمردين والسياح الأثرياء.
وليس هناك نقص في مقاهي الانترنت التي تقدم مختلف الخدمات الالكترونية. كما أن أفيانكا ايرلاينز، وهي الخطوط الجوية الكولومبية. كما تتوفر خدمات سيارات الأجرة للتجول داخل المدينة القديمة أو الذهاب الى بوكاغراند، فضلا عن عربات الخيول التي يقودها سائقون يقدمون المعلومات التي يحتاجها السياح.
* خدمة «نيويورك تايمز»