احذر النصابين أثناء السفر

الوقوع في مصيدتهم شر يمكن أن يتفاداه العرب

TT

على قاعدة «العرض والطلب» التجارية الشهيرة، يزدهر في الدول التي تصنف سياحية عدد من المهن والحرف التي تقوم بشكل أساسي على خدمة السياح والتعامل المباشر معهم، إحدى المهن التي أوجدها الطلب السياحي هي مهنة النصب والاحتيال وعلى الرغم من غرابة المسمى إلا أن المهنة لا ينقصها الاعتراف بها من قبل السياح ووكلاء السفر والسياحة على الأقل.

طارق مظفر صاحب وكالة أحلام العالم للسفر والسياحة، يؤكد أن السائح الذي يسافر دون التخطيط عبر وكالة سفر وسياحة يدفع الثمن أغلى بشكل مضاعف كونه يذهب وليست لديه أي فكرة عن الأسعار والعروض وهو ما يجعله لقمة سائغة للمحتالين، على عكس السائح الذي ينسق مع وكالة قبل سفره فيحصل بموجبها على حجوزات مؤكدة للطيران والفنادق بأسعار أرخص.

أما أكثر المناطق التي يكون فيها السائح الخليجي بصفة عامة، والسعودي بصفة خاصة هدفاً للمحتالين، فهي منطقة الشرق الأوسط، وبعض الدول العربية بحسب ما يقول مظفر، الذي يقلل من حجم هذه الظاهرة في الدول الأوروبية أو الدول الشرق آسيوية، كماليزيا على سبيل المثال، والسبب يعود برأيه، إلى كون «الأسعار منظمة ومعروفة سواء في الفنادق أو وسائل المواصلات والنقل العامة، أو المطاعم والمرافق الأخرى».

ويؤكد مظفر بأن أكثر أساليب النصب على السياح شيوعاً هي رفع الأسعار المبالغ فيه واستغلال غربة السائح وعدم معرفته بالمناطق التي يزورها لأول مرة، ويؤكد ذلك باستشهاده بمطاعم تتصيد السعوديين وتخدعهم عبر تحضير قائمتين للطعام إحداها تحتوي على الأسعار وتقدم لأهل البلد، والأخرى تقدم للسائح الخليجي ولا تحتوي على أي أسعار ليفاجأ فيما بعد بالفاتورة الضخمة التي يدفعها وهو يعتقد أنه كغيره من مرتادي المطعم.

وبحسب عدد من السياح «المخدوعين» ووكلاء السفر الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، تضم قائمة أكثر أساليب النصب والاحتيال شيوعاً عدة طرق بعضها تقليدي كالنشل الذي يعد أقدم وأبسط الصور، إلى جانب رفع الأسعار واستغلال جهل السائح، وبعضها أكثر ابتكاراً كالأشخاص ذوي المظهر الأنيق والموثوق الذين يعرضون خدماتهم كأدلاء، والبعض يحترف المسألة ويكون شركات وهمية لا تملك من الخدمات التي تسوقها إلا المظهر الموثوق واللسان المعسول. ويصف أكرم عبد الحي (وكيل سفر سياحي) كيف تتم عمليات النصب التي تقوم بها بعض الشركات الوهمية بقوله «عادة ما تقوم بالاتصال بالسياح في غرفهم بالفنادق التي ينزلون فيها، ويطلبون منهم زيارة مكاتبهم والاشتراك في مسابقات وسحوبات جوائزها قيمة ومن بينها قضاء أسابيع في منتجعات عالمية أو الحصول على تخفيضات بنصف الثمن في الفندق الذي يقيم فيه السائح إضافة إلى خصومات على خدمات أخرى يحتاجها، وكل هذا مقابل الاشتراك برسم رمزي يصل إلى 100 دولار في معظم الأحوال، وهي كافية لتكوين ثروة إذا ما نفذوا المخطط مع كل السياح.

ألبوم ذكريات السياح السعوديين يحتوي على صور جميلة وأوقات سعيدة، لكن بعض صوره تحتوي على مواقف مزعجة، وتعبيرات حزينة وساخطة نتيجة التعرض إلى عمليات النصب والاحتيال، فيصل السلمي أحد السياح الذين تحتوي ألبوماتهم على صور مشابهة يقول «في أول سفراتي إلى إحدى الدول العربية الأفريقية تعرضت إلى عملية نصب واحتيال، بعد اطلاعي على برنامج سياحي شيق ومتكامل تعده شركة من تلك الدولة، وبالفعل دفعت المبلغ وهو بالآلاف بالطبع وعند وصولي فوجئت بأنه لا وجود لتلك الشركة، واضطررت إلى تدبير نفسي.

أما منى عطار فذهبت في إجازة عيد الفطر المبارك برفقة زوجها إلى دولة شرق أوسطية معروفة بجمال طبيعتها الفتان، روت كيف تعرضت هي وزوجها للنصب والاحتيال عن طريق رفع أسعار التاكسي والعبارة التي أقلتهم إلى جزيرة سياحية مقابل مبلغ مالي كبير ليتبين في النهاية أنها مجانية!! سارة القحطاني، لمح أحد المحتالين اهتمامها بالآثار التاريخية التي شدتها، فظل لمدة ساعتين يوهمها بأنه دليل سياحي متمرس ومطلع جداً وعرض عليها جولة في متحف أثري نادر مقابل 200 دولار لتكتشف بأن المتحف النادر ليس إلا محل عطارة متواضع جداً.

وعلى الرغم من تكرار التجارب التي يمر بها السائح وتبادلها مع غيره، إلى جانب النصائح المختلفة التي يقدمها وكلاء السفر له بالتيقظ وأخذ الحيطة والحذر، تسهم إلى حد كبير في إبعاده عن شرك «المحتالين» إلا أنهم يسارعون باستحداث طرق جديدة وأكثر إقناعاً في كل مرة لتستمر مهنة النصب والاحتيال على السياح وتنتج أجيالا أكثر وعياً من «النصابين».

وبالنهاية لا يمكن القول إلا بأنه من المهم جدا التنسيق مع وكالة سفر متخصصة وذائعة الصيت، يمكن الوثوق بها حتى لا نتفاجأ بعدم وجودها أثناء الزيارة، كما أنه من الضروري التأكد من شخصية المرشد السياحي والاستعانة بوكالة السفر للحصول على دليل سياحي متخصص ومرخص له العمل في هذا المجال. وفي حال شعرت بعدم الارتياح في واحد من المطاعم الشرق أوسطية يمكنك التأكد من صحة الاسعار من خلال طرح الاسئلة على الموجودين في المطعم من أهل البلد ومقارنة لائحة الاسعار.

لا تثق بأي شخص تتعرف إليه في السفر فقد يكون من النصابين الذين يصطادون السياح العرب والأجانب.