أسرار سحر أسواق أمونيا في وسط أثينا

لا تكتمل رحلتك إلى اليونان إلا بزيارتها

أسواق شعبية وبضاعة من مختلف المستويات والاذواق («الشرق الاوسط»)
TT

يجب ألا يفوت السائح القادم إلى اليونان زيارة ميدان امونيا في قلب العاصمة أثينا، ليطلع على بعض أسرار هذا المكان العجيب الذي يعج بجميع أصناف الحياة وألوانها.. فالسائح إلى هذا المكان قد تبهره روائح عبق الزمان التي تفوح من أزقته، وتشهد بها حوائط المقاهي والمتاجر القديمة، إلا انه يجب عليه حال زيارته أن يتفحص بعين صائبة ما يجري حوله، ليكتشف بنفسه أسرار هذا المكان الذي يشهد على الجمع بين القديم والحديث.. وسوف انقل هنا إلى قرائنا الأعزاء صورة لهذا المكان تأتي بحكم إقامتي التي قد تمتد إلى نحو عقدين من الزمن في هذه العاصمة.. فالقادم إلى هنا يصعب عليه استيعاب العديد من الأمور من الوهلة الأولى..

يتميز ميدان "امونيا" أنه عصب العاصمة "أثينا"، وقديما كانت منازل هذا الحي قصورا لأغنياء هذا البلد ورجال سياسته.. ويمكن القول إن كل حانوت وزقاق في هذه المنطقة يحمل وراءه سرا من أسرار العهود البائدة، ويعرف ميدان أمونيا أحيانًا بميدان الكونكورد ـ وتتفرع منه الشوارع الرئيسية وخطوط المركبات العامة، ويقع على بعد كيلو متر واحد شمال غربي ميدان سينتاغما، وتفصل بين الميدانين منطقة السوق والمحال التجارية والمطاعم.

وتتمركز الحياة في وسط العاصمة أثينا حول ثلاثة ميادين رئيسية هي ميدان أمونيا وميدان سينتاغما وميدان موناستيراكي. ويشكل ميدان سينتاغما ـ الذي يُعرف أيضا باسم ميدان" الدستور" المركز الإداري للمدينة. وهو مواجه لمبنى البرلمان (القصر الملكي سابقا)، والذي أعلن من شرفته دستور أثينا عام 1843م. ويحرس هذا المبنى مجموعة مخصوصة من الجند، تسمى "فيورورا"، يرتدون زيا تقليديا زاهي الألوان، وتقف مباني الفنادق والمكاتب في مواجهة الميدان أيضا.

وإلى الجنوب من هذا الميدان غرب أمونيا يقع ميدان موناسترياكي ـ وهو قلب منطقة السوق القديم ـ ويحيط به عدد كبير من الحوانيت الصغيرة، وأماكن البيع المكشوفة ومحلات بيع الصحف، وإلى الشرق منه توجد منطقة بلاكا التي يرجع تاريخها إلى عهد حكم تركيا لليونان، حيث كانت أثينا آنذاك قرية صغيرة، ولا زالت هذه المنطقة تحمل سمات ذلك العهد التركي، التي تبدو في شوارعها الحجرية المتعرجة، وحوانيتها الصغيرة ومقاهيها الكثيرة.

ويقع وسط أثينا على سهل قرب النهاية الجنوبية لشبه جزيرة أتيكا التي تمتد من الجنوب الشرقي لليونان إلى بحر إيجة، ويحد أثينا هلال من الجبال التي يبلغ ارتفاعها 1400 متر من جهة الغرب والشمال والشرق، وتبعد نحو ثمانية كيلومترات عن ميناء بيرايوس (بيريه) أكبر موانئ اليونان.

ويطل تل الأكروبولوس الكبير المنبسط، في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة، وقد كان المركز الأصلي للحياة في أثينا القديمة، وتوجد فيه عدة آثار تاريخية، مثل الأرخثيوم والبارثينون والبروبيليا ومعبد أثينا نايك، وآثار أخرى تذكر بماضٍ زاهر، ويرتفع في الشمال الشرقي من أثينا جبل ليكافيتوس، وهو ذو شكل مخروطي، ويبلغ ارتفاعه نحو 280 متراً، ويمكن رؤية كل المدينة من أعلاه، وإلى جنوبه توجد المنطقة السكنية الراقية والمعروفة باسم كولوناكي.

ومعظم أهل أثينا يعيشون في شقق صغيرة، أو منازل رخيصة، ويملك الكثير منهم سيارات في حين أن البعض الآخر يستعمل وسائل النقل العامة، كالعربات العامة وقطارات الأنفاق والترام والترولي التي تربط أثينا بمنطقة ميناء بيريوس غربا وضاحية كيفيسياس شمالا.

وتنتشر في أرجاء ميدان أمونيا مركز أثينا التجاري أسواق الهواء الطلق، ونستطيع أن نقسم هذه الأسواق إلى أنواع متعددة نذكر منها:

سوق المأكولات( فرفاكي أغورا): وينقسم هذا السوق إلى سوق اللحوم وسوق الأسماك والمنتجات البحرية وأسواق الخضراوات والفاكهة ويتميز عن باقي الأسواق المنتشرة في الأحياء الأخرى بأسعاره المنخفضة التي تعتبر في متناول الجميع ويأتي إليه المستهلكون من جميع مناطق اتيكي أثينا والمدن المجاورة وهو يقع في تقاطع شارعي أثيناس وسوفكليوس، وقد طغى على هذه الأسواق في الفترة الأخيرة بائعون من دول عربية، فعند مرورك في هذه الأماكن تستطيع أن تشتري حاجياتك بسهولة جدا، حيث تجد من يحدثك اللغة العربية ويبدي الاهتمام بمشترياتك بجانب تلقيك تحذيرات من أماكن بيع الأشياء الفاسدة أو لحوم الخنزير أو الأشياء التي ينبغي أن تنتبه إليها عند الشراء.

اسواق البضائع المغلفة: وتشمل هذه البضائع كل ما هو مغلف سواء من عصائر أو مأكولات خفيفة أوعطور أو ملابس، وتباع هذه المعروضات بأسعار منخفضة، تكون غالبا مسترجعات محلات تجارية أو صلاحيتها اقتربت على الانتهاء ويسيطر على هذه البضائع العديد من أبناء الجاليات الأجنبية المقيمين في أثينا.

أسواق الجاليات: القادم إلى أثينا يدرك بسهولة أسواق متخصصة للجاليات، فلكل جالية مكان مخصص يفترشون فيه بضائعهم ويعرضونها لزبائنهم، فنجد سوق لبائعين من الصين ومن مصر ومن سورية ومن ألبانيا ومن باكستان ومن الهند، ولكل له بضائعه وأسعاره وزبائنه وغالبا ما تطارد شرطة البلدية هؤلاء الباعة الذين يجمعون بضائعهم بسرعة ويحملونها ثم يختفون في الشوارع الجانبية.

سوق الأرصفة: وهو مماثل لسوق الجاليات ولكن في مناطق متفرقة حول الميدان، وفي هذا السوق يتم افتراش الأرض والأرصفة في أوقات مختلفة من ساعات النهار أو بعد غروب الشمس، وتعرض من خلال هذا السوق بضائع لا تحمل أي ماركات أو من التي تحتوي على عيوب تصنيع.

سوق المحلات الفخمة: لا يغيب عن أسواق أمونيا، فروع المحلات العالمية ذات الجودة العالية والأسعار المرتفعة، فتجد محلات هوندا سينتر، جلو، لوكاس، زارا، وأيضا المراكز التجارية الفخمة مثل اتيكا وثوظوروبولوس، وذا موول، وهذه المتاجر تبيع اشهر الماركات وأجودها وعادة ما يكون زبائنها من هؤلاء ذوي الدخل المرتفع أو السياح الأجانب ممن يفضلون اقتناء مشترياتهم من هذه المحلات.

المقاهي والكافتيريات: تكتظ منطقة أمونيا والشوارع المحيطة بها بمقاه وكافتيرات متنوعة ومختلفة سواء في الشكل أو نوعية الجلوس، فبجانب وجود أسماء عالمية مثل قوديز وايفريست وماكدونالدز، هناك أسماء يونانية مشهورة مثل جريجوري وفلو كافيه وكيرياكوس ومقاه متنوعة تابعة لجاليات أجنبية ومهاجرين اقتصاديين، كما توجد مقاهي الشيشة التي ملأت المناطق المحيطة بميدان أمونيا تعلوها الأسماء العربية والشرقية مثل أم كلثوم والنيل والباشا ورمسيس والأهرامات. سوق الهدايا والانتيكة: كما تحاط منطقة امونيا بسوق مونستراكي والذي يتم فيه بيع الانتيكات والهدايا التي ترمز لليونان وغالبا ما يكون هذا السوق مزدحما بالسياح الذين يتجولون فيه بحثا عن شراء هدايا لأقاربهم وأصدقائهم في نهاية جولتهم السياحية في اليونان، وبجانب ذلك هناك سوق مونستراكي الذي يقام يوم الأحد وهو شبيه بسوق الجمعة في الإسكندرية أو أسواق الروبابكيا حيث يباع فيه الأشياء القديمة والمتهالكة ويفترش البائعون الأرض، والزبائن يسعون لشراء أي قطعة قديمة أو فريدة في نوعها، كما يحتوي هذا السوق على بعض المعروضات الأخرى التي لم تجد مكانا في المحلات التجارية.

وبجانب الأسواق التي تم ذكرها، فهناك أسواق من نوع آخر لا تقل أهميتها، والحذر منها وذلك لخطورتها، ولابد على السائح القادم إلى ميدان أمونيا أن ينتبه لها تماما واذكر منها:

طبيعة ميدان امونيا: تغير شكل ميدان أمونيا عدة مرات فبعد أن كان دائري الشكل ويحتوي على نافورة تحول الى مربع ثم اصبح حاليا مستطيلا من دون نافورة وبه بعض الشجيرات الصغيرة، ويعتبر هذا الميدان منذ الستينات ملتقى الأجانب من مختلف الجنسيات، كما يعتبر حاليا مكانا للقاء الأصدقاء وزملاء الجيش، كما كان هذا المكان في القدم ملتقى المصريين والعرب حيث كانوا يتجمعون في قهوة "نيون" المطلة على الميدان، كما كان يتجمع العديد من النازحين في قهوة بالطابق الأرضي أسفل الميدان اسمها قهوة "الشيشة". أما في الأعياد الرسمية والمناسبات الوطنية فتجد ميدان أمونيا يتحول إلى مسارح مكشوفة للموسيقى والرقص والغناء، وعند انتهاء المسابقات الرياضية ولا سيما في كرة القدم بين النوادي المعروفة فيتحول الميدان على أيدي المشجعين إلى صالات احتفال وهتافات بالفوز حتى صباح اليوم التالي.