دليلك إلى أفضل المقاهي الشعبية بالقاهرة في رمضان

سهرات وفوانيس وزينات تزيد من تألق الأجواء في الشهر الفضيل

مقهى الفيشاوي من أشهر مقاهي القاهرة تجذب اليها السياح واهل البلد لتناول الشاي والاستمتاع بالاجواء الرمضانية في حي الحسين («الشرق الاوسط»)
TT

"أجلس فأدخن الشيشة، ومن خلال تصاعد دخانها تتراءى أمام عيني شخوص رواياتي وتفاصيل سلوكها". هكذا تحدث الاديب الراحل نجيب محفوظ عن علاقته بالمقهى والنرجيلة التي كان يفضل تدخينها فيه بمفرده أو بصحبة عدد من أصدقائه، وهو وصف يعبر الى حد كبير عن أهمية المقهى في حياة المصريين بكافة طوائفهم خاصة في الأحياء الشعبية كالحسين والسيدة زينب وبخاصة في شهر رمضان الذي يزداد فيه الاقبال على تلك المقاهي بعد الافطار.

استعدادات المقاهي الشعبية للشهر الكريم في مصر، تبدأ قبل حلوله بعدة أيام. حيث يتم تزيينها بديكورات خاصة جديدة تلمس فيها الأجواء الرمضانية، من خلال الاضواء الملونة بمختلف الالوان والتي يتوسطها في الغالب فانوس كبير. بالاضافة الى إعداد المشروبات الرمضانية الشعبية الشهيرة، منها العرقسوس والسوبيا والتمر هندي والخروب. أشهر مقاهي منطقة الحسين: تعد منطقة "الحسين" من أشهر المناطق الشعبية الأثرية في مصر، والتي تتحول في رمضان الى حالة فريدة من نوعها بين سائر أحياء القاهرة، فعلى الرغم من حالة النشاط التي يعج بها المكان طوال العام لما يضمه من مساجد تاريخية ومتاجر ومقاه شهيرة، إلا أنه في رمضان يختلف الأمر، حيث تجتذب مقاهي حي"الحسين" الناس من كافة الطبقات والألوان والأجناس، حتى أن هناك من يأتي للقاهرة خصيصا من الدول العربية أو الاجنبية للاحتفال بالشهر الكريم على تلك المقاهي والتمتع بالجلوس عليها.

مقهى الفيشاوي: يأتي في مقدمة تلك المقاهي مقهى "الفيشاوي" الذي يعد من أقدم المقاهي الشعبية في القاهرة، ويعود تاريخه لأكثر من مائتي عام، وأنشئ عام 1797، ومنذ ذلك الحين وهو مصدر جذب للأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين، وكان من أشهر رواده جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ومن المعاصرين الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة، الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أسامة الباز المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، والاديب نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي، يوسف إدريس.وكمال الشناوي، وعزت العلايلي وكمال الطويل، محمد الموجي وغيرهم.

وعلى الرغم من أن مقهى "الفيشاوي" يجتذب رواده طوال العام إلا أن شهر رمضان يضفي عليه رونقا وجاذبية خاصة، لذا فالاستعدادات تكون مختلفة، كما يؤكد سامي أحد العاملين بالمقهى، فيقول: نغلق المقهى في نهار رمضان، ونبدأ في استقبال الزبائن مع دقات المدفع وآذان المغرب، حيث يفضل كثير من الصائمين تناول الإفطار في مطاعم الحسين مثل "الدهان"، ثم الجلوس في الفيشاوي وتناول الشاي، خاصة الشاي الأخضر الذي يتميز المقهى بتقديمه، والتمر هندي والعصائر بجانب السحلب والفخفخينا والكوكتيل. ويضيف: نحرص على تقديم خدمة متميزة وبأسعار واحدة سواء للمصريين أو العرب والأجانب، لأننا نحرص على تقديم الافضل لزبائننا. ونفعل كل ما في وسعنا للحفاظ على اسم وتاريخ مقهى أصبح مقصدا سياحيا للعرب والأجانب، ومنتدى ثقافيا فيه أمسية رمضانية متجددة كل يوم.

مقهى لؤلؤة الحسين: مقهى آخر بالحسين يقع بجوار الفيشاوي، بات له زبائنه في الشهر الكريم وهو مقهى "لؤلؤة الحسين" والذي يبدأ عمله في الشهر الكريم في حوالي العاشرة مساء بعد أن ينتهي الناس من أداء صلاة التراويح، وتمتد السهرة حتى الفجر، حيث يقدم المقهى جميع أنواع المشروبات الباردة والساخنة، ولكن من أكثر المشروبات التي يفضلها زبائن المقهى حمص الشام، سحلب بالمكسرات، التمر هندي والكركديه. الأسعار في المقهى مرتفعة إلى حد ما، فلوحة الأسعار المكتوبة بالعربية والإنجليزية توضح في أعلاها أن "قائمة الأسعار سياحية". أقل سعر هو للشاي الذي يبلغ سعر الكوب الواحد منه تسعة جنيهات. وهو ما يبرره العاملون في المقهى بوجودهم في منطقة سياحية.

مقهى الزهراء: أما مقهى الزهراء، فيعد ثاني أقدم المقاهي في المنطقة بعد مقهى الفيشاوي، حيث يتميز بتوفير مجموعة من العازفين على الناي والعود لإمتاع الرواد بالموسيقى العربية الاصيلة. الي جانب تناولهم المشروبات التي يفضلها الرواد. بالاضافة الى أن المقهى يفتح أبوابه لمدة 24 ساعة في اليوم، حيث يرتاد المقهى الكثير من الأجانب في وقت الظهيرة، أما المصريون والعرب، فيبدأ توافدهم في رمضان بعد الساعة الثامنة مساء كل يوم. ويتميز المقهى بتقديمه الانواع المختلفة للنرجيلة، وخاصة التفاح والكرز والكنتالوب والعنب وذلك لإرضاء أذواق المترددين على المقهى.

مقهى ولي النعم: الأمر لا يختلف كثيرا في مقهى "ولي النعم" في منطقة الحسين كما يقول عم أحمد أقدم العاملين بالمقهى، فشهر رمضان بالنسبة للعاملين فيه يعد ذروة ايام العمل وموسم ينتظره العاملون في المقهى بفارغ الصبر، حيث يزداد عدد الزبائن بشكل كبير وهو ما يعني زيادة البقشيش.

مقهى أم كلثوم: نترك الحسين ونذهب الى منطقة وسط البلد، حيث يوجد الكثير من المقاهي الشعبية، لعل أبرزها مقهى"أم كلثوم" في شارع عرابي المتفرع من شارع رمسيس. ففيه يجد عشاق الفن الأصيل مبتغاهم، حيث تشدو "الست" صباحا ومساء بروائعها الجميلة، بالإضافة للوحة مسجل عليها تاريخ أم كلثوم وأشهر أغانيها والمحطات المهمة في حياتها، ولوحة جدارية لها وهي تمسك بمنديلها الوردي، وهناك أيضا ركن لصورها يضم الكثير من الصور النادرة لسيدة الغناء العربي مع أقطاب الفن أمثال فريد الأطرش وصباح وفيروز وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب.

استعدادات المقهى لرمضان تبدأ بتعليق الزينات والفوانيس والأوراق الملونة ابتهاجا بقدوم الشهر الكريم. ويستمر العمل بالمقهى حتى أذان الفجر.

مقهى حورس: أما أشهر مقاهي حي عابدين، فهو مقهى"حورس" الذي يزداد إقبال الناس عليه في شهر رمضان. ويتميز بتقديم عدد من المشروبات المتنوعة في مقدمتها "العناب" المصنوع من عشب الكركديه، والفخفخينا، والحلبة باللبن، والزنجبيل. بالاضافة الى باقي المشروبات والنرجيلة بالطبع.

مقهى ريش: ومن أهم مقاهي المثقفين والأدباء في مصر في منطقة التحرير هو "مقهى ريش" الذي يقع بشارع طلعت حرب بوسط القاهرة، ويعود تاريخ إنشائه الى عام 1908 واشتهر قديما بتوافد كبار الكتاب والصحافيين والفنانين بصفة يومية لتناول فنجان القهوة وتبادل الحديث في السياسة والاقتصاد وهموم المجتمع المصري على مناضده. ولهذا فالمقهى يزين جدرانه بصور هؤلاء المشاهير.المقهى في رمضان لا يختلف عن غيره من الأيام، حيث تجد الأدباء والمثقفين يقضون سهراتهم فيه. إلا أن المقهى لا يقدم النرجيلة.