أصغر فندق في العالم داخل حصن بافاريا المنيع

اعتبره الألمان في الماضي «عش الزوجية»

يعتبر الفندق جاذبا سياحيا مهما للمنطقة («الشرق الأوسط»)
TT

يتناقل أهل أمبيرغ (في صعيد بافاريا) أباً عن جد اسطورة «عش الزوجية» الذي تحول من «سقيفة» للعرسان الفقراء، إلى فندق راق دخل كتاب غينيس للأرقام القياسية كأصغر فندق في أوروبا.

وتقول الاسطورة إن أحد أمراء بافاريا في القرون الوسطى حظر الزواج الكنسي على العشاق الذين لا يملكون قطعة أرض وبيتاً يقيمان فيه عش الزوجية. وحرم القانون الملكي مئات العشاق في امبيرغ من الزواج بسبب الفقر وضعف الحال، إلى أن تفتق رأس أحد العشاق عن فكرة تحويل مساحة أرض عرضها 2.5 متر، تفصل بين بيتين، إلى بيت له. زود الشاب المساحة بسياج صغير وباب ووضع لها سقفا، وهو ما تقبلته الكنيسة قطعة أرض وبيتاً للعاشقين الفقيرين آنذاك. وهكذا صار العشاق على مدى أجيال يتوارثون البيت الصغير ويحولونه إلى «عش للزوجية».

ويعود الفضل إلى الفنان الأمبيرغي فيلهيلم مانفريد الذي كتب الحكاية على باب «السقيفة» المهمل عام 1728 ومنح بلدية المدينة فكرة تحويل المنزل إلى أصغر فندق في العالم يحمل اسم «بيوت الزوجية Eh Husel» باللغة البافارية الدارجة. وأصبح الفندق منذ القرن الثامن عشر «معبدا» للحب يقضي فيه العرسان لياليهم الأولى وينتظرون طويلا على قائمة الغرف الشاغرة.

وتم في منتصف يوليو (تموز) الجاري افتتاح الفندق مجددا بعد عملية تجديد وترميم كلفت 200 ألف يورو على مدة 6 أشهر. وفتح «عش الزوجية» أبوابه مجددا للزوار مقابل 190 يورو في الليلية مع الفطور ومرآب للسيارة في مرحلة الافتتاح. وسيرتفع ايجار الفندق إلى 240 يورو بدءاً من مطلع 2009. ويقع المرآب أيضا، في بناية مجاورة للفندق الذي لا تزيد مساحته الاجمالية عن 50 مترا مربعا. ووصف عمدة المدينة فولفغانغ داندورفر الفندق بأنه «مركز جذب سياحي» للمدينة، وأنه يفخر بملكية البلدية للفندق.

ولأن مساحة الفندق صغيرة فإن «السويت» الوحيد فيه مقسم في طوابق ويحتوي على غرفة معيشة تليها غرفة النوم، ثم غرفة الحمام وفوقها غرفة المطبخ. الأرضية من الخشب الفاخر اللماع، الأسرة فكتورية من فرنسا، والمدفئة غازية يلتهب فيها الخشب كموقد الفحم.

والفندق المنمنم ليس اللمحة السياحية الوحيدة في المدينة التي تعتبر من افضل المدن الأوروبية التي حافظت على تراثها التاريخي. وتقع امبيرغ 60 كم إلى الشرق من نورمبيرغ وكانت منطقة استخراج الحديد الأولى في ألمانيا قبل هجوم الحديد الرخيص من اسبانيا. وهي إحدى عواصم إمارة البفالز منذ القرن الثاني عشر تحولت إلى بافاريا بفضل تحاصص ما بعد حرب الثلاثين عاما.

وبفضل واردات الحديد أحاط ملوك المنطقة المدينة بسور مدور ومتين، وشبكة من الخنادق المائية التي تستمد مياهها من نهر الفيلز، وتحولت بذلك إلى قلعة حصينة. ووصف المؤرخ ميشائيل شفايغر الألماني امبيرغ عام 1564 كالآتي «ميونخ أجمل مدن الأمراء، لايبزج أغناها وأمبيرج أحصنها».

وزودت الأسوار بالعديد من البوابات التي ما زال أربع منها جديرة بالمشاهدة، هذا إضافة إلى نحو 100 برج حراسة تتوزع على مسافات منظمة بين البوابات وفوقها. ومن أجمل البوابات هي البواية المسماة «نظارة المدينة» في الشمال. وتتألف البوابة من قوسين على نهر الفيلز وتنتصب الدعامة الوسط في منتصف النهر، ويشكل قوسا البوابة مع انعكاسهما في النهر شكل نظارة العين. وهناك القصر الملكي الذي بني عام 1417 في عهد الملك لودفيغ الثالث على الطريقة القوطية، ودار البلدية القديمة والكنيسة القديمة في مركز المدينة.

وحينما يزور السائح امبيرغ يجد نفسه في قلب الصعيد البافاري حيث البيوت ونوافذها الخشبية وشرفاتها المزروعة بالورود، غاباتها الواسعة وطبيعتها شبه الجبلية، ولحومها المختلفة التي تتراوح بين الاسماك ولحوم الحيوانات الأليفة والبرية.