بعد 2000 عام.. زادار الكرواتية تحافظ على سحرها

تدعى المدينة الخجولة

أحد شواطئ زادار يلجأ اليه الشباب للراحة والتأمل في سحر البحر («الشرق الأوسط»)
TT

قد تكون مدينة «زادار» من أكثر المقاصد التي لم تعطَ حقها في كرواتيا. تقع تلك المدينة التي تعود للحقبة الرومانية على ساحل دالماسيا الشمالي، وتتميز بالنمط الشبابي والتراث المعماري الثري، وعن طريقها يمكن الوصول بسهولة للعديد من المناطق في أوروبا. هناك العشرات من الجزر التي تقع في الجوار التي تستحق الاستكشاف، ويمكنك الذهاب بالسيارة خلال ساعة من مدينة زادار إلى ما لا يقل عن خمس محميات طبيعية، تجد فيها بحيرات وشلالات وجبالا ومناطق برية. لكنك قد تفضل البقاء في مدينة زادار لأيام قليلة لتنظر في الكنوز المعمارية التي تحتويها، التي تعود إلى ألفي عام. يمكن أن تبدأ من «فورام»، وهو ميدان عام يبلغ حجمه ملعب كرة قدم صمم في القرن الأول قبل الميلاد، كما توجد هناك كنيسة القديس دونات، التي تعود للقرن التاسع، ودير القديسة ماري، الذي يعود للقرن الحادي عشر، وهو عبارة عن كنيسة أرثوذكسية بنيت على معبد روماني وكاتدرائية القديسة آناستاسيا. كان الرومان مولعين بمدينة زادار، وكانت المدينة القديمة عبارة عن شبه جزيرة مساحتها 400×1000 متر وتحدها جزر البحر الأدرياتيكي. ويستمتع بهذا المكان في الوقت الحالي 75.000 نسمة، معظمهم يعيشون في الجانب الجديد في المنطقة الرئيسية، التي يمكن الوصول إليها عن طريق جسر للمشاة أو عن طريق قارب من مدينة زادار.

ويستمتع السكان بروح تقدمية مع كل التقدير والاحترام للماضي الرائع: فترة الحكم الفينيقي التي اتسمت بالقمع والاضطهاد والتهديد المستمر للهجمات التركية. طمس أكثر من 65 في المائة من المدينة خلال الحرب العالمية الثانية وعانت المدينة من ضرب كثيف بالمدفعية خلال الحرب في الفترة من 1991 حتى 1995. في زيارة للمدينة خلال فصل الخريف الماضي، تمشيت خلال المدينة القديمة، على امتداد الشارع الرئيسي المكسو بالصخور والمعروف باسم «كاليلارجا». وبدت في المكان علامات على الحداثة، وسط أنماط معمارية تعود لعصر النهضة الأوروبية والعصور الوسطى والعصر الباروكي، تجد هناك محلات أديدس وبنتون وترا نوفا، بالإضافة إلى مقاه تعلو منها أصوات الموسيقى ويجلس الكروات يتناولون القهوة. لكن، هناك دائما ما يذكر المرء بماضي وتاريخ تلك المدينة. قبل أن ألتقي بعمدة المدينة في «نارودني ترج» (أو ميدان الشعب)، تجولت في مقهى «لوفر» المبنية من الطوب والزجاج والمطابقة للنمط العصري، وكانت هناك كنسية القديس لورانس التي تعود للقرن الحادي عشر والمصممة على النمط الروماني. يقول عمدة مدينة زادار زيفكو كوليجا، الذي تولى منصبه خلال حرب اليوغسلاف في التسعينات من القرن الماضي: «يبلغ عمر هذه المدينة 2700 عام، كانت إحدى المدن القوية للرومان وكانت نقطة الاتصال بين القسطنطينية والغرب خلال فترة حكم الملك شارلمان. ويوجد بالمدينة أقدم جامعة في جنوب شرق أوروبا ويبلغ عمرها أكثر من 600 عام. تعرضت هذه المدينة للتدمير مرات كثيرة، وكانت تعود مرة أخرى مدينة قوية».

لكن، فإن استراتيجية المدينة للمستقبل، حسب ما يقوله الطبيب الجراح كوليجا، ليست مجرد التقيد بالماضي. تعافت المدينة بشكل كامل من فترة الحرب، والتي تم خلالها عزل المدينة عن كرواتيا لمدة أكثر من عام، وهناك الكثير من الدعم الذي يأتيها لاستثماره في الأعمال العامة. ويوجد بمدينة زادار الكثير من الأمارات على أنها مقصد مهم متنامي، ومن بين الأشياء المهمة فيها فندق أربعة نجوم افتتح أخيراً هو «فندق باستيون» ومجمع للألعاب الرياضية. ويجري العمل في ميناء جديد ينتظر أن ينتهي عام 2012. وبنهاية العام الجاري سيتم الانتهاء من تعديلات على نظام لمعالجة مياه الفضلات، ومن المنتظر أن يساعد هذا النظام على جعل مدينة زادار احدى أنظف المدن التي تطل على البحر في القارة الأوروبية. وتجمع مدينة زادار بين الحيوية والنشاط اللذين يميزان مدينة «سبليت» وعبق المتاحف المفتوحة الثرية المميز لمدينة «دوبروفنيك». ويوجد بالمتحف الأثري الذي تم تجديده أخيرا أكثر من 100.000 قطعة تعود إلى الفترة من العصر الحجري القديم حتى القرن الحادي عشر. كانت استراحتي الأولى خلال هذه الجولة في المدينة القديمة في مطعم «غاردن»، حيث تعلو صوت طبول جيمس براون ومعها موسيقى نيك كولجان، افتتح المطعم قبل أربعة أعوام. وتقع الردهة الخارجية أعلى أسوار المدينة وتحتوي على أسرة للاستراحة عليها خلال النهار وممر يطل على المياه وجهاز «دي جي» به أجمل الأغاني العالمية. يقول كولغان: «أعتقد أن زادار مكان رائع من الناحية الجغرافية، فهذه أرض جديدة، تقع المدينة أعلى نتوء وهذا النوع من المكان يحلو لك أن تستكشفه، وليس مجرد التحدث عنه».

تجد هناك الآرسنال، وهو مخزن عسكري يعود للقرن الثامن عشر، توجد فيه مطاعم ومقهى وأندية ليلية وبوتيكات تتداخل مع بعضها بعضا لتصوغ مركزا رائعا غريبا بالنسبة لهذه المنطقة من أوروبا. أخذت أحد المقاعد في الطرقة في «بار برازيل»، وطلبت بيرة «كارلوفاكو»، وجلست أنعم بالنظر إلى متنزه «ريفا» الذي يقع جانب البحر على الناحية الغربية، ويحلو للعائلات والعشاق والسكان المحليين التجول والجلوس في هذا المكان ليستمتعوا بغروب الشمس عن مدينة زادار. يقول ميا بوركول، وهو مواطن أصلي من مدينة زادار: «بسبب كل ما حدث على مدى الأعوام، يقدر الناس هنا ما في المدينة: البحر والطعام الطازج والسمك. لا نحتاج إلى مطاعم مثل ماكدونالدز، فلدينا تاريخنا الخاص».

لكن ليست زادار مجرد «تاريخ وأحجار»، فقد حصل «سي أورغان»، وهو عبارة عن مزيج من العمارة الفنية الموسيقية والعلم، الموجود في شمال غرب زادار، على الجائزة الأوروبية لأفضل مساحات عامة في الريف عام 2006. في هذا المكان تختفي الدرجات الصخرية تحت المياه، وتوجد 35 ماسورة تصدر نغمات رائعة تعتمد على مياه البحر والضغط الناتج. وفي العام الماضي، رحبت المنطقة بقطعة من الفن الدائم تسمى «غريتنغ تو ذي صن»، حيث يتم عرض النظام الشمسي عن طريق الخلايا الكهروضوئية الممتدة في أرجاء المتنزه. يقول نيكولا باسيك، المهندس المعماري الذي صمم كلا من «سيي أورغان» و«غريتنغ تو ذي صن» إن مدينة زادار لوح ممسوح، فهي كالمخطوطة القديمة التي تحتوي على نقوش قديمة تم مسحها ووضعت بدلا منها نقوش جديدة، لكن تلك القديمة دائما ما يمكن إدراكها، حتى لو كانت غير مرئية.

أين يمكن أن تقيم: فندق باستيون وهو فندق مكون من 28 غرفة ويقع في 13 بديماي زادارسكي بوبونا ويمكن الاتصال به على (385-23-494-950) وموقعه على شبكة الإنترنت هي www.hotel-bastion.hr. ويبدأ سعر الغرفة المزدوجة بـ181 يورو أو 288 دولارا بسعر 1.59 دولار مقابل اليورو الواحد. فيلا هريسك (28 أوبالا كنيز تربيميرا - 385-23-337-570 - www.villa-hresc.hr)، وتحتوي على ثلاثة طوابق بها أجنحة رائعة وغرف واسعة البعض منها يطل على البحر. ويبدأ سعر الغرف، مع وجبة الافطار، في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) بـ120 يورو. أين يمكنك تناول الطعام؟

كونوبا سكوبلار (ترج بترا زورانيكا - 385-23-213-236) وهو مطعم متخصص في السمك المشوي وطعام البحر، وتتكلف الوجبة 250 كونا أو 52 دولارا بسعر 4.75 كونا مقابل الدولار. مطعم «سي فود فوسا» (2 كرالجا دميترا زفونيميرا – ( 385-23-314-421 وهو يطل على ميناء فورسا الرومانسي. ويمكنك هناك تناول وجبات ثمار البحر. وتتكلف الوجبة لاثنين 500-600 كونا. مقهى برازيل (1 بريلاز هرفاتسك سيتاونيس - 385-91-208-5561). يفتتح هذا المقهى طوال اليوم وبالليل ويحتوي على طرقة بالقرب من «ريفا» و«سي أورغان». «غاردن» (بيديمي زادارسكي بوبونا - 385-23-250-631 - www.thegardenzadar.com) ويتميز المطعم بالأناقة البوهمية ويحتوي على ردهة خارجية أعلى أسوار المدينة. «أرسنال» ترج تري بونارا - 385-23-253-820 - www.arsenalzadar.com) مايا بوب (6 ليبورنسكا أوبالا - 385-23-251-716) وهو يقع على المرفأ وهو عبارة عن مقهى خلال النهار ونادي رقص خلال الليل.

* خدمة «نيويورك تايمز»