«ذو دولدير غراند» فندق ومركز صحي.. ولا في الخيال

من السونا إلى غرفة البخار إلى غرفة الثلج.. يطل على بحيرة زيورخ الشهيرة

المدخل الرئيسي للفندق يقع ضمن المبنى الاثري (تصوير: بابلو فاتشينيتو)
TT

على بعد 10 دقائق من مطار زيورخ، تبدأ مشوارك في شوارع تلك المدينة السويسرية الهادئة، وفجأة تجد نفسك تسلك طريقا جبليا لتصل الى مبنى واقع على أعلى هضبة مطلة على بحيرة زيورخ الشهيرة، وسيطالعك ذلك المبنى الاثري بهندسته الفريدة، وستشعر على الفور بإحساس من الفضول لمعرفة قصة هذا المبنى الذي تحول الى واحد من أهم الفنادق الراقية في مدينة زيورخ، إنه فندق وسبا «ذو دولدير غراند» الذي أعيد افتتاحه قبل حوالي 5 أشهر بعد أكثر من 4 سنوات من أعمال الديكور والبناء، فبعد أن كان مركزا صحيا تحول اليوم الى فندق من فئة 5 نجوم، كل ركن فيه يحكي قصة فنان وكل قطعة ديكور تحاكي حقبة وكل لون له دلالاته.

يبدأ مشوار الرقي من الباب الرئيسي للفندق، فيكون باستقبالك فريق من موظفي الاستقبال يرحبون بك بأي لغة تتقنها حتى العربية، قلبك سيهمس ويقول لك خذني الى الداخل ونظرك سيشدك الى البقاء في باحة الفندق الخارجية التي تزينها بركة مسطحة تزينها الانوار وتطل على اروع منظر للبحيرة، فبعد مشادة بين الحواس تخضع لما يريده قلبك وتدخل الى المبنى من بابه الواسع وكأنك تدخل الى واحد من اروع القصور، وستقف في البهو حائرا، هل تنظر الى السقف الذي تتدلى منه ثريات من أحجار كريستال السواروفسكي البراقة أو تسرق نظرة وتستمد فكرة تطبقها في منزلك لطريقة مزج الاثات العصري مع مقومات المبنى الاثري القديم، وبعد وقفة عند روعة البهو والثريات العملاقة يكون قد حان الوقت للتعرف الى الغرفة.

يضم الفندق 173 غرفة وجناحا ومطعمين ومركزا صحيا «سبا» يبسط وسائل الراحة فيه على مساحة 4 آلاف متر مربع، يتميز الفندق بموقع فريد، فيطل على أجمل المناظر الطبيعية وبنفس الوقت يقع في قلب غابات كثيفة ويضم ملاعب للغولف ويضم قطارا خاصا يقلك الى قلب المدينة.

بني الفندق عام 1899 وكان في الماضي عبارة عن مركز صحي يمكن الدخول اليه من المدخل الجنوبي فقط، ولكن بعد ان قرر صاحب المشروع إعادة ترميم المبنى خطر على باله بأن يقوم بعملية توسيع ضخمة، فأقفل الفندق في عام 2004 وابقى على المبنى الاثري الأصلي مع بعض التعديلات في الديكور وتمت إضافة مبنى جديد مرتبط بالمبنى القديم بطريقة متناسقة ومتناغمة تمزج ما بين هندستين معماريتين مختلفتين تماما.

على عكس باقي الفنادق العالمية، يصطحبك أحد العاملين او العاملات في الفندق الى غرفتك او جناحك، وتتم اجراءات الاقامة في الفندق في غرفتك،ويقوم العامل بتفسير عملية تشغيل التلفزيون وتحريك الستائر، وانصحك بالتركيز على درس تعلم تشغيل كل الكهربائيات والاضاءة في الغرفة، فالفندق يرتكز على تقنية عالية وغير مسبوقة فلا تجد في الغرف مفاتيح للانارة فكل شيء يتم تشغيله من خلال ماكينة مدورة صغيرة الحجم فيها كل ما تحتاجه لتغيير وضع الستائر الداخلية والخارجية والتلفزيون في الغرفة وآخر تجده ضمن مرآة الحمام.

خضع الفندق للعديد من التعديلات منذ افتتاحه عام 1899، الى ان قرر صاحب المشروع ورجل الاعمال السويسري اورس شوار زينبارغ ان يقوم بتغيير جذري للمكان وتحويله الى فندق راق، وتمت عملية التوسيع بالتعاون مع شركة الهندسة الشهيرة «فوستر اند بارتنرز»، التي تأخذ من لندن قاعدة لها واستعين بعدد من مصممي الديكور العالميين، لاضفاء الرونق الفريد لكل ركن وغرفة وجناح في الفندق، وبلغت كلفة البناء والتطوير 440 مليون فرانك سويسري.

على الرغم من اختلاف ديكور كل ركن عن الآخر، الا أن القاسم المشترك في المبنيين هو استعمال الكريستال Swarovsky والجلد الطبيعي، وفي قسم من البهو الرئيسي من الفندق، تم اكتشاف سقوف اصلية للمكان كانت مغطاة بطبقة من الخشب، ولم يكن أحد يعلم بوجود هذا التصميم الرائع الى ان اضطر المهندسون المعماريون الى نزع تلك الطبقة من الخشب لاسباب لها علاقة بالسلامة والصحة العامة التي تفرضها الدولة، وكانت المفاجأة عبارة عن سقف رائع في التصميم واثري لا يزال بأفضل حالة، وبالقرب من البهو تجد غرفة تعرف باسم Drawing Room على الطراز الانجليزي، خاصة ان صاحب الفندق من محبي الفن الانجليزي ويملك قرية بأكملها في الريف البريطاني.

السبب الاهم الذي يجذب الزوار الى الفندق منذ افتتاحه هو «السبا» او المركز الصحي الذي يعتبر من أجمل المراكز الصحية المتوفرة في العالم، فهو يمتد على مساحة 4 آلاف متر مربع ويقع في وسط المبنى ويضم 21 غرفة علاج، الديكور فيه يرتكز على الذوقين الاوروبي والياباني وهو من تصميم الاميركية سيلفيا سيبييلي المتخصصة في ديكور المراكز الصحية، وفيه بركة سباحة كبيرة ارضيتها من حجر الجير الاسود، والجدران من الحجر الابيض، وفي الخارج تجد بركة سباحة مياهها دافئة يمكن استعمالها على مدار السنة مهما كانت الظروف المناخية، فتخيل نفسك تسبح في الخارج في فقاقيع من المياه الدافئة وتطل على اجمل منظر لمدينة زيورخ، وفي الداخل تجد غرفة كبيرة فيها صف كبير من المغاطس البيضاء تضم عددا كبيرا من الحصى الساخنة، كما توجد غرفة للسونا واخرى للبخار، فعندما تنتهي من الجلوس لمدة معينة في هاتين الغرفتين يأتي دور غرفة الثلج، نعم الثلج، فيجدر ان تتمتع بقلب قوي لتجرب الوقوف في غرفة من الثلوج حرارتها اقل من 10 درجات مئوية تحت الصفر، فيقول الاخصائيون في المركز إن هذا العلاج من شأنه ان يكون مفيدا لشد البشرة.

وينقسم المركز الصحي لقسمين، واحد للرجال وآخر للنساء لتأمين أكبر قدر من الراحة والخصوصية للزوار والنزلاء في الفندق.

لائحة العلاجات طويلة جدا، تستعمل فيها مستحضرات «لا بريري» و«كينزاكي» وكيرستن فلوريان الشهيرة، وبين اشهر العلاجات التي ينفرد بها المركز، علاج Authentic Moor Mud والتدليك بواسطة «القصب» البامبو على طريقة الشياتسو.

وتوجد غرفة مخصصة للنساء للاسترخاء، تتوسطها طاولة من الخشب وعليها ابريق من الشاي الصيني، تجلسين للراحة وارتشاف كوب الشاي في وقت تسبح فيه رجلاك في ماء دافئة، وفي الخلفية غرفة للسونا وجاكوزي وغرفة بخار كلها مخصصة للنساء فقط.

ولا تكتمل رحلة الراحة الا بزيارة غرفة الاسترخاء المخصصة لما بعد العلاج، حيث تجد مدفأة اصطناعية وتنبعث من الجدران نغمات موسيقى حالمة، تجعلك تحلم بالبقاء في هذا المكان لأطول مدة ممكنة.

والى جانب كل العلاجات والنشاطات، يقدم المركز «سبا كافيه» المخصص لتقديم مأكولات صحية، مثل السوشي والحساء وغيرها من الاطباق الخفيفة.

يفتح المركز ابوابه من الساعة السابعة صباحا ولغاية الساعة العاشرة مساء، وأنا على يقين بأنك سوف تبقى في المركز الى ان يتم إغلاقه في المساء.

وينظم الفندق عروضا خاصة، تناسب الباحثين عن الاسترخاء، فيمكن حجز يوم كامل في المركز الصحي من دون الاقامة في الفندق. من اجمل ما يمكن ان تراه في المركز الصحي، غرفة التأمل التي تقع في وسط المركز، وهي مصممة على شكل حلزوني، تدخل اليها وتشعر وكأنك تدور حول نفسك، الجدران والسقوف تزينها 7 آلاف قطعة من المرايا، ويمكن حجز الغرفة مع مدرب خاص، فالغرفة هي عنوان حقيقي للاسترخاء والراحة التامة.

ومن اللافت أيضا وجود غرفة المكتبة التي تضم أكثر من 600 كتاب باللغتين الانجليزية والالمانية، لها علاقة باللياقة البدنية والرياضة واليوغا والتمرينات، إضافة الى الكتب الغذائية، وأكثر الكتب قراءة في أجواء من الهدوء التام الذي لا يتخلله إلا سؤال احدهم بصوت خافت فيما إذا كنت ترغب بأي خدمة إضافية. وبعد يوم طويل من المساجات والعلاجات واستنشاق العطور المنعشة يكون قد حان الوقت للعشاء، إذ يوجد في الفندق مطعم «ذو غاردن ريستورانت اند بار» Garden Restaurant and Bar يتميز بديكور عصري جميل، ويمتد الى الخارج حيث يقدم فرصة الجلوس في الحديقة المطلة على المدينة، ويقدم المأكولات الاوروبية بمختلف انواعها من ابتكار الطاهي كلاوديو شميتز، وإذا كنت تنوي اختبار مطبخ الطاهي الالماني الشهير هايكو نايدر فلا بد ان تجرب أطباقه الخاصة في مطعم The Restaurant الحاصل على 17 نقطة Gault Milau ونجمة ميشلين للتميز.

وبعد العشاء، لا بد ان تزور البار المميز بديكوره الدراماتيكي، فتتدلى من سقفه شموع من الكريستال، ويقدم كل انواع كوكتيلات الفاكهة على انغام عازف البيانو في أجواء كلها رقي وذوق.

وبعد الاسترخاء والراحة والاكل اللذيذ يحين وقت الخلود الى النوم في غرف تمزج ما بين الهندسة والديكور والعملية، ويرتكز تصميمها على خشب الباركيه الاصلي وحجر الرخام وحجر الجير في الحمامات، والعلامة الفارقة في جميع الغرف هي غياب مفاتيح التشغيل.

وإذا كانت ميزانيتك غير متأثرة بالانكماش الاقتصادي الحاصل، دلل نفسك واختبر «المايسترو سويت» الذي جاء ديكوره من وحي المايسترو هيربيرت فون كارايان، حيث يعكس موسيقاه الكلاسيكية في ديكور المكان، يمتد الجناح على طابقين ويتميز بشرفة واسعة مطلة على ملاعب الغولف والبحيرة.

أما بالنسبة لجناح «كاريتزا سويت» فهو من وحي النحات السويسري البيرتو جياكوميتي، يمتد على مساحة 230 مترا مربعا، وديكوره ترجمة حقيقية لفن جياكوميتي.

وجناح «مازينا سويت» من وحي الممثلة جولييتا مازينا زوجة الفنان فيديريكو فيلليني، وديكور هذا الجناح يحيي حقبة السينما في الخمسينات.

وجناح «100» ديكوره مستوحى من فرقة الرولينغ ستونز The 100 Club في لندن، ويتميز باللونين الاسود والزهري.

وعندما ينتهي المشوار سيبقى منظر بركة السباحة «وورلبول» الخارجية بين جبال الالب والغابات وعلى مرمى حجر من بحيرة زيورخ وغرفة السونا اليابانية Sunaburo وغرفة الثلج الاصطناعي في ذاكرتك الى الابد.

للمزيد من المعلومات: www.thedoldergrand.com و www.zuerich.com