إذا كنت من بين هؤلاء الذين يخططون لزيارة الهند، فإلى جانب الذهاب إلى الأماكن السياحية الرئيسة التي يكثر عليها الطلب مثل تاج محل، أو بحيرات كيرالا الساكنة شديدة الجمال، أو شواطئ غوا، فماذا عن زيارة الأودية الصغيرة وأن تكون تلك الزيارة في صحبة عصابات اللصوص المعروفة باسم «داكويت» ولكن دون أدنى خطورة على حياتك؟ إن هذا الأمر ليس خدعة أو أمرا مضحكا، فسلطات السياحة في الهند تعرض في الوقت الحالي برنامجا سياحيا بصحبة أفراد العصابات، بموجبه سيتمكن السائحون من زيارة الأودية الصغيرة التي كانت في يوم من الأيام مأوى لأفراد عصابات الداكويت المرعبة، والشيء الأكثر إثارة في هذا البرنامج هو أن أفراد العصابات أنفسهم يعملون كمرشدين سياحيين للمنطقة، حيث قامت السلطات الحكومية بتوظيف هؤلاء اللصوص وقطاع الطرق السابقين لسرد حكايات الجرائم الخاصة بهم مع السياح. ومن المؤكد أن احتساء قدح من الشاي مع أحد اللصوص العتيدين كثي الشارب أو تناول العشاء مع أحد قطاع الطرق المسلحين في عمق غابة مظلمة، سوف تكون تجربة لا يمكن نسيانها على الإطلاق. ومن بين أول الأماكن التي سوف تعرض هذه الجولة السياحية، منطقة راجاستان – وهي ولاية صحراوية في الغرب، كانت مشهورة منذ قرون عدة بقلاعها، وقصورها، وبكونها معقلا لرجال العصابات. وتعتبر اللصوصية وقطع الطرق أمرًا منتشرًا في العالم بأسره، كما أننا جميعا قد سمعنا قصصًا تتعلق بكيف كان هؤلاء اللصوص أبطالاً بالنسبة إلى الفقراء، نظرًا إلى المكانة التي كانوا يتمتعون بها والتي تأتي على غرار شخصية روبين هود. كما أن جميعنا قد حاول تخيل كيف يبدو أفراد تلك العصابات، وأين كانوا يعيشون؟ وها قد أتيحت لنا الفرصة الآن من أجل ملاقاتهم، وسماع كل قصصهم الحقيقية منهم أنفسهم. وبموجب برنامج راجاستان، سوف يقّل هؤلاء اللصوص ـ ممن استسلموا أخيرًا وتوقفوا عن ممارسة أعمالهم الإجرامية ـ السياح والزائرين تحت أعين ومراقبة المسؤولين الحكوميين. وسوف يأخذون السياح إلى الأماكن والمناطق التي كانت تقطنها تلك العصابات في الممرات الوعرة حتى يشاهد السياح والزائرون الأماكن التي كانوا يسكنون فيها، ومسارح أسوأ الجرائم التي ارتكبوها. وسوف يستمتع السياح أيضًا بالحياة الحقيقية التي كان يعيشها هؤلاء اللصوص، بالإضافة إلى سماع تجاربهم: مثل سماع القصص والحكايات المتعلقة بحياتهم، وأعمالهم الجريئة في نوعها، ومصادماتهم مع الشرطة وعمليات الهروب الخطرة التي قاموا بها. وفي البداية، سوف يتم اصطحاب السائحين إلى المناطق التي يقطنها أفراد العصابات مثل ظولبور، وباهاراتبور، وكارولي. واتضح أنه حتى أفراد العصابات أنفسهم قد بدوا متحمسين ومستعدين تماما بشأن هذه الخطوة، حيث أفاد أوتاري غورجار – وقد كان من بين أكثر أفراد العصابات خطورة ورهبة في النفس والذي استسلم وتوقف عن أعماله في عام 2007 ـ إلى إحدى الصحف أخيرًا بأنه معجب للغاية بتلك الفكرة، وقال: «إذا ما جاء السائحون إلى هنا للتواصل معنا، فسوف يكون مرحبا بهم».
ورغم أنه ما زال هناك العديد من اللصوص النشطين بالمنطقة، إلا أن العشرات منهم قد استسلموا وهجروا أنشطتهم السيئة وبدأوا في العيش حياة عادية مسالمة. وبدا أن باهنوار سينغ، وسورج وكلاهما من اللصوص يأملان من جانبهما أيضًا في أن تساعدهما تلك الخطوة على الانضمام إلى المجتمع السائد، وذلك من خلال توظيفهما وتحسين صورتهما المرعبة لدى الأفراد. ويبدو أن قطاع الرحلات والسفريات بالمنطقة شديد التحمس إلى تلك الحزمة والبرامج السياحية، إذ يرى القطاع أن فرصة تبادل القصص وتجارب أسوأ المجرمين واللصوص بالمنطقة مع السياح سيجذب الآلاف من أشد المعجبين بنوعيات قصص «روبين هود». ويقول فاتح سينغ راجاوات ـ والذي يملك فندقا أثريا من فئة 5 نجوم في دانغز: «إن مقابلة أفراد العصابات سوف تجذب بالتأكيد العديد من السياح المغامرين، كما أن فكرة التواصل مع اللصوص على ضفاف نهر تشامبل سوف تروقهم للغاية. ومع ذلك، يعتبر أمن السياح أمرًا ينبغي مواجهته».
تجدر الإشارة إلى أن الكثير من اللصوص الهنديين المشهورين في الفترات الأخيرة كانوا تابعين لفيرابين جنوب الهند، وقد قتل الأفراد المسلحون التابعون له 180 شخصًا على مدار 20 عامًا. ومع ذلك، فقد كان أهالي وأبناء القرى يحمونهم مقابل حصة من أرباح تهريب العاج وخشب الصندل. ومن بين اللصوص المعروفين، كانت فولان ديفي ـ والتي تعرف «ببانديت كوين» أو الملكة اللصة ـ وقد قتلت الكثير من الهنود بعد أن تم اغتصابها وهي طفلة، وهي شخصية تعتبر مشهورة للغاية حيث تم انتخابها عضوا في البرلمان بعد أن تم إطلاق سراحها من السجن، وتحولت قصتها بعد ذلك إلى عمل سينمائي ناجح. لذا، ففي المرة المقبلة إذا كنت ترغب في الاستمتاع بكرم ضيافة قطاع الطرق السابقين ـ والذين أُعجب بهم سكان قراهم، حيث كانوا مغامرين، وصورتهم الأفلام على أنهم ثوار أُسيء فهمهم ـ فأنت تعلم تمامًا الآن إلى أين تذهب.