عندما قررت شركة «سويس» للطيران تنظيم يوم كامل للصحافيين لتعريفهم على خفايا عالم الطيران، وما يجري وراء الكواليس في المطار والمطبخ وعلى متن الطائرة، لم يكن أصحاب الفكرة، العاملون في شركة «سويس» وشركاؤهم في «غيت غورميه»، التي تُعتبر أكبر مركز لتموين الطائرات في العالم، يعتقدون بأن الفكرة سوف تلقى الإقبال الذي شهدته، لدرجة أنه كان، في نهاية المطاف، من المستحيل تأمين إقامة أكثر من 80 صحافيًا من مختلف بقاع الأرض، من الصين واليابان إلى الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وغيرها.
السفر والأكل أصبحا من المواضيع الأهم في حياتنا اليومية، لذا نلاحظ أن شركات الطيران أصبحت أكثر إدراكًا لما يحتاجه المسافر، وتقوم المنافسة بين شركات الطيران العالمية على تقديم الأفضل، والتعاون مع أسماء لامعة في عالم الطبخ، والتعاقد مع أكبر الطهاة والمطاعم والفنادق، وبيع أهمّ الماركات العالمية على متن طائراتها، وبالتالي أصبحت شركات الطيران تركز أكثر على موضوع راحة المسافر وتأمين كل ما يحتاجه في السفر، من كرسي مريح، إلى مسافة وافرة بين المقاعد، إلى خدمات عالية المستوى في قاعات الانتظار والمطارات.
أمّا ما يخصّ طيران «سويس» فهي غنية عن التعريف، فتتميز بمهنية عالية، وتعمل على مدار الساعة لتطوير خدماتها لتكون على المستوى العالمي المطلوب، فهي تتعاون مع مركز «غيت غورميه» Gate Gourmet في زيورخ لتموين طائراتها بالوجبات الغذائية في جميع الدرجات، ويتمّ اختيار الأطباق المقدَّمة على متن الطائرة بعد عملية تشاوُر بين الشركتين والطهاة، ويتم اختيار الأطباق وفقًا للفصول، وتتبنى «سويس» فكرة تقديم مأكولات سويسرية بحتة، مع مراعاة المذاق والنكهات لتتناسب الأطباق مع مختلف أذواق المسافرين من شتى أنحاء العالم.
وتعاقدت «سويس» مؤخرًا مع فندق «ذو دولدر غراند»، الذي يصنَّف على أنه عنوان الرقي في زيورخ، وتتم حاليًا الاستعانة بطاهي الفندق الرئيسي هايكو نايدر، الألماني الأصل، وعنوان لوائح الطعام سيكون «سويس مذاق سويسرا» أو Swiss Taste of Switzerland.
وفي مقابلة أجرتها «الشرق الأوسط» قال الطاهي نايدر إن تحضير الطعام المخصص للتقديم على متن الطائرة يختلف عن ذلك الذي يقدَّم في المطعم، فعند تحضيرك الأطباق الخاصة بالطائرة يجب مراعاة عدة أشياء، من بينها المكونات، فيجب دائمًا انتقاء المكونات المناسبة للطائرة، فيجب الابتعاد عن الخبز المقرمش أو البسكويت، وذلك لأن الضغط الجوي وانخفاض الأوكسجين في الجوّ وحفظ الأطباق قبيل تقديمها في الثلاجات، كلها عوامل من شأنها أن تُفقِد الأطباق نكهتها، وتتسبب في تغيير المذاق، كما يجب تحاشي استعمال الثوم والبصل، والملفوف والبهارات التي تنبعث منها روائح قوية، كما يجب الانتباه إلى جميع المكونات والتنبه لمسألة الحساسية لدى البعض، لذا يجب توخّي الحذر في استعمال الفستق ومشتقاته، أو الغلوتين، وتخصيص أطباق خاصة للمسافرين الذين يعانون من الحساسية من بعض أنواع المأكولات.
كما أن عملية التقديم مهمة جدًا، ففي المطعم بإمكان الطاهي أن يتفنن في الطبق، ويخلق منه شكلاً هندسياً رائع التصميم، أما بالنسبة إلى الأطباق المخصصة للتقديم على الطائرة فهي مختلفة، فيجب التنبُّه لمسألة العلوّ، لذا يجب أن تكون طريقة التقديم مسطحة حتى لا تلمس المأكولات في الطبق داخل الخزائن الحديدية المتحركة التي تحفظ فيها الصحاف في مركز تموين الطائرات والتي تجدها على متن الطائرة.
«غيت غورميه» شركة عالمية تُسهِم في تموين 250 شركة طيران في 5 قارات و27 بلدًا، وتقوم بتحضير نحو 548 ألف وجبة في اليوم الواحد، ويعمل فيها نحو 20 ألف موظف، من بينهم أكثر من 30 طاهيًا عالميًا، وتخصص في مراكزها أقسامًا خاصة بالمأكولات الإثنية والمحلية، وتلك التي تحتوي على سعرات حرارية منخفضة. وتملك الشركة مراكز خاصة بها في 95 مطارًا حول العالم، وتؤمّن عملية تخزين طائرات شركة «ديلتا» في أتلانتا و«أميركان إيرلاين» و«يونايتد إيرلاين» في شيكاغو، و«بريتيش إيرويز» في لندن، و«سويس» في زيورخ، و«إير برلين» في داسلدورف. تأسست عام 1992 على يد شركة «سويس إير كايترينغ» قبل أن تتحول الشركة لاحقًا إلى «سويس»، وتصبح «غيت غورميه» بالتالي مملوكة من قِبل الولايات المتحدة الأميركية. وخلال جولة قامت بها «الشرق الأوسط» في جميع أقسام مركز «غيت غورميه» في زيورخ، التقت الطاهي اللبناني أحمد عواضة المسؤول عن تحضير المأكولات الشرق أوسطية واللبنانية، وتكلم عواضة عن مشواره على مدى 14 عامًا مع «غيت غورميه» و«سويس» وباقي شركات الطيران الأخرى، بما فيها الطائرات الخاصة المملوكة من قِبل كبار الشخصيات العربية، وتحدث عواضة عن عملية تحضير الطعام، وعرّفنا بمختلف الأقسام، فعملية تحضير الأطباق تبدأ من برنامج مسبق للوجبات يتمّ تصويره.
ويخضع الطهاة المساعدون لحصص تدريبية للتوصُّل إلى المذاق المرجوّ، ولكل رحلة جوية على أي شركة طيران لائحة طعام مختلفة، وهذا الأمر مرتبط بمسافة الرحلة والبلد الذي تتوجه إليه الطائرة، فلكل مطبخ عالمي طاهٍ متخصص يقوم بوضع قائمة الطعام، فبالنسبة إلى الخطوط الجوية السويسرية «سويس» تسعى الشركة إلى التميُّز، لذا نراها تركز على الجودة والنوعية والابتكار، وتختلف لائحة الطعام المقدمة لمسافري الدرجة الأولى عن تلك المقدمة لرُكّاب درجة رجال الأعمال أو الدرجة السياحية، ولكن نوعية المكونات واحدة في جميع الدرجات.
ويقول الطاهي هايكو نايدر إنه من المهم جدًا تحضير الأطباق في موسمها الأصلي، كما أن شركة «سويس» تسعى إلى خلق جو سويسري أصيل من خلال تقديم لائحة طعام خاصة بكل كنتون من كنتوناتها الـ26، بحسب المواسم وتوافر المكونات، فالمسافرون على متن طائرة «سويس» سوف يشعرون كأنهم يأكلون وجبة الطعام في أحد مطاعم جبال الألب الجميلة، وتم اختيار لائحة الطعام في درجة رجال الأعمال لهذا الموسم، ويضم الطبق الأول لحم بقر مشويًا من الفطر، وسلطة شتوية، وطبقًا من الأجبان السويسرية، أمّا بالنسبة إلى الطبق الرئيسي فهو عبارة عن قطعة من الاستيك والخضراوات الموسمية، أو قطعة من الدجاج المشوي مع مربى الشالوت والبروكلي والبطاطا المهروسة.
وتتبدل لوائح الطعام كل 3 أشهر، وفي بداية كل موسم يقوم ممثلون عن «سويس» بلقاء الطهاة لوضع استراتيجية جديدة للوائح طعام الموسم المقبل.
ووقع اختيار «سويس» على الطاهي الألماني هايكو نايدر (36 عامًا) بسبب مهنيته العالية ومطبخه المتميز، فقد حاز في عام 2003 لقب «اكتشاف العام»، وهو يحمل في جعبته نجمة ميشلان للتميز لقاء عمله في مطعم «The Restaurant» التابع لفندق «ذو دولدر غراند» عام 2008، ويتميز مطبخه للمأكولات المعاصرة بلمسة خاصة به تحمل توقيعه الشخصي. وبدا نايدر متحمسًا جدًا للعمل مع «سويس»، وكشف النقاب عن بعض الأطباق التي يقوم بتطويرها حاليًا لتكون جاهزة للموسم المقبل، من بينها سمك السلمون «الترويت» مع الجرجير والكرفس والإسكالوب والقرنبيط والبطاطس «موسلين» وجبن الغرويير وقهوة التين.
للمزيد من المعلومات : www.swiss.com