كردستان.. وجهة السائح المغامر

بلاد الطبيعة الخلابة.. جبالها شاهقة وشلالاتها هادرة

منتجعات خلابة تؤمن الراحة للسياح (تصوير: كامران نجم)
TT

يعتبر إقليم كردستان موطن السياحة والاصطياف في العراق، بحكم طبيعته الخلابة ومناخه الرائع واحتضانه العديد من المنتجعات السياحية ذات المناظر الساحرة، حيث الجبال الشاهقة والشلالات الهادرة والبحيرات الجميلة وغابات اللوز والحبة الخضراء والجوز والفاكهة والصفصاف، المنتشرة على سفوح الجبال والروابي والوديان.

فكل واحدة من محافظات هذا الإقليم الثلاث، السليمانية ودهوك وأربيل، تضم العديد من المصايف والمنتجعات التي يؤمها آلاف السياح من كل أنحاء البلاد، خصوصا في أثناء موسم الصيف، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية في معظم مناطق وسط وجنوب العراق، للاستمتاع بمناظر الشلالات التي تنساب من قمم الجبال الشاهقة مثل شلال «كلي علي بك» الشهير في أربيل، والهواء العذب والمياه الرقراقة.

وقد بذلت الوزارات والمديريات المعنية في حكومة الإقليم جهودا مضنية لتطوير المرافق السياحية والمنتجعات والمصايف في المحافظات الثلاث، مثل «سواره توكه وسولاف وسرسنك» في دهوك، و«شقلاوة وسري رش وراوندز» في أربيل، و«منتجع دوكان الشهير وأحمد آوا» وغيرها في السليمانية، عبر إنشاء العشرات من الفنادق الراقية والبيوت السياحية المجهزة وتوفير كل وسائل الراحة والاستجمام، في مسعى لإحياء وإنعاش النشاط السياحي في الإقليم، لما له من دور فاعل في تدعيم ركائز الاقتصاد في الإقليم.

ومع حلول فصل الشتاء الذي يتسم ببرودة قارسة في كردستان، والذي تنخفض فيه الحرارة إلى عشر درجات تحت الصفر أحيانا، فإن تلك المنتجعات والمصايف تفقد نشاطها السياحي، وتكاد تخلو تماما من السياح، نتيجة لتساقط ثلوج كثيفة طوال أيام الموسم في المناطق الجبلية، التي تحتضن غالبية المنتجعات، وانقطاع طرق المواصلات لأيام عديدة.

وينتقل النشاط السياحي إلى مدن الإقليم الرئيسية: السليمانية وأربيل ودهوك، التي تتسم هي الأخرى بمناظر رائعة ومناخ لطيف، ونتيجة لذلك صارت المنافسة بين هذه المدن على أشدها في مجال استحداث المتنزهات والحدائق وفنادق النجوم الخمس، التي تتراوح أسعار الإقامة فيها بين 100 و250 دولارا للشخص الواحد، وهي أسعار تعتبر متواضعة قياسا بالمنتجعات السياحية المماثلة في دول المنطقة، في حين لا تزيد أسعار أفضل الوجبات الغنية بمختلف أصناف اللحوم عن 20 دولارا في مطاعم هذه المنتجعات، وبات السباق محموما بينها لاستقطاب السياح والزبائن، وغالبيتهم العظمى من العراقيين، واحتضان الكثير من المؤتمرات والندوات السياسية والاقتصادية والعلمية التي تجرى غالبا في مدن كردستان، نظرا إلى الأمن المستتب فيها.

من هنا فقد أقيم في مدن الإقليم خلال السنوات القليلة المنصرمة، العديد من المتنزهات السياحية الكبيرة مثل متنزهي «آزادي» و«سرجنار» الشهيرين في السليمانية، ومتنزه «شاندر» و«سامي عبد الرحمن» في أربيل وغيرها في دهوك، والتي تضم مدنا كبيرة للألعاب الترفيهية المصممة وفق أحدث الأساليب، وحدائق كبيرة للحيوان، غدت مراكز مهمة تجتذب مئات الآلاف من السياح من مدن الوسط والجنوب في المناسبات السعيدة.

وقد أبدع المهندسون الكرد في رسم وتصميم شواخص عمرانية وحضرية في تلك المتنزهات، لاجتذاب الزوار أو إثارة فضولهم، ففي متنزه «شاندر» الذي تزيد مساحته عن 25 دونما وسط أربيل، ابتكر المصممون طرازا عمرانيا مشابها إلى حد التطابق للطراز الذي اتبعه الفراعنة في بناء الأهرامات بمصر قبل عشرات القرون، حيث شيدوا كهفا مدورا على أرض مساحتها نحو 500 متر مربع باستخدام صخور كبيرة رص بعضها فوق بعض بأسلوب هندسي دقيق، على غرار أسلوب الفراعنة في بناء الأهرامات، ربما ليثبتوا للعالم أن الأكراد ليسوا أقل قوة من الفراعنة، وسط بحيرة اصطناعية، تحتضن العديد من تماثيل صخرية لحيوانات برية وجبلية مثل الغزلان والماعز الجبلي وغيرهما. وتقام في ذلك الكهف المثير مناسبات عديدة، مثل حفلات الأعراس والمعارض الفنية والفعاليات الاجتماعية الأخرى.

حمزة علي أبو مصطفى (52 عاما، رجل أعمال، من بغداد) كان بصحبة أفراد أسرته وأحفاده في متنزه شاندر بابيل، قال: «كلما أردنا أن نتخلص من أجواء البيت أو بلغنا الملل، قصدنا إحدى مدن كردستان ومناطقها السياحية، لتغيير الأجواء وتبديد الملل واستعادة النشاط، وقد زرنا حتى الآن معظم المصايف والمنتجعات في الإقليم، ولنا فيها ذكريات جميلة». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المنتجعات في كردستان ما برحت تفتقر إلى الكثير من الخدمات والتطوير، ولكنها تشهد تقدما مستمرا، إذ صارت أفضل من السابق بكثير، ونأمل أن تزدهر كثيرا وبسرعة، لأنها تغنينا عن السفر إلى الخارج للاستجمام».