انخفاض قيمة الجنيه ينعش السياحة في بريطانيا

العملة الضعيفة تجذب السياح إلى موطنها

TT

تشير الأرقام الأخيرة لمنظمة السياحة العالمية إلى أن بريطانيا في المرتبة السادسة من ناحية عدد السياح أو الزوار الواصلين إلى العاصمة لندن وبقية المناطق (باستثناء الذين يقضون ليلة واحدة)، ويشكل قطاع السياحة البريطانية ما نسبته 3,4 في المائة من القطاع السياحي العالمي. وقد كانت هذه النسبة في عام 2006 قد وصلت إلى 3,6 في المائة. كما أن هناك تغييرا على لائحة أهم الدول السياحة العشر حول العالم، بدخول تركيا وأوكرانيا إلى الصورة، على حساب النمسا وروسيا، وهبطت المكسيك - وهذا حسب الاحصاءات الأخيرة بعام 2007 - إلى المرتبة العاشرة. وجاء فوق بريطانيا على اللائحة كل من الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والصين.

كما حصلت بريطانيا أيضا على المرتبة السادسة بين الصين وألمانيا من ناحية الإيرادات السياحية، إذ وصلت نسبة العائدات هذه إلى 4,4 في المائة من مجمل العائدات أو الإيرادات العالمية. وقد وصلت هذه النسبة إلى نحو خمسة في المائة العام السابق (2006). ولمع نجم تركيا والنمسا على الصعيد الدولي هذا بسبب تراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الدولية.

وفي هذا الإطار، ورغم توقعات كثيرة، وخصوصا من هيئة السياحة الوطنية (National Tourism Agency)، بأن يتراجع القطاع السياحي خلال العامين 2008 - 2009 بشكل ملحوظ، وخصوصا بسبب تأثيرات أزمة الائتمان الدولية، فإن القطاع السياحي سيستفيد من التطوات السلبية الأخيرة على أسعار صرف الجنيه الإستراليني، إذ تراجعت قيمة الجنيه بنسبة 28 في المائة وأصبحت بقيمة اليورو. ووصلت قيمة الجنيه العام الماضي إلى نحو دولارين، ولا تتعدى القيمة حاليا أكثر من 1,4 دولار. وعلى الأرجح سيحول هذا الواقع الكثير من السياح من المواقع التقليدية الغالية الثمن كإيطاليا وفرنسا، إلى بريطانيا، للقيمة الشرائية الكبيرة لليورو، الذي يعتبر عملة الكثير من دول الزوار إلى الجزيرة البريطانية.

يشكل القطاع السياحي أيضا ما نسبته 2,7 من قيمة الإيرادات العامة على الصعيد الوطني أو المنتوج الوطني، إذا صح التعبير، وقد وصلت قيمته خلال عام 2007 ما يقارب 87 مليار جنيه (نحو 120 مليار دولار). وتقدر قيمة العائدات من السياح الأجانب وحدهم بنحو 18 مليار جنيه، وقيمة بطاقات السفر نحو 2,7 مليار جنيه. أما قيمة ما يصرفه السياح في الداخل فتصل إلى نحو 21,2 مليار جنيه، وتصل قيمة الإيرادات من السياحة اليومية 45,4 مليار دولار، وهلم جرا. عام 2007 وصل إلى بريطانيا ما يقارب 32,8 مليون سائح أجنبي، وقد صرف هؤلاء ما يقارب 16 مليار جنيه، لكن كان الصرف نقدا أقل من غيره السنوات السابقة. ومع هذا كان عدد السياح أعلى من عام 2006 بنسبة 0,2 في المائة، وكانت نسبة المصروفات أقل بـ0,3 في المائة. وسجلت الإحصاءات نحو 53,7 مليون عطلة داخلية لليلة واحدة، وأكثر بقيمة 11,5 مليار جنيه، كما سجل نحو 20 مليون عطلة عملية لرجال الأعمال وصلت قيمتها 4,5 مليار جنيه. أضف إلى ذلك أن سجل ما لا يقل 47,8 مليون زيارة عائلية بقيمة 5 مليارات جنيه تقريبا.

ويصل عدد العاملين في القطاع السياحي - حسب الإحصاءات الأخيرة لنهاية عام 2007 - إلى مليونَي موظف مباشر وغير مباشر، أي 5 في المائة من عدد العاملين في البلاد. ويصل عدد العملاء الذين يعملون بشكل مستقل إلى نحو 135 ألف عميل.

وحسب التقرير الأخير لهيئة السياحة الوطنية، فإن القطاع السياحي - كما سبق وذكرنا - نما تقريبا بنسبة 3 في المائة عام 2007، في بعض المواقع داخل العاصمة لندن، وبقية المناطق احتلت رأس لائحة المواقع الأكثر جذبا للسياح. ومن هذه المناطق والمواقع برج لندن (The Tower of London) وكاتدرائية القديس بول (St Paul’s Cathedral). يأتي بعد ذلك ما يعرف بـ«بليجر بيتش» (Pleasure Beach) ومدينة ميلتون كينز الحديثة، والمتحف البرطاني (British Museum) وغيرها. وتؤكد الهيئة أن عدد زوار مواقع العاصمة المختلفة ارتفع بنسبة 5 في المائة، وعلى رأس المواقع كان المتحف البريطاني الذي استقطب ما لا يقل عن 5,4 مليون سائح وحده، أي بارتفاع نسبته 11 في المائة عن عام 2006. وبذلك يكون المتحف البريطاني ثالث أهم موقع سياحي مجاني الدخول في البلاد. إذ أن برج لندن لا يزال على رأس لائحة أهم المواقع السياحية المكلفة (غير مجانية الدخول) في بريطانيا ولندن معا، ووصل عدد زواره إلى نحو مليونَي سائح. ويعتبر متحف «ووليس كولاكشن» The Wallace Collection (متحف عائلي قديم مؤلف من نحو 26 صالة لعرض اللوحات الفنية النادرة وأجمل قطع الأثاث والبورسلان وغيره من عالم الفن القديم والحديث)، من المواقع التي نمت بشكل كبير، إذ ارتفع عدد زواره بنحو 30 في المائة، يأتي بعد ذلك حديقة الحيوان في لندن بنسبة 25 في المائة.

وفي المناطق الجنوبية الشرقية المحيطة بالعاصمة كان موقع أو مركز (Xscape Milton Keynes) على رأس لائحة المواقع المجانية الدخول الجاذبة للسياح في إنجلترا بشكل عام، إذ استقطب ما لا يقل عن 6.7 مليون زائر. والمركز عبارة عن تجمع للجميع النشاطات الرياضية والترفيهية والحانات والمطاعم والتزلج الداخلي على الجليد، وشتى أنواع محلات التسوق والمعرض وغيره. وبشكل عام نما القطاع السياحي في جنوب شرق إنجلترا بنسبة 4 في المائة.

أما أكثر المواقع المكلفة استقطابا للسياح في المنطقة فهو كاتدرائية كانتربري (Canterbury Cathedral ) المعروفة، حيث وصل عدد زوارها إلى مليون زائر. أما أكثر المواقع نموا في عدد الزوار فكان موقع «عالم مرسيدس بنز» (Mercedes-Benz World)، إذ ارتفع عدد زواره بنسبة 418 في المائة. ويعتبر عالم المرسيدس هذا من أهم المواقع السياحية الحديثة التي تجمع بين المتاحف التقنية الحديثة لعالم السيارات وتاريخها، وعالم الضيافة والسياحة والمطاعم وقاعات الموسيقى، أضف إلى ذلك وجود المساحات الطبيعية الشاسع للتمتع بقيادة إحدى سيارات أشهر شركات السيارات في العالم.

كما ارتفع عدد زوار موقع «واديسدون مانر» (Waddesdon Manor ) بنسبة 22 في المائة، وهذا الموقع هو أحد قصور عائلة روتشيلد اليهودية الألمانية الشهيرة، التي أصبحت من أغنى العائلات في العالم منذ القرن التاسع عشر. ويضم القصر الرائع والضخم الذي صممه أحد أهم المعماريين الفرنسيين في تلك الفترة، مجموعة هائلة من التحف الفنية واللوحات والحدائق النادرة.

أما في المناطق الجنوبية الغربية في إنجلترا والتي نمت بنسبة 1 في المائة فقد استقطب موقع «أشتون كورت» (The Ashton Court Estate) المجاني وحده 1.7 مليون زائر، أي بزيادة نسبتها 6 في المائة عن العام السابق. ويعتبر هذا الموقع عبارة عن إحدى أجمل الحدائق والمحميات الطبيعية القريبة من مدينة بريستول. وتضم المحمية مجموعة رائعة من الغابات القديمة والمروج والتلال، إلى ما هناك من عوالم طبيعية وحيوانية في منطقة سمرست.

أما أكثر المواقع المكلفة استقطابا للسياح في المنطقة فهو حدائق «إيدن بروجاكت» (The Eden Project ) الذي استقطب نحو 1.1 مليون سائح. والموقع الذي افتتح قبل سنوات عبارة عن حدائق زجاجية ضخمة لإعادة إحياء العوالم الطبيعية والبيئية المختلفة من البحر المتوسط إلى المناطق الاستوائية وعالمها النباتي. كما ارتفع عدد زوار حديقة حيوان (Paignton Zoo ) بنسبة 10 في المائة، وبعدها مواقع «باث آبي» (Bath Abbey ) و«وستسامرست ريل واي» (West Somerset Railway)، بارتفاع نسبته 9 في المائة.

وفي مناطق شرق إنجلترا ارتفع عدد السياح بنسبة 9 في المائة عام 2007، وهي أعلى نسبة منذ سنوات. وكانت حدائق «ريفر لي كانتري» (River Lea Country Park)، أهم المناطق أو المواقع المجانية وأكثرها استقطابا للسياحة، إذ وصل عدد زوارها إلى نحو 4.5 مليون، أي بزيادة نسبتها نحو 30 في المائة عن العام السابق.

أما أكثر المواقع المكلفة استقطابا للسياح فهو حدائق ووبورن (Woburn Safari Park ) التي تضم الكثير من أنواع الحيوانات، حيث استقطبت نحو نصف مليون سائح. وبعيدا عن الجنوب وباتجاه الشمال تشير الأرقام الأخيرة إلى أن المناطق الشمالية الشرقية التي تضم نيوكاسل ونورث أمبريا بشكل عام، قد شهدت نموا في القطاع السياحي بنسبة 3 في المائة.

وسجل عدد من المواقع السياحية الهامة مثل «غريغ سايد هاوس» (Cragside House ) وشلالات هاي فورس (High Force Waterfall ) وبعض الحدائق والمحميات الطبيعية، نموا بنسب تتراوح بين 30 و80 في المائة. وبقيت قاعة «بيشوب أوكلاند تاون هول» (Bishop Aukland Town Hall) أهم المواقع المجانية استقطابا للزوار، إذ استقطبت نحو ربع مليون زائر. إلا أن حدائق بلدة آناك (Alnwick Garden) فقدت أهم المواقع المكلفة التي استقطبت السياح، إذ سجلت نحو 600 ألف زيارة خلال العام نفسه (2007). وفي المناطق الشمالية الغربية، نما القطاع السياحي بنسبة لا تقل عن 4 في المائة. وجاء على رأس المواقع السياحية المجانية كل من متحف التات (Tate Liverpool ) في مدينة ليفربول الذي ارتفع عدد زواره بنسبة 26 في المائة، وحديقة كونغليتون (Congleton Park) التي ارتفع عدد زوارها بنسبة 16 في المائة لنفس الفترة.

واستقطب «بليجر بيتش» في بلاك بول أكثر من 5,5 مليون سائح، لأنه من المواقع المجانية، وبقي أهم المواقع السياحية في البلاد والمنطقة. أما أكثر المواقع المكلفة استقطابا للسياح فقد كانت بحيرة ويندارمير والرحلات المائية التي تركز عليها، إذ استقطبت ما لا يقل عن 1,5 مليون سائح حسب الأرقام الأخيرة لهيئة السياحة الوطنية. وتعتبر الرحلات المائية في كبرى البحيرات الإنكليزية من أهم وأكبر المواقع السياحية في منطقة كامبريا. والبحيرة الجميلة والضخمة جزء لا يتجزأ من منطقة البحيرات المعروفة ببحيراتها القديمة وجبالها الشاهقة ذات الطبيع الخلابة. وهناك قارب لنقل السياح كل 45 دقيقة تقريبا. ويتمتع هذا الموقع بخدمات عدة قادرة على استيعاب الحفلات الخاصة والأعراس وأطفال المدارس وغيرهم من مجموعات السياح الأجانب، وما إلى ذلك من احتياجات السياح من خدمات فندقية وغذائية وأماكن للترفيه.