رأس سدر المصرية.. عنقود فيروز على صفحة البحر الأحمر

تريَّض وتشمَّس ورطب جسدك بمياه كبريتية

شواطئ رملية ساحرة («الشرق الأوسط»)
TT

هنا.. يمكن أن تتشمَّس، وتتريَّض، وترطب جسدك بمياه فيروزية صافية، وتغسله من غبار التعب والكسل بحمام دافئ في العيون الكبريتية التي تشفي العديد من الأمراض ويقصدها آلاف الزوار كل عام بهدف السياحة العلاجية.. وما بين رقة المياه الفيروزية الهادئة التي تجذب عشاق الرياضات المائية من المصريين والأجانب، إضافة إلى زيارة حزمة من المعالم الأثرية التي تجذب عشاق السياحة الثقافية.. ما بين كل هذا، حتما ستدرك أنك حقا في مدينة رأس سدر، أول مدينة يستقبلها زائر محافظة جنوب سيناء القادم من القاهرة. عرفت رأس سدر منذ عهد المصريين القدماء، مرورا بالإغريق والرومان، إلا أنها لم تنضم إلى الخريطة السياحية المصرية إلا منذ سنوات قليلة، فبدأ الاهتمام بها وتنميتها لاستغلال عناصر الجذب السياحي بها سواء السياحة العلاجية أو الرياضية.

تتميز المدينة، التي تتبع إداريا محافظة جنوب سيناء، بإطلالة فريدة على خليج السويس بساحل البحر الأحمر، كما تبعد بنحو 200 كيلومتر عن القاهرة وتبلغ مساحتها حوالي 6750 كيلومترا مربعا، وتتمتع بوجود عيون للمياه الكبريتية التي تتراوح درجة حرارتها بين 75- 200 درجة مئوية وتستخدم في الاستشفاء من العديد من أمراض العظام والأمراض الجلدية، منها ما اكتشف قبل نحو 5000 عام تقريبا مثل عيون موسى وعين وادي تراقي. كما أن مياهها الفيروزية الهادئة ورمالها البيضاء يمكن استخدامها في العديد من الرياضات المائية التي تجذب السياح الأجانب العاشقين للغطس والتزحلق على الماء والشراع، خاصة في ظل اعتدال درجة الحرارة بها على مدار العام.

ويمكن الوصول إلى رأس سدر برا وبحرا وجوا، فالسيارة تقطع المسافة من القاهرة في نحو الساعتين عبر نفق الشهيد أحمد حمدي الذي يمر أسفل قناة السويس، وبحرا عن طريق موانئ السويس والأدبية والعريش والطور وجوا عن طريق مطار رأس سدر، بالإضافة إلى مطارات القاهرة وشرم الشيخ والعريش.

ويمتد الشاطئ الرملي لرأس سدر بطول 95 كيلومترا وتجذب المنطقة هواة مراقبة الطيور، لاسيما طيور السمان، وكذلك الماعز الجبلية المنتشرة في جبال سربال أو جبل فرعون.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، دخلت المدينة بقوة على الخريطة السياحية في مصر، فانتشرت بها القرى السياحية والفنادق التي تلقى رواجا متزايدا من السياح المصريين نتيجة قربها من القاهرة ومن الأجانب العاشقين للمناظر الطبيعية الخلابة بها، حيث تعتبر المدينة مقصدا سياحيا متميزا للسياحة البيئية (الأكوتوريزم) وفيه يمكن ممارسة رياضات الشراع والسباحة والغوص ومغامرات السفاري أو المنتجعات الصحية والتعرف على المزارات التاريخية والثقافية.

وكما سيجد عشاق الرياضات المائية والمياه الفيروزية ضالتهم في رأس سدر، سيجدها أيضا هواة السفاري ورحلات الصيد، إذ أن المنطقة بها مجموعة من الوديان مثل وادي الغرندل ووادي طيبة ووادي تراقي، وهي غنية بالنباتات والأشجار الفريدة والطيور لاسيما طيور السمان المهاجرة.

وتوجد في رأس سدر ثلاثة تجمعات للبدو هي عيون موسى ووادي غرندل وأبو صويرة، وهناك يمكن التعرف على العادات القبلية المتوارثة والفنون البدوية مثل الأعمال والمشغولات اليدوية القيمة المطعمة بالفيروز السيناوي الشهير والملابس المطرزة والفنون الموسيقية البدوية.

وساهم قرب المدينة من القاهرة في كونها مقصدا لرحلات اليوم الواحد، خاصة رحلات المدارس والجامعات، وهو ما حقق رواجا للقرى السياحية بالمدينة طوال العام، وساهم هذا الأمر بشكل أو بآخر في التنمية السياحية بالمدينة وزيادة الاهتمام بالخدمات بها.

وتتميز رأس سدر بعدد من المعالم السياحية منها:

نقوش المغارة: وتعد من أقدم مناطق السياحة الثقافية في سيناء، وهي نقوش تظهر اهتمام المصريين القدماء بالتعدين، وإرسال البعثات إلى تلك المناطق في وادي سدر شرق خليج السويس، إلا أن نقوش المغارة تحطم معظمها. ويطلق اسم المغارة على جزء محدود من وادي قنيت حيث يوجد الجبل الذي توجد فيه عروق الفيروز التي استخرجها المصريون القدماء. ومازالت توجد في هذه المنطقة بقايا أكواخ العمال القدماء فوق أحد المرتفعات، وتم نقل أغلب تلك النقوش إلى المتحف المصري بالقاهرة، وتحطمت أجزاء منها خلال محاولات البحث عن الفيروز في بداية القرن الحالي.

قلعة الجندي: تقع على تل رأس الجندي الذي يصل ارتفاعه إلى 2150 قدما فوق سطح البحر، ويرتفع نحو 500 قدم فوق السهل المنبسط المتسع حوله من كل الجهات.

ويتمتع التل بشكل فريد يمنحه هيئة طبيعية ظاهرة بالعين المجردة من على بعد عدة كيلومترات، ويعود بناء تلك القلعة إلى صلاح الدين الأيوبي وشقيقه الملك العادل، وبدأ البناء فيها عام 1183م وانتهى عام 1187م.

ومبني القلعة مستطيل الشكل يتجه في اتجاهين شمال شرق وجنوب غرب وطرفها الجنوبي ينتهي بشكل نصف مسدس الأضلاع، ويتراوح ضلع القلعة ما بين 150 و 200 متر طولا وأوسع عرض لها يبلغ مائة متر.

ويبلغ سمك سور القلعة الخارجي مترين، أما أركانها فقد قويت بدعامات قوية.. وقد ضمت القلعة في داخلها غرفا صغيرة لرجال الحامية وشيدت في فنائها عدة مبان لأغراض مختلفة، منها ردهة مسطحة عمقها خمسة أمتار تحت مستوى الأرض، كانت تستخدم مخزنا للمؤن، وكذلك مسجد من دون سقف جداره الشرقي به قبلة عليها كتابة منقوشة للبسملة، وكذلك صهريج مياه منحوت في قلب التل يحتوي على خزان أبعاده 6 - 10 - 5.5 متر، ما زالت جدرانه جيدة وله فتحتان لإدخال وسحب المياه. مركز رأس ملعب: وهي منطقة وسط الصحراء القاحلة يذهب إليها زوار رأس سدر للاستحمام في عين رأس سدر بها وسط الطبيعة البكر، والتي تبلغ درجة حرارة مياهها الكبريتية 200 درجة مئوية، وتندفع من باطن الأرض في حالة فوران، ويتصاعد منها بخار المياه المحمل برائحة الكبريت الذي لا تستطيع تحمله عن قرب.

وتسير المياه بعد خروجها في قناة حفرتها لنفسها طولها 100 متر، حتى تستقر في منخفض عمقه نحو مترين، ومساحته لا تقل عن 100 متر ويمثل حمام سباحة طبيعيا درجة حرارته تتدرج من الساخن إلى الدافئ.

حمام فرعون: وهو حمام مياه كبريتية تخرج مياهه من الجبل ويقال إنه المكان الذي غرق أمامه فرعون موسى. عيون موسى: تقع على بعد 60 كيلومترا جنوب نفق الشهيد أحمد حمدي، ومعروف عنها فوائدها الصحية العديدة حيث تعالج أمراض العظام والروماتيزم والأمراض الجلدية مثل الصدفية وغيرها.

في ظلال كل هذه المعالم تتمتع رأس سدر بليل خاص، يزداد سحرا مع اكتمال قرص القمر في فضاء الصحراء الرحب، فتحس كأنه يسقط في حجرك، أو يقتفي أثرا لعاشقة مرت من هنا.