فندق «أوروبا» في سراييفو.. قلب يتسع لسياح جميع القارات

قبلة النخبة من السياسيين والأثرياء

ديكورات عصرية وموقع في قلب المدينة («الشرق الأوسط»)
TT

قبل أكثر من 126 عاما (1882) لم يكن أحد يتخيل أن يصبح فندق «أوروبا» أو «أوفروبا» باللغة المحلية، من فئة 5 نجوم، أحد أبرز رموز العاصمة سراييفو، إذ إنه من أقدم الفنادق في البلقان. وأن يكون قبلة الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم كبار الشخصيات السياسية والفنية والمستثمرين. من بينهم كبار الزوار العرب من السياسيين ورجال الأعمال، والرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ووزير خارجية السويد كارل بيلت، ووزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة مادلين أولبرايت. وبعض نجوم هوليوود.. وغيرهم.

ويعتبر فندق «أوروبا» مأوى أفئدة النخبة السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية، وكل من يريد أن يغير نمط حياته ولو لساعات يقتنصها من عمره، يقضيها بين مرافقه الرياضية والصحية والترفيهية الأخرى، لا سيما في المناسبات والعطل. وكان الفندق قد شهد في 26 مايو (أيار) 1886 اجتماع الكثير من قادة الدول الأوروبية، مسجلين بذلك جزءا من تاريخ الفندق، والذي لا يزال يستقبل الوفود والاجتماعات الدولية، كما لا يزال ينتظر الزوار لتوقيع الجزء الخاص بهم في تاريخ «فندق أوروبا». أو كما قال مديره بايروفيتش «فقد جاء الوقت الذي يمكن فيه استبدال الجندي بالسائح، والبندقية والدبابة والطائرة الحربية بكاميرا التصوير، وروح التعاون والبناء ووسائل النقل العامة والخاصة كالسيارة والحافلة والطائرة المدنية». وفندق «أوروبا» يفتح أبوابه لكل الزوار من كل العالم، ليقولوا كلمتهم ويشهروا بصمتهم.

وقال مدير الفندق راسم بايروفيتش (55 سنة) لـ«الشرق الأوسط»: «فندق (أوروبا) يدعو السياح العرب إلى ضيافته، فهو يضم 160 جناحا مزودا بكل احتياجات الغرف الراقية، ولدينا 4 صالات كبيرة خاصة بالاجتماعات المختلفة التي يحتاجها السياسيون ورجال الأعمال والفنانون والرياضيون وغيرهم». وتابع «لدينا مقهى الفندق من الطراز النمساوي العتيق، ومطعم يقدم المأكولات المحلية والعالمية بكل أصنافها، إلى جانب جميع أنواع الحلويات. ويوجد في الفندق أيضا حوض كبير للسباحة بمواصفات عالمية، ومكان راق للساونا، وصالة للتدليك، وموقف كبير للسيارات تابع للفندق يتسع لـ180 سيارة». ويطلق على مقهى فندق «أوروبا» اسم مقهى النمسا، بينما يطلق على محل المرطبات اسم «مرطبات موزارت».

ويمكن من خلال غرف ونوافذ فندق «أوروبا» رؤية الكثير من معالم مدينة سراييفو، مثل المساجد والكنائس والأديرة وغيرها. ومن بين المعالم السياحية الأخرى التي تستهوي السياح من مختلف أنحاء العالم، والتي يطل عليها فندق «أوروبا» جامع خسرف بك الذي تم تشييده في عام 1537، وهو المعلم الإسلامي الأكثر شهرة في البوسنة ومنطقة البلقان. ويبلغ طوله 13 مترا وكذلك عرضه، ويبلغ ارتفاعه 26 مترا. ويعد محرابه من المحاريب الفريدة في العالم، وكذلك الفن الهندسي الذي يعكس مدى تطور العمران في القرن السادس عشر. وجامع مصلح الدين تشكركشيا، الذي بني في عام 1526 في باش تشارشيا (سراييفو العتيقة) وكان أول جامع بني في سراييفو، عام 1517 ـ 1518 في إسكندريا، بناه مصطفى إسكندر باشيتش. وكانت هذه المساجد تتبعها أوقاف تتمثل في حمامات الساونا، والدكاين، وبعضها عاد لسالف عهده كأوقاف. كما يقع فندق «أوروبا» بالقرب من جامع الفرهادية، الذي بناه فرحات بك فوكوفيتش داسيساليتش، وذلك عام 1562، وهو على الرغم من صغره يعد تحفة معمارية رائعة يتوقف عندها زوار سراييفو. وجامع علي باشا الذي بناه علي باشا خادم عام 1560 ـ 1561. وهو من المساجد الكلاسيكية التي تحاكي مساجد اسطنبول العتيقة. وقد تعرضت الكثير من المساجد بما فيها المذكورة إلى الحرق والهدم، سواء عند محاولات النمساويين الاستيلاء على البوسنة، أو بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، كما تعرضت للقصف أثناء الحرب الأخيرة 1992 ـ 1995.

كما تقع بالقرب من فندق «أوروبا» الكاتدرائية الكاثوليكية، التي بناها المحتلون النمساويون سنة 1889. وهي تشبه كاتدرائية نوتردام. وكنيسة تشيريلو أي موتوديا، بنيت في الفترة بين 1892 ـ 1895. والكنيس اليهودي الذي يعد من أقدم المعابد اليهودية في البوسنة، وبني في سنة 1580، بعد طرد اليهود من إسبانيا واستقبالهم من قبل المسلمين في البلقان إبان الحكم العثماني للمنطقة. وقد أحرق الكنيس مرتين في التاريخ، الأولى 1697 عندما هاجم النمساويون سراييفو، وفي سنة 1778 من الجهة نفسها. وساعد المسلمون في إعادة بنائها سنة 1821.

وانطلاقا من فندق «أوروبا» يمكن للسائح أن يزور متاحف سراييفو، ويطلع على تاريخ البلاد الذي يعود لأكثر من ألف عام، بمراحله الإليرية والرومانية، وما بعد نزوح الصقالبة الجنوبيين إلى المنطقة. ثم وصول العثمانيين إلى المنطقة في القرنين الرابع والخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر. ومرحلة الاحتلال النمساوي 1878 ـ 1919. وما تلا ذلك من أحداث حتى استقلال البوسنة عام 1992 ثم الحرب التي استمرت حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 1995.

وهناك الكثير مما يمكن للمقيم في الفندق، الذي يفضله الزائرون من مختلف أنحاء العالم بمن فيهم الكثير من العرب، أن يلمسه من تميز، سواء داخل الفندق وخدماته الراقية على مستوى الإقامة والأكل والتمتع بأوقات ممتعة في مرافقه المتعددة، أو بالقرب منه لمن لا يريد أن يسرف وقتا طويلا في طلب حاجياته لضيق المساحة الزمنية المتاحة له، أو لأسباب صحية، أو غير ذلك. أما الذين لديهم الوقت الكافي فبإمكانهم التوجه إلى مرابض التزحلق في غابة فلاشيتش بترافنيك، حيث هناك 5 مصاعد تحمل المتزلجين لمسافة 15 كيلومترا ليعودوا على لوحات التزلج إلى المنطلق، وهناك يمكن التزلج ليلا أيضا، أو الاكتفاء بالهضاب القريبة من سراييفو في بيالاشنيتسا وجوهارينا وإغمن التي احتضنت الألعاب الأولمبية سنة 1984، والتي تقع على ارتفاع 1943 مترا من سطح البحر، أو قضاء أحلى الأوقات في منتجع فريلو بوسنة أو الغابات القريبة منه في الربيع والصيف. وفي كل الأماكن توجد جميع الخدمات التي يرغب فيها السياح سواء فيما يتعلق بالإقامة أو نوعية الأكل التي يمكن تقديمها في الغرف، وغيرها من الخدمات الفندقية.

ويوفر الفندق وسائل نقل للزائرين والسياح تنقلهم إلى أي مكان يريدون. وإلى جانب ذلك وقع الفندق عدة اتفاقيات مع وكالات الأسفار المختلفة لخدمة الزبائن، ومن ذلك وكالة أسفار «فيا تورس». وقال مدير الوكالة عزت تشيكيتش (55 سنة) لـ«الشرق الأوسط»: «نقدم مع كل وسيلة نقل دليلا سياحيا يمكن أن يساعد السياح والزوار في التعرف على تاريخ ومعالم البوسنة سواء في سراييفو أو موستار أو توزلا أو ترافنيك أو بيهاتش وغيرها». وعن المعالم التي يمكن للسياح زيارتها قال «بونا، حيث النبع الشهير والسمك الطازج والطقس الذي يشبه أجواء البحر الأبيض المتوسط أو الكاريبي. وفي ترافنيك آثار تاريخية مهمة وفي كرايينا الطبيعة الخلابة، وسباق الزوارق في أنهارها الفضية، وفي توزلا بحيرتها الشهيرة، وفي سكاكافاتس وياييتسا شلالات المياه البديعة، وفي فيسوكو الأهرامات المفترضة والحليب الطازج والجلود، وفي موستار الجسر القديم والأحياء العتيقة التي تعود للعصر الوسيط. وأعرب تشيكيتش عن استعداد وكالته للتعاون مع الوكالات العربية وغيرها في هذا المجال «يمكننا استقبال الأفراد والمجموعات ونقلهم إلى حيث يريدون ويمكن لهم إرسال طلباتهم على موقعنا الإلكتروني التالي «www.viatours.ba.

ويمكن لعشاق الصور أن يلتقطوا لوحات رائعة سواء في سراييفو العتيقة أو شارع الفرهادية أو مركب سكندريا، حيث يقع فندق «أوروبا» وسط التجمعين اللذين يمثلان مرحلتين مختلفتين في تاريخ البلاد تركتا بصماتهما واضحتين على تاريخ وراهن البلاد.