36 ساعة في زغرب عروس كرواتيا الجميلة

فيها لا تنطق باسم البلقان

TT

تعد العاصمة الكرواتية في خضم أزمة هوية. جغرافيا، تشكل كرواتيا جزءا لا يتجزأ من شبه جزيرة البلقان، لكن ليس عليك سوى ذكر كلمة «بلقان» أمام أحد أبناء زغرب الأنيقين، وستتعرض حينها لحملة التوبيخ القاسي. ورغم أن المناخ العام السائد في زغرب يعد أشبه بالفعل إلى مدينة مثل فيينا، عنه إلى البلقان، فإنه قد يتسم في الوقت ذاته ببعض الفوضى المحببة إلى النفس. وتعج زغرب بالمزارعين والسلاف الصاخبين الذين يكثرون بعد منتصف الليل ـ ويجتمع الحشدان خلف القمم الهائلة لكاتدرائية المدينة. وتبدو الكاتدرائية أشبه بشقراء جميلة أنيقة في زيارة إلى بائع سمك يرتدي ملابس ملطخة بالدماء. وتأمل المدينة في أن يسهم بناء «متحف الفن المعاصر» الجديد ـ المقرر افتتاحه بحلول نهاية العام ـ في إكسابها مكانة أفضل بين المدن الأخرى.

* الجمعة: 3 مساء (1) درس التاريخ: يمكنك التعرف على الطابع العام المميز لجذور زغرب في القرن الحادي عشر من داخل شوارع مرصوفة بالحصى تقع بمنطقة تعرف باسم «المدينة الأعلى»، حيث تبدأ المدينة كمنطقتين مميزتين: كابتول، بسكانها الذين يغلب عليهم الطابع الديني، وغراديك، حيث يقطن الحرفيون والتجار. يذكر أن المنطقتين توحدتا عام 1850 بعد قرون من العداء. ومع ذلك، لا تزال كل منهما تتميز بطابع مختلف يرتبط بجذورها. ولا تزال كابتول تشكل الوجه المميز للمدينة لما تضمه من «كاتدرائية رفع مريم العذراء المباركة إلى السماء» (تعرف بكاتدرائية زغرب)، ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن الثالث عشر. إلا أنها مرت بالكثير من عمليات إعادة البناء على امتداد القرون التالية. خلف أبراج الكنيسة البالغ ارتفاعها 344 قدما، تعمل جدران رخامية ثقيلة بمثابة ملاذ لحماية كنوز يعود تاريخها إلى 800 عام ماضية ومقبرة كاردينال الكروات في القرن العشرين المثير للجدل، ألويسيس ستيبيناك. في غراديك، على بعد 10 دقائق سيرا على الأقدام غرب الكاتدرائية، يقع «متحف مدينة زغرب»، ويشكل نافذة لزائري المدينة على التاريخ السياسي والمعماري والفني لها. أما أكثر العناصر المثيرة للإبهار به المخطط المصغر الخاص بـ«المدينة العليا» والقائم على مساحة غرفة. يبلغ سعر تذكرة دخول المتحف 20 كونا، أو ما يعادل 3.85 دولار تقريبا قياسا إلى 5.23 كونا للدولار الواحد. أما الأطفال في السابعة من العمر وما دونها فلهم حق الدخول مجانا.

* 6 مساء: (2) انصراف الفصل: كان شارع تكالسيسيفا المخصص للمشاة فقط في يوم من الأيام مجرى مائيا يفصل بين غراديك وكابتول. أما الآن، فيعج الشارع بالمقاهي والمحال والورش الفنية. ويعد «كافيه بار سيسا»، حيث يجري استخدام ماكينات غسل قديمة تمت إعادة تدويرها كمناضد، النافذة الأمثل لمشاهدة أبناء مدينة زغرب، وتناول زجاجة من الجعة المحلية (17 كونا مقابل نصف لتر). كما يتوافر نوع خاص من البراندي ومشروبات سلافية مسكرة بنكهات متنوعة، بينها العسل والعنب والجوز. أما إذا لم تراودك الرغبة في تناول مشروبات مسكرة، بإمكانك التوجه إلى مطعم «إيفيكا إي ماريكا»، المتميز بطعامه الصحي الخالي من السكر الأبيض والدقيق الأبيض. ومن بين أفضل ما يمكنك الحصول عليه هناك الستردل التفاح وكعكة الجزر بنكهة الزنجبيل والقرفة (يبلغ سعر كل منها 15 كونا).

* 8 مساء (3) طعام وموسيقى: مثلما الحال مع الكثير من المطاعم التقليدية هنا، يوجه «فينودول» اهتماما خاصة للحوم. أما وجه الاختلاف الذي يميز هذا المطعم، المتميز بمكانة كبرى منذ حقبة يوغسلافيا في ظل رئاسة تيتو، فيكمن في أسلوب العرض. داخل قاعة الطعام المميزة بالآجر المقنطر وفي الساحة المكسوة بنبات اللبلاب، حيث يعكف الطهاة على شواء شرائح اللحم، تتميز الخدمة بمستوى فائق من الجودة. يقدم المطعم الحمل (80 كونا) والتروتة المشوية (78 كونا) بمذاق مبهر. على الجهة المقابلة من الشارع، يوجد «نادي بي بي»، الذي يتولى إدارته ملك موسيقى الجاز الكرواتية، بوسكو بيتروفيك. يستضيف النادي أربعة مهرجانات سنوية، علاوة على حفلات ليلية. تبدأ العروض 9 مساء (بأسعار تتراوح بين 30 و50 كونا).

* السبت: 10 صباحا (4) القهوة: يشير لفظ «سبيكا» إلى الممارسات التي اعتادها سكان زغرب صباح السبت، حيث يملأون المقاهي الواقعة قرب ميدان جيلاسيك المحوري. وينتج عن ذلك ظهور مسابقة في الأناقة. أما الأجانب، فليست أمامهم فرصة كبيرة للفوز في مسابقة الأناقة الارتجالية تلك. أفضل ما يمكنك فعله في هذا الوقت الجلوس على مقعد بمقهى «بولدوغ» وطلب قدح ماكياتو كبير (13 كونا) والتمتع بالعرض المجاني. بعد أن تشبع تماما من المشاهدة، يمكنك التوجه إلى مطعم «ميلينيم» للحلوى الواقع على الجهة المقابلة من الشارع.

* 1 مساء: (5) السوق: في دولاك، السوق الرئيسة في زغرب للمنتجات الطازجة، (يعمل من الأحد إلى الجمعة من 6 صباحا حتى 2 مساء، وأيام السبت يمتد العمل إلى 3 مساء)، تجد جيشا كبيرا من المظلات الحمراء التي تظلل على أكشاك تبيع العسل والزهور والجبن، علاوة على الكثير من الفواكه والخضروات المحلية الموسمية. وأخبرني أحد الباعة أن «ما تطلقون عليه عضويا، نطلق عليه طعاما». بعدما فتحت شهيتك بمرورك في السوق، توجه إلى مطعم «كيريمبو»، المطل على الجانب الشمالي الغربي من دولاك. توجد مجموعة من المناضد الموجودة خارج المطعم بجانب لوحة كبيرة تعلن عن الأطباق المميزة اليومية، أو بمقدورك مشاهدة الهرج والمرج في المنطقة من وراء نوافذ ضخمة من داخل المطعم. ويمكنك الحصول على سمك ذئب البحر المشوي مع الشمندر السويسري وبطاطا (75 كونا).

* 3 مساء: (6) النشاط: من خلال الجزء الأدنى من المدينة يمكنك التعرف على طابع الحياة اليومية لزغرب أكثر من الجزء الأعلى منها. ويضم الجزء الأدنى مباني يغب عليها الطابع المعماري المميز للقرن التاسع عشر وتهيمن على المنطقة المتنزهات. وحول هذه المتنزهات، يوجد مزيج من الهياكل المعمارية الضخمة والأماكن الثقافية. يتمثل المعقل الثقافي الفني الرئيسي في المدينة في «متحف ميمارا»، وهو عبارة عن قصر ينتمي لحقبة النهضة الجديدة في القرن التاسع عشر ويفتح أبوابه من الثلاثاء حتى الأحد (سعر تذكرة الدخول 40 كونا). ويضم المتحف نحو 3.000 قطعة فنية تتنوع بين المنسوجات الفارسية وأعمال رينوار وروبنز وديغاس.

* 8 مساء: (7) نكهة دلماسيا: تعج زغرب بالمهاجرين من مختلف أنحاء كرواتيا، وعليه فإنها تعكس أذواق الطعام المتنوعة بالبلاد على نجو جيد. تضم زغرب فندق «ديدوف سان» ـ «حلم الجد» ـ الذي يعرض أطباقا خاصة من منطقة دلتا نهر نيريفتا. ورغم رحيل الجد المؤسس للفندق، فمن المؤكد أنه كان سيشعر بالفخر بما بلغه الفندق من مكانة على يد العاملين فيه الذين يقدمون يخنة ضفادع وأسماك الأنقليس (180 كونا) ولحم الحمل مع خضروات (150 كونا). ويتميز الفندق بمناضده المغطاة بأقمشة حمراء والأنوار الصادرة عن السقف.

* منتصف الليل: (8) الموسيقى: يعد «بيرجيراج» الخيار الأمثل للعروض الموسيقية الحية في خضم مجموعة النوادي الكثيرة الموجودة خلف أبراج الكاتدرائية. يقع النادي بمنطقة منعزلة نسبيا في قلب متنزه ريبنجاك، ويعرض مجموعة متنوعة من أنواع الموسيقى أمام جمهور من جنسيات مختلفة. ويضم النادي قاعة رقص مزخرفة بصور أغلفة الألبومات الغنائية، حيث يمكنك الاستمتاع بالرقص والموسيقى إلى ما بعد منتصف الليل. (سعر التذكرة في عطلات نهاية الأسبوع تبلغ نحو 15 كونا).

* الأحد: 10 صباحا (9) الحنين للماضي: يثبت سوق التحف القائم في بريتيش سكوير (الميدان البريطاني) أنه ما يزال من الممكن العثور على أشياء قيمة تنتمي لحقبة يوغسلافيا. يضم السوق سلعا متنوعة مثل صور لتيتو وصناديق للسجائر وعملات وميداليات وسلع أخرى ترتبط بالمدارس. ويمكنك التوجه إلى «إلي كافيه»، حيث يقوم صاحب المقهى، نيك أوروسي، بنفسه بطهي الطعام وتقديمه. (يبلغ سعر قدح كابتشينو 12 كونا).

* 1 مساء: (10) الطبيعة: قبل الاستعداد للرحيل، يمكنك الجلوس قليلا في «ميدفيدنيكا نيتشر بارك»، وهو متنزه يقع على مساحة 56.000 أكر بمنطقة جبلية تطل على زغرب، ويضم المتنزه الكثير من الظباء والثعالب، إلى جانب أشجار البلوط. ويمكنك التوجه بعد ذلك سيرا على الأقدام إلى بنتيجاركا التي تضم مطعما يمكنك خلاله تناول يخنة من الفاصوليا والسجق (15 كونا).

* التنقل والإقامة في المدينة:

* يعتبر التنقل بالترام مريحا وغير مكلف (8 كونا لمسافة تستغرق 90 دقيقة). بالقرب من محطة قطار «آرت نوفو»، يوجد فندق «ريجينت إسبلاناد» الذي افتتح عام 1925. وقد سبق أن استضاف الملكة إليزابيث الثانية ولويس أرمسترونغ. ويضم مطعما جيدا وحانة، وتبدأ أسعاره من 140 يورو (203 دولار) للغرفة المزدوجة. ويتميز فندق «هوتيل دوبروفونيك»، الذي يرجع تاريخ إنشائه لعام 1929، بأثاثه الخشبي وخدمته الممتازة. كما يتميز بموقع ممتاز حيث يطل أحد جوانبه على المشهد الاجتماعي سالف الذكر صباح السبت، بينما يطل الوجه الآخر على ميدان جيلاسيك. يبلغ سعر الغرفة المزدوجة 165 يورو. * خدمة «نيويورك تايمز»