الداخلة المغربية تساير موجة التزحلق على الماء لجذب السياح

صنفت ضمن 5 أفضل مواقع عالمية لممارسة رياضة «الكايت بورد»

سياح يمارسون رياضة الكايت بورد في خليج مدينة الداخلة («الشرق الأوسط»)
TT

ترغب مدينة الداخلة المغربية في أقصى الصحراء، قرب الحدود الموريتانية أن تتحول إلى نقطة جذب سياحي اعتمادا على رياضة تمارسها النخبة أو بعض المغامرين من السياح الأوروبيين والأميركيين. الداخلة عاشت أسبوعا على إيقاع منافسات المرحلة ما قبل النهائية لكأس العالم في رياضة «كايت بورد»، شارك فيه 60 بطلا من 25 بلدا بينهم 15 مغربيا. وهذه هي المرة الأولى التي تنظم لقاء الداخلة من هذا الحجم. وتعلق المدينة الداخلة الكثير من الآمال على هذه التظاهرة لشد انتباه المستثمرين السياحيين وتعريفهم بما تتوفر عليه منطقة وادي الذهب وحاضرتها الداخلة، من فرص وقدرات سياحية. ويقول أحمد حرمة الله، مدير وكالة التنمية الاجتماعية لمنطقة وادي الذهب «المدينة تسعى مند مدة لاكتساب موقع على الخارطة العالمية للرياضات البحرية، ونجحت إلى حد ما في تحقيق هذا الهدف. إذ على مدار السنة أصبحت الداخلة تستقطب ممارسي رياضات التزحلق على الماء، بما فيها «الكايت بورد» الذي يتميز باستعمال طائرات ورقية ضخمة». ويضيف حرمة الله «لا يكاد يمر أسبوع دون أن تستقبل الداخلة أبطالا عالميين في هذه اللعبة، والذين يأتون إما من أجل التدريب والاستعداد للمنافسات التي يخوضونها عبر العالم، وأيضا في إطار الزيارات التي تنظمها الشركات الكبيرة المنتجة للتجهيزات الرياضية بهدف تجريب آخر منتجاتها».

يتذكر فريديريك كرافوال، منظم كأس العالم للكايت بورد، زيارته الأولى إلى الداخلة قبل ست سنوات، لبحث إمكانية إدراج خليج الداخلة ضمن الدوري العالمي، وكيف أصيب آنذاك بخيبة أمل لعدم توفر المدينة على الحد الأدنى لشروط الإقامة السياحية اللازمة لتنظيم التظاهرة. وهو يعتقد أن «الداخلة موقع متميز جدا، تتمتع بطقس صحو على مدار السنة، ورياح مواتية لممارسة «كايت بورد» خلال 300 يوم في السنة، بالإضافة إلى المنظر الخلاب لخليج الداخلة، والمفارقة الساحرة بين الصحراء والماء» ويضيف قائلا «خليج الداخلة مصنف كواحد من بين أفضل خمسة مواقع في العالم لممارسة كايت بورد. لكن المشكلة التي صادفتنا في 2003 هي أن المدينة لم تكن مستعدة، لم نجد آنذاك حتى الحد الأدنى من البنيات التحتية السياحية الضرورية».

ويضيف كرافوال «الآن نلاحظ أن الأوضاع قد تغيرت كثيرا مقارنة مع 2003. إذ أصبحت الداخلة تتوفر على بنيات تحتية سياحية تؤهلها لاحتضان إحدى مراحل الدوري العالمي الذي يجري سنويا في تسع مراحل، كل مرحلة في بلد مختلف». بيد أن العوامل التي كانت تعتبر سلبية في الماضي أصبحت اليوم مزايا. إذ حولت الرياح إلى قبلة لهواة ومحترفي الرياضات البحرية، ومع اجتذابها للاستثمارات السياحية الملائمة وتوفر وسائل النقل ستصبح الداخلة مستقبلا منافسا قويا في هذا المجال لمدينة الصويرة وأيضا لجزر الكناري القريبة.

ويقول مراد عامل، المفتش الإقليمي للتعمير في المدينة «بعد أن كانت الاستثمارات في الماضي منحصرة في مجال الصيد البحري، نلاحظ اليوم بروز توجه قوي للاستثمار في مجالات أخرى وفي مقدمها السياحة». ويضيف خليج الداخلة الذي يتخذ شكل امتداد مستطيل للبحر داخل المدينة بطول 40 كيلومترا وعرض عشرة كيلومترات، ثروة حقيقية بالنظر لإمكانيات الاستثمار السياحي التي يتيحها. وأوضح مراد عامل أن هناك خطة للنهوض بالسياحة في المنطقة وإنشاء ستة مشاريع سياحية رائدة حول خليج الداخلة. ويقع المشروع الأول على مساحة 400 هكتار في موقع «كرارت فرتت» على الشاطئ، ويشتمل على إنشاء وحدات فندقية تصل قدرتها الاستيعابية إلى خمسة آلاف سرير، وهو موجه للسياحة المرتبطة بالرياضات البحرية.

والمشروع الثاني يقع في وسط مدينة الداخلة، وهو عبارة عن مجمع سياحي حول قصر للمؤتمرات، وهو موجه لسياحة الأعمال والمؤتمرات. ويرتكز المشروع على مسألة البعد عن مراكز الحضارة، وأجواء الهدوء والتأمل التي توفرها البيئة الصحراوية.

المشروع الثالث يدور حول العلاج بالمياه الجوفية المشبعة بالكبريت وبمياه البحر. وتم إعداد موقع «تورطة» على الشاطئ لاستقبال المشروع. وتبحث سلطات الداخلة عن مستثمر حرفي لتنفيذ هذا المشروع.

كما تم تجهيز مواقع «الفارو» و«بورتوريكو» و«العركوب»، المحيطة بخليج الداخلة لاستقبال مشاريع سياحية أخرى، كلها ترتبط بالإمكانيات الطبيعية للمنطقة.

إدريس السنوسي أحد المستثمرين الأوائل في القطاع السياحي في المدينة يقول «إن الثروة السياحية الحقيقية لهذه المنطقة هي الخليج الذي يمتد داخل المدينة ويجعل من الداخلة عبارة عن شبه جزيرة. والشيء الذي لا يجب أن نغفل عنه عندما نتكلم عن الاستثمار السياحي هنا، هو أن هذا الخليج هو محمية طبيعة مصنفة، ويمنع فيه الصيد. لذلك فالمشاريع السياحية عليها أن تأخذ هذا الواقع بعين الاعتبار». ويضيف السنوسي «أعتقد أن التوجه الذي علينا أن نعطيه للاستثمار السياحي في منطقة الداخلة، هو الاستثمار في مشاريع صغيرة مندمجة مع محيطها، ورؤوفة بالبيئة. وعلى هذه المشاريع أن تتمحور حول تثمين المؤهلات الطبيعية للموقع».